ندوة الموروث العربي في الأدب الأفريقي
نحو تجاوز الحواجز الثقافية وتعزيز الهوية المشتركة
- 174
عرفت ندوة "الموروث العربي في الأدب الافريقي" نقاشات ثرية حول أهمية تعزيز التعاون بين الأدباء والمثقفين في القارة الأفريقية، من أجل تجاوز الانقسامات وبناء فضاء ثقافي جامع يعبّر عن صوت أفريقيا الحقيقي. وأكّد المتدخّلون على أنّ الأدب يمكن أن يكون أداة فعّالة لتحقيق هذا الهدف، خاصة إذا ما تحرّر من قيود اللغات الاستعمارية وتبنى اللغة الروحية والثقافية التي تربط بين جميع شعوب القارة.
ضمن فعاليات الطبعة الـ27 من صالون الجزائر الدولي للكتاب، احتضنت "قاعة إفريقيا"، أوّل أمس، ندوة فكرية حول "الموروث العربي في الأدب الأفريقي". وجاءت لتسلّط الضوء على قضية ضعف الاهتمام بالأدب الأفريقي في العالم العربي، التي سببها الفجوة الثقافية والتاريخية بين شمال القارة وجنوبها. وقد اتّفق المشاركون على ضرورة تجاوز هذه الانقسامات وبناء "روح أفريقية" واحدة في مجال الأدب، مؤكّدين على أهمية التحرّر من اللغات الاستعمارية لتعزيز هوية أفريقية أصيلة.
وافتتحت الندوة الأكاديمية آمنة بلعلى، التي أثارت قضية غياب الاهتمام الكافي بالأدب الأفريقي في العالم العربي، مشيرة إلى أنّ الجهل بالأدب الأفريقي في العالم العربي يعود إلى الفوارق الثقافية والإثنية بين شمال وجنوب القارة. وأضافت "غالباً ما يُنظر إلى شمال إفريقيا كجزء من العالم العربي بدلاً من كونه جزءاً من إفريقيا، ما يخلق حاجزاً ثقافياً يمنع من تحقيق فهم متبادل". وأكّدت بلعلى على أنّ الأدب يمكن أن يكون جسراً قوياً لتعزيز الروابط الثقافية بين شعوب القارة، داعية إلى التغلّب على الحواجز وإزالة الحدود الثقافية.
من جانبها، شاركت الروائية الليبية عائشة إبراهيم، المرشّحة مرتين للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، برؤيتها لمفهوم "الأدب الأفريقي"، وأوضحت أنّ الأدب الأفريقي ليس مجرّد نصوص تُكتب داخل القارة أو بلغاتها المحلية، بل هو ينبع من "روح أفريقية" تعكس قيماً إنسانية مشتركة تجمع شعوب القارة. وأضافت "في أعمالي، أسعى إلى استلهام قصص تعود إلى الحضارات القديمة في إفريقيا، مثل أساطير الفراعنة في مصر، لأعكس صوتاً إفريقيا عالمياً". وأشارت إلى أنّ الأدب الأفريقي غالباً ما يتناول قضايا تتّصل بالاستعمار والروحانيات، مثل التصوّف، ما يساعد في تقوية الروابط الثقافية والتاريخية بين شمال وجنوب إفريقيا.
كما تحدّث الكاتب الجزائري عبد الله كروم عن مسألة الهوية والانتماء الأفريقي، مؤكّداً أنّ القارة رغم تنوّعها اللغوي الكبير، الذي يصل إلى نحو 200 لغة، تحتاج إلى تجاوز انقساماتها الداخلية من أجل بناء هوية أفريقية موحّدة. ودعا إلى التحرّر من اللغات الاستعمارية التي فرضت على الأفارقة، واعتبر ذلك خطوة أساسية في سبيل استعادة الأصالة الثقافية. وقال "حان الوقت للأدباء الأفارقة أن يعبّروا عن أنفسهم بلغاتهم الأصيلة، وأن يكون الأدب وسيلة لنقل قصص شعوب إفريقيا بكلّ تنوّعها وتحدياتها، بعيداً عن الصور النمطية المرتبطة بالفقر والصحراء".
من جانبه، ألقى ممثل رئيس اتحاد الصحفيين والكتاب الصحراويين محمد أحمد نفعي، كلمة حول "أدب المقاومة"، وأكّد أنّ الأدب الأفريقي يجب أن يكون استلهاماً من تاريخ طويل من الكفاح ضدّ القوى التي سعت لاستغلال ثروات القارة من دون احترام ثقافتها وهويتها. وأشار إلى أنّ عجز الأدب الأفريقي عن نقل ما تمتلكه القارة من موروث حضاري وثقافي ساهم في تكريس صورة نمطية لأفريقيا كمصدر للموارد فقط. ودعا نفعي الأدباء الأفارقة إلى توظيف تراثهم الثقافي في إنتاج أدب مقاوم يعبر عن تطلعات شعوبهم ويصون هويتهم.