عن كتاب "الجزائر 1962، حكاية شعبية"

مليكة رحال تقتنص جائزة "موعد مع التاريخ"

مليكة رحال تقتنص جائزة "موعد مع التاريخ"
  • 509
لطيفة داريب لطيفة داريب

فازت الكاتبة الجزائرية مليكة رحال بالجائزة الكبرى "موعد مع التاريخ" عن كتابها "الجزائر 1962، حكاية شعبية"، الصادر حديثا عن دار النشر "لاديكوفارت"، وسيتم تسليم الجائزة للفائزة في 8أكتوبر بفرنسا.

يقع كتاب مليكة رحال المعنون بـ "الجزائر 1962، حكاية شعبية"، في 493 صفحة. جاء في بعضها أن عام 1962 شكّل بالنسبة للجزائر، نهاية الحرب، والانتقال الصعب لتحقيق السلام. كما وُضع في هذا العام، حد لاستعمار فرنسي طويل، اتسم بمزيج نادر من العنف والتطبيع الثقافي. وقد شهد، كذلك، ظهور دولة جزائرية، مهتمة، أساسا، بضمان استقرارها، والحفاظ على سكانها.

وإذا كان هذا التاريخ في بلدان الضفة الجنوبية من المعمورة، أصبح رمزا لكل استقلال الشعوب المستعمرة. ففي فرنسا عُرف بجملة من تجارب الأقدام السوداء والحركى. أما في الجزائر فقد اختصر تاريخ عام 1962 بشكل أساس، في الأزمة السياسية لجبهة التحرير الوطني، والصراعات بين الأشقاء التي رافقتها، في وقت شحت المعلومات عن موقف كل من كان يقطن الجزائر عام 1962. ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب، الذي يهدف إلى التعريف بأسلوب عيش سكان الجزائر عام 1962، وردّة فعلهم أمام الأحداث التي جرت في ذلك العام، وهي وقف إطلاق النار في إيفيان، وتحديدا في 19 مارس، والاستقلال في جويلية، وإعلان الجمهورية الجزائرية في 25 سبتمبر.

وقدّمت مليكة رحال في كتابها هذا، تحقيقا معمقا عن التجارب التي عاشها البعض، ضمن ما يسمى بـ "التاريخ السياسي"، من خلال جمع الشهادات، والسير الذاتية، والصور، والأفلام، والأغاني والقصائد، لتبرز، بذلك، تاريخا شعبيا غائبا إلى حد كبير، عن المقاربات التقليدية. كما سلطت الضوء على يأس المستوطنين الفرنسيين، الذين انهارت حياتهم في الجزائر، ما ساهم في تغذية عنف المنظمة العسكرية الفرنسية بالجزائر، وفي عودة 300 ألف لاجئ جزائري من تونس والمغرب، إضافة إلى تحرير معسكرات الاعتقال حيث احتجز ربع السكان المستعمرين، والاحتفالات الشعبية الرائعة.

ووصفت رحال في كتابها هذا، التجارب الجماعية التأسيسية للبلاد التي ولدت عند الاستقلال، مثل تسريح جيش التحرير الوطني وإعادة تشكيله، والبحث عن الموتى والمفقودين من قبل أقاربهم، واستغلال المساكن والأراضي التي تركها من فروا من البلاد، ليكون هذا الكتاب لوحة جدارية لا مثيل لها، رائعة من البداية إلى النهاية.

للإشارة، تكافئ الجائزة الكبرى "موعد مع التاريخ"، منذ عام 1998، الكتب التاريخية المكتوبة باللغة الفرنسية، والتي تساهم في تطوير البحث التاريخي، أو نشره. وتمنح في تظاهرة "موعد مع التاريخ" لبلوا (مدينة فرنسية) والتي تعد مهرجانا تاريخيا للعالم الفرنكفوني، علما أن الجائزة بشكلها الأخير، تم إنشاؤها في طبعة المهرجان لعام 2009، أما قبلها فقد كانت تسمى بجائزة "أوغسطين تيري".

كما تشكلت لجنة تحكيم الجائزة الكبرى "موعد مع التاريخ" لهذا العام، من موريس سارتر رئيسا، بعضوية كل من سيلفي أبريل، وفابيان أرشومبو، وميشال بوبينيساك، وجان فرانسوا شوفا، وصوفي كوري، وأوليفيي كومبانيون، وماري لور ديرا، وكلوديا مواتي، وأنلياس ناف، وبيار فرانسوا سويري.

أما مليكة رحال فهي من مواليد عام 1974، مؤرخة مكلفة بالأبحاث في مركز تاريخ الزمن الحاضر بباريس، تعمل على تاريخ الجزائر المعاصر. نشرت كتبا مهمة عن تاريخ الحركة السياسية ما قبل ثورة الجزائر، وكذا كتاب "علي بومنجل، قضية فرنسية قصة جزائرية" (2010). وتسعى رحال لإدخال تاريخ الجزائر ما بعد الاستقلال، كموضوع بحث في المراكز والمعاهد. وفي كتابها الجديد تناقش رحال العام صفر للاستقلال، وكيف عاشه الجزائريون والأوروبيون.