سكيكدة

منطقة سيدي أحمد تستذكر هجمات 20 أوت 1955

منطقة سيدي أحمد تستذكر هجمات 20 أوت 1955
  • 825
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

كسرت منطقة سيدي أحمد بأعالي سكيكدة، الروتين الذي كان يميّز عادة الاحتفالات المخلّدة لذكرى هجمات 20 أوت 1955 على الشمال القسنطيني التي قادها الشهيد البطل الرمز زيغود يوسف. فبعد 69 سنة رُفع علم الشهداء أخيرا، على المقام الزكي لسيدي أحمد.

لقد مكّنت الاحتفالية التاريخية التي عاشتها منطقة سيدي أحمد، من إخراج تلك الأجواء الاحتفالية المعتادة، من القاعات المغلقة ـ والتي، في كثير من الأحيان، يغلب عليها الطابع البروتوكولي ـ إلى الفضاء الخارجي وبالضبط بالمكان الذي اجتمع فيه المجاهدون وباتوا فيه يوم 19 أوت، قبل الانطلاق في شن تلك الهجمات التاريخية المباركة، ألا وهو مقام الولي الصالح سيدي أحمد بالضاحية الغربية للمدينة، ممّا أعطى ذلك النشاطَ رمزيةً أكثر، وأثرا طيبا، كما أعطى المكانَ قدسيته التاريخية، لا سيما بحضور عدة جمعيات؛ منها جمعية الزهرة للمشي لولاية قسنطينة، ووجوه معروفة على الساحة الوطنية؛ كالكاتب والصحفي صاحب مؤلف من "حصى سيدي أحمد" ، موات عزيز، وخالد بلحاج فنان تشكيلي، ومبروك قربوعة رئيس سابق للفيدرالية الوطنية للدراجات، وسمير وهواه محافظ المهرجان الدولي للإنشاد، وأحمد بودرمين صاحب دار النشر القبية من الجزائر العاصمة، إلى جانب حضور مثقفين وفنانين آخرين جاءوا بمبادرة تلقائية، منهم من ولايات البليدة، والبويرة، والعاصمة، وتيبازة، وباتنة، والطارف، وتيزي وزو، وسوق أهراس، وقسنطينة، وقالمة، ومستغانم وسكيكدة، وكذا من خلال مشاركة مديرية الثقافة، والمتحف الجهوي العقيد علي كافي. والأجمل في هذه التظاهر التاريخية والفنية والثقافية، أنها أعادت إلى الأذهان، من المكان نفسه، الاستعدادات للهجوم التاريخي يوم 20 أوت 1955، وكذلك بالنسبة للجمهور؛ من ربات بيوت وشباب وشيوخ وأطفال.
وعلى مدار ثلاثة أيام كاملة، عاشت منطقة سيدي أحمد أجواء مفعمة بالوطنية والذكرى، وبمختلف الأنشطة الثقافية والفنية والتاريخية، تجاوب معها الحضور بشكل رائع، وكانت في صميم طبيعة التظاهرة التي شملت الأداء الموسيقي والإنشادي، والفن التشكيلي والرسم من وحي الذكرى واللحظة، والقراءات الشعرية الشعبية، والعرض السينمائي. ثم إنّ السرد الحي الذي قدّمه المجاهد علي علقمي الذي كان أحد الفاعلين في هجمات 20 أوت 1955 بسكيكدة في الكيفية التي تمت بها التحضيرات لتلك الهجمات، زاد من قيمة تلك الاحتفالية بعد أن تمكّن المجاهد علي علقمي من أن يشدّ انتباه كل الحضور والمشاركين؛ ما جعلهم يعيشون تلك اللحظات التاريخية الحاسمة كأنها حقيقية مع المجاهدين، فيما تابعت العائلات كل الأنشطة المقدّمة في أجواء عائلية حتى ساعة متأخرة من الليل.
وكرمزية أخرى، نظّم جوالة من مختلف جهات الوطن وفاعلون محليون ومواطنون شباب بمن فيهم منخرطو جمعية الزهرة للمشي، جولة مشيا على الأقدام في أثر الشهداء والمجاهدين في المسلك الذي سلكوه صبيحة 20 أوت 1955، من مقام سيدي أحمد إلى قلب المدينة.
وأجمع كل الذين شاركوا في الاحتفالية على أن التظاهرة التاريخية التي احتضنها مقام سيدي أحمد، كانت تظاهرة اتصالية وتفاعلية بين كافة الحاضرين بمختلف مراتبهم ومناصبهم ومنزلتهم. وتجاوبوا بفعالية معها؛ فكان الكل وبصوت واحد، يرددون مختلف الأناشيد الوطنية في أداء متناسق. وصنعت تظاهرة سيدي أحمد التاريخية ملحمة أخرى، حينما ربطت الجيل الحالي بالجيل الذي صنع تاريخ الجزائر. ومن المكان بالذات الذي كان منطلقا لهجمات 20 أوت 1955 في سكيكدة.