من تنظيم جمعية الدراسات الفلسفية وجامعة بجاية
ملتقى حول فكر محمد أركون
- 1368
تنظم الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، بالتعاون مع جامعة بجاية، الملتقى الوطني حول فكر المفكر محمد أركون، هذا الأربعاء، بمشاركة أساتذة ودكاترة من مختلف جامعات الوطن.
جاء في ديباجة الملتقى الذي تحتضن فعالياته كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية لجامعة بجاية، أن أركون رحل عن عالمنا في 14 سبتمبر 2010، وإن كان هذا الرحيل قد غيب أركون الشخص، إلا أنه لم يزد -أركون النص- إلا حضورا واهتماما من قبل المهتمين بالشأن الفلسفي والفكري عموما في العالم العربي-الإسلامي خاصة، والعالم أجمع عموما، هذا الاهتمام لم يكن كذلك، لأن الراحل ترك مدونة نصية جديرة بالدراسة شرحا وتحليلا وتقييما، لما اتسمت به من ثراء وتعقيد، وطرحته في ساحة التداول من مفاهيم ومناهج، ولما تضمنته من أشكلة وإعادة مفهمة لموضوعات عدت في السابق من قبيل المعلوم الواضح البين.
ومنذ أعماله الأولى، لم يسلك أركون الطريق السهلة التي تتحقق معها الطمأنينة والراحة النفسية، ولو على حساب الحقيقة التاريخية، بالركون إلى الإجابات الجاهزة والاكتفاء بما هو موجود، بل اختار أركون لنفسه طريق السؤال والشك والنقد والتمرد، النقد بكل جرأة. وهكذا، ظل أركون طوال حياته، مسكونا بهاجس التجاوز، فكان سؤاله الأكبر: كيف يمكن أن نكون مسلمين جديرين بلحظة الحداثة بشقيها المادي والعقلي، وبتمظهراتها السياسية والعلمية والفنية؟، كيف يمكن إعادة ربط العالم الإسلامي بماضيه أثناء فترة ازدهاره في القرون الهجرية الخمسة الأولى، وكيف يمكن ربطه في نفس الوقت بحاضر غيره المتطور، والذي يزداد تطورا يوما بعد يوم منذ ثلاثة قرون أو أزيد؟، فكان المشروع الفكري الذي نظر له أركون تحت مسمى "نقد العقل الإسلامي" أو "الإسلاميات التطبيقية"، والذي طرحه عبر أعماله العديدة، واقعا بين قطبي التراث والحداثة.
فالموضوع هو التراث الإسلامي في كليته، والمنهج هو أحدث المناهج المتبناة في العلوم الإنسانية والاجتماعية. كما فتح أركون من خلال مشروعه الفكري ورشات عديدة، حتى أنه يبدو في كتاباته كمن يحفر في كل الاتجاهات، ويريد فتح كل الأبواب، أولى ورشاته أنه سعى إلى تطبيق أحدث المناهج المتاحة في إعادة قراءة التراث العربي الإسلامي في كليته، قصد تجاوز الرؤية الاستشراقية للتراث الإسلامي أو الإسلاميات الكلاسيكية، كما يسميها، وكذا الرؤية الغالبة لدى المسلمين حول تراثهم، ومن هذا التوجه انبثقت الورشة الثانية، وهي ورشة الأنسنة التي اكتشفها في أطروحته حول مسكويه.
وقد حاول محمد أركون إعادة بعث هذه النزعة الجريئة والمتحررة في المشهد العربي الإسلامي، الذي يدمر فيه الإنسان من كل الأطراف، ومن هنا تفرض ورشة أخرى نفسها، ويُقصد بها ورشة العلمنة وما يرتبط بها من إشكالية العلاقات بين الدين والدولة والمجتمع المدني. في المقابل، موضوعات كثيرة ناقشها أركون وكتب حولها طارحا حولها أسئلة شائكة، وشخصيات كثيرة توقف عندها شارحا ومحللا لأفكارها، أو ناقدا متذمرا من مواقفها، في كلتا الثقافتين العربية الإسلامية أو الغربية، خاصة الفرنسية منها، لا يتسع المجال لذكرها والتفصيل في مختلف مواقفه منها.
في إطار آخر، سيتم خلال هذا الملتقى الذي يترأسه الدكتور حدوش زهير، التطرق إلى ثلاثة محاور، وهي مفاهيم أركونية، مواقف أركونية، وآفاق أركونية. كما سيتم تقديم العديد من المداخلات، من بينها مداخلة الأستاذ الدكتور محمد بومالة والدكتورة حمدية عبد القادر بعنوان "في مساءلة مرجعيات المشروع الأركوني، المفكر الفرنسي بيار بورديو أنموذجا"، وكذا محاضرة الأستاذ الدكتور فارح مسرحي بعنوان "أسئلة أركون وأجوبته"، ومداخلة الدكتور عبد الله بن جابر بعنوان "أزمة الوعي العربي المعاصر في فكر محمد أركون (رحلة البحث عن الموديل الإسلامي الأمثل).