رفيق موهوب لـ"المساء”:
"منام ميت" عودة لأيام العثمانيين بالجزائر

- 542

دخل رفيق موهوب، أول تجربة روائية له، تحت عنوان "منام ميت"، وهي مغامرة تستحق الاستمرار، وتعكس حلم الكتابة الآتي من عالم مدهش ليس من السهل الخروج منه. وتحدث لـ"المساء" عن هذه التجربة، متطرقا لروايته التي قال إنها تبدأ فصولها بمنام مفزع لرجل من العامة، يرى نفسه جالسا في قصر الداي، متربعا على عرش مملكة، لينتهي منامه بمقتله، ويتحقق هذا الكابوس ليجد بطل القصة نفسه وبعد رحلة غريبة، يعيش هذا الحلم بكل تفاصيله. رجل نكرة من العامة يجد نفسه صدفة غسالا للموتى من الطبقة الحاكمة وحاشيتها، ثم تلعب سخرية الأقدار دورها، لتقذف به فوق عرش مملكة الجزائر دايا على أقوى مملكة في جنوب البحر المتوسط، ويحكم البلاد أربعة أشهر فقط، ثم يقطع رأسه بعد انقلاب عليه.
يقول محدث "المساء"، إن "الدافع الأساسي للكتابة في الحقبة العثمانية جاء كوني خريج معهد التاريخ بجامعة الجزائر، ومولع بكل ما هو تاريخي، كما أن الفترة العثمانية مظلومة في الجزائر، لا يوجد كتب أو روايات أو أفلام تناولت تلك الحقبة، مع أنها فترة طويلة من تاريخ الجزائر دامت ثلاثة قرون، وكانت الجزائر في العهد العثماني قوة بحرية كبيرة وتتحكم بشكلٍ كلي في البحر الأبيض المتوسط والملاحة التجارية، فقد كانت تحصل الضرائب على كل السفن المارة عبره، ووصل الأسطول الجزائري إلى الدانمارك، كما فرضت على الولايات المتحدة الأمريكية كتابة معاهدة صلح باللغة العربية في عهد ابن الجزائر الرايس حميدو”، وهي فصول مضيئة من تاريخ الجزائر سطرتها أيادي الجزائريين والأتراك، وقليل من يعلم أن عرش مملكة الجزائر لم يكن دوما ملكا للأتراك، بل تقلده جزائريون أشهرهم الداي الحاج محمد أعراب.
يضيف موهوب “ما أتأسف له حقا هو أن المنظومة التربوية لا تعطي حيزا لائقا لتلك الفترة في مناهجها، وتمر عليها مرور الكرام، مما يطرح تساؤلات كبيرة حول الغرض من تهميش ثلاثة قرون من تاريخ الجزائر، وعدم ترسيخها في وعي المواطن كفترة مرت بها الجزائر كباقي الفترات التاريخية، كما لا ننسى أن الأرشيف الخاص بتلك الفترة لا يزال لدى فرنسا بعد استيلائها عليه خلال فترة الاحتلال. وعملت فرنسا بكل وسائلها الأكاديمية والإعلامية والسياسية على تشويه تلك الفترة لتبريرها احتلال الجزائر بحجة أنها جاءت لجلب الحضارة لشعب متخلف ومضطهد، في عصر كانت القصبة الجزائرية تحوي الحمامات والعيون ومياه الشرب، وكذا شبكات صرف المياه، بينما كانت شوارع باريس رمزًا للقذارة.
ويرى الروائي الشاب، أن كل هذا لا يجب أن يعمينا عن الحقيقة الكاملة ويمنعنا عن تأدية الأمانة التاريخية، التي تقتضي أن نعترف أيضا بأنها لم تكن كلها حقبة جميلة مليئة بالشرف والرخاء والحرية والعدالة، بل "كانت الفترة كغيرها من الفترات، تتخللها نقاط مظلمة وأخرى مضيئة". شخصية علي الغسال شخصية مثيرة للجدل، والمصادر التاريخية لم تتناولها بكثير من التفصيل -حسب الروائي-، ربما لاعتبارات سياسية وشح المصادر، بفعل جدلية التأريخ والذاكرة، التي تجعل المجتمع يتناسى بعض الفصول التاريخية المخزية، والتي يعمل البعض على طمسها في الذاكرة المجتمعية، إما عبر الدعاية المضادة أو الإكراه، فعلي الغسال فصل من تلك الفصول في تاريخ الجزائر العثماني، حاول الروائي طرحها للقارئ دون كثير من التشويه التاريخي أو التزويق الفني، والبقاء حياديا أثناء طرح الحدث التاريخي، حتى لا يُتهم بمحاكمة فترة من الفترات عبر روايته، وليترك للقارئ الحكم واتخاذ الموقف الذي يراه صائبا.