مليانة
معالم شاهدة على الحكم العثماني
- 1038
شهدت مدينة مليانة التي أصبحت في عام 1517 أول قيادة تركية في منطقة الجزائر العاصمة، على غرار مدن عديدة في المغرب العربي آنذاك، غزوات كثيرة تم في سياقها تشييد العديد من المعالم الشاهدة على الحكم العثماني بالمنطقة.
تعتبر مليانة مدينة جذابة، بسبب موقعها الجغرافي الإستراتيجي، حيث تتربع على علو 740 مترا فوق هضبة صخرية بجبل زكار الذي يغطيها كليا من جهة الشمال. يؤكد المؤرخون أن عروج بربروس اختار هذه المنطقة بالذات لجلب قبائل المخزن، وتوسيع التواجد العثماني في مدن أخرى من البلاد، لاسيما مدن الغرب.
دار الخلافة: مؤشر على وجود الأتراك
اعتبر عالم الآثار والمدير السابق لمصنع الأسلحة بمليانة، عباس كبير بن يوسف، أن دار الخلافة المعروفة أيضا باسم دار الأمير، تشكل في تصميمها أحد المؤشرات الهامة التي تشهد عن وجود الأتراك في المدينة. وأوضح السيد بن يوسف الذي يُعدّ رساما ومصورا وموسيقارا وكاتبا للعديد من الكتب والرسوم المتحركة التي تتناول تاريخ الجزائر، أن دار الخلافة التي كانت مقر إقامة أول حاكم عثماني بلميانة، الحاكم حسان، ثم مقر إقامة عثمان الكردي الذي أصبح بعد ذلك باي المدية، أصبحت مقر خلافة الأمير عبد القادر منذ 1835 وسُميّت باسمه "دار الأمير".
وتوجد بداخل فناء المبنى (غرب الدار) المصمم وفق الطابع العربي الإسباني، والممتد على مساحة تزيد عن 2600 متر مربع، نافورة ماء تحيط بها الأروقة المحصنة بأقواس.
عُرف المبنى الذي صُنّف في 1992 تراثا ثقافيا وطنيا، عملية تجديد وتهيئة، ليتحول إلى متحف يتضمن العديد من صالات العرض (صالة لتطور تاريخ البشرية وأخرى للتحف الرومانية القديمة والمقاومة الشعبية وحقبة حرب التحرير).
من جهته، أوضح رئيس مصلحة الحفريات بمديرية الثقافة بعين الدفلى، السيد يخلف فريد، أن تصميم دار الأمير يأخذ في الحسبان عددا معينا من الخصوصيات المتعلقة بالثقافة الإسلامية، منوّها في هذا الإطار بمدخل البناية وموضع الغرف حول الفناء الداخلي وكذا وجود حمام بالداخل، وهي مؤشرات على البصمة التي تركها العثمانيون في مجال البناء.
ضريح سيد أحمد بن يوسف أو بركة الولي الصالح
يعدّ ضريح سيد أحمد بن يوسف بمليانة، أحد المعالم الشاهدة على البصمة التي تركها الأتراك خلال مرورهم بهذه المدينة، ويضم هذا الضريح الذي بناه باي وهران، محمد الكبير في 1774، تكريما لسيد أحمد بن يوسف (الذي يعتبر الولي الصالح للمدينة)، ثلاثة ملاحق وهي: المحراب والمسجد والزاوية التي تتضمن عدة غرف صغيرة تختص باستقبال طلبة القرآن وعابري السبيل.
يؤدي المدخل الرئيسي للصرح إلى باحة كبيرة تحيط بها الأروقة المزوّدة بالأقواس، والمزينة بشجرة الجوز وشجرة البرتقال وأخرى للياسمين، يعرف هذا المعلم الذي صنف كتراث وطني في 1978، والذي يعد مركبا ثقافيا في الوقت الحالي، عملية تجديد وتهيئة.
كما تضم المدينة "ساعة البطحة" المسماة بهذا الاسم، لأنها بنيت في موضع منارة مسجد عتيق تحمل اسمه، وتشهد بدورها حصون المدينة المبنية من أجل ضمان الدفاع عنها ضد كل هجوم محتمل، على بصمة الأتراك الذين لجأوا إلى أحجار هذه الحصون من أجل بناء سورين؛ الأول يحيط بالقصبة من الجانب الجنوبي الشرقي للمدينة، في حين يحيط الثاني بالمدينة التركية من الجانب الشمالي والشرقي.
❊ق.ث