الشاعر الفلسطيني منير الصعبي في "أربعاء الكلمة":

نقوش في الذاكرة وشهداء فلسطين والجزائر لن تُنسى أسماؤهم

نقوش في الذاكرة وشهداء فلسطين والجزائر لن تُنسى أسماؤهم
الشاعر الفلسطيني منير الصعبي
  • 520
مريم . ن مريم . ن

استضاف موعد "أربعاء الكلمة" بفضاء "بشير منتوري" في الجزائر العاصمة، أول أمس، الشاعر الفلسطيني منير الصعبي، لقراءة نصوص من ديوانه "نقوش على رقائق الشوق"، حيث أبدى فيضا من الحنين لأرض أجداده، وفي نفس الوقت، استحضر صورا بقيت في وجدانه، وضعها فيه الشعب الجزائري على مر السنين، إلى درجة أن سيدة أعطته المال ليشتري لها فستانا من أم أو زوجة أو أخت شهيد.

 الشاعر الفلسطيني منير الصعبي، من مواليد بغداد، هاجرت أسرته إليها بعد نكبة 1948، تخصص في علم البيولوجيا، خاض في الكتابة منذ زمن، ليجمع ما كتبه في ديوانه الأول "نصوص على رقائق الشوق"، وهي مجموعة قصائد تستحق القراءة.

قال الشاعر الصعبي، إنه يفضل أن تكون بداية حديثه عن حال فلسطين، خاصة غزة، ليهديها نصه "انشر أشرعتك" ليحلق على أرض فلسطين كلها، ذاكرا المنازل المتكئة على جراحها، وعبر الأزقة الضيقة والياسمين المتدلي على جدرانها، سقط فيها شهداء بدون أوسمة، لتمتد الرحلة إلى بيت حانون وجباليا وعبر الأماكن والأزمان كلها، مع ذكر ملحمة الجنوب بلبنان، مؤكدا أن الأرض هي لمن يعشقها ولا تحميها سوى المقاومة.

أكد الشاعر، أن هذه المناسبة برمجت بعد أن نقبت السيدة فوزية لارادي، صاحبة هذا الموعد الثقافي، في ديوانه "نقوش على رقائق الشوق"، علما أنه يتضمن عدة مواضيع، أهمها قضايا الوطن والحنين إليه، بالتالي اقتراح تقديمه للجمهور، وهنا ذكر أن لا غرابة أن يعشق كل فلسطيني وطنه، حتى وهو لم يره، نتيجة عيشه في الشتات، متوقفا عند المخططات الخبيثة التي جعلت بعض الشباب العربي يفكر في الهجرة وترك الأوطان، بينما الفلسطيني يتمنى أن يلمس تراب وطنه، ويحلم بالعودة حتى في زمن الخراب.

قال الشاعر الصعبي أيضا، إن فلسطين ارتبطت أيضا بجيل من المثقفين والفنانين، منهم محمود درويش والقاسم وفدوى وإبراهيم طوقان وناجي العلي والكنفاني، وغيرهم ممن دونوا لفلسطين. من جهة أخرى، تحدث عن بغداد التي شهدت ميلاده وترعرع فيها، فهي، حسبه، أم الشعراء، وهنا توقف لتتدخل السيدة حرمه، وهي جزائرية تقيم معه بالعراق، وأهدت السيدة فوزية لارادي تمثال المتنبي، يشبه ذلك المنتصب بالعاصمة بغداد، لتتم الإشارة إلى أن البلدان التي لها تاريخ وحضارة، يجري عن قصد هدمها لإطفاء نور الشمس عنها، وإبطال حركة الحياة فيها، وهنا تم ذكر مهرجان الشعر العربي في بغداد، الأشهر عربيا، بحضور ألمع الأسماء، والذي توقف بعد الغزو، هذا المهرجان كان يحضره باستمرار محمود درويش ويقول "لتكون شاعرا عليك أن تكون عراقيا".

بالنسبة للشاعر الصعبي، أكد أنه بدأ الشعر مبكرا في سنة 1982، حين الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ليغادر نحو لبنان مع غيره في طائرة جزائرية، ليقف مع إخوانه، ومن ثم تفتقت موهبة الشعر واستمرت لتصبح أكثر نضجا. قرأ بعدها الشاعر "هو القدر" التي خاطب فيها الطفل والده ليسأله "ماذا تركت لي ؟« فأجاب الأب، أن أغنى ميراث سيرثه هو فلسطين، منها شواطئ حيفا، والاسم والهوية والأغاني الشعبية وغيرها، ليقرأ بعدها مباشرة "لحظة" التي أوقدت في الفكر شعرا.  

بالنسبة للجزائر، قال الصعبي، إنه مولع بشعر مفدي زكريا وقرأ أعماله، متوقفا عند ارتباط الإبداع والنضال، وعن ديوانه "نقوش على رقائق الشوق"، أشار إلى أن عنوانه هو قصيدة يحتويها، والمقصود به هو النقش الذي لا يمحو من الذاكرة والوجدان، علما أن الشوق هو حالة مرهفة في وجدان الإنسان، ليقرأ هذه القصيدة المهداة لفلسطين وكأنها حسناء في كامل زينتها وبهجتها، متوقفا عند رائحة الخبز والزعتر والقهوة وعرق الفقراء، وهي أيضا في كتاب الله، وعد محرر.

أثناء المناقشة، ذكر الشاعر أنه ذات مرة، امتطى طائرة من الأردن، واكتشف أن سيدة مسنة أخذت مكانه المفضل قرب النافذة، علما أنه يفضل هذا المكان ليرى عند التحليق، فلسطين، لكن السيدة استجابت وتركت له المكان، فأراد الاعتذار لها، فحكى لها القصة، فأجابته بردها "أنا أيضا أحب الجلوس قرب النافذة لأرى فلسطين"، ثم يكتشف أنها جزائرية من ولاية عنابة، وعندما غفت عيناه، وضعت في كفه مبلغ 200 أورو، ثم طلبت منه أن يشتري لها فستانا لزوجة أو أم أو أخت أو بنت شهيد فلسطيني، لتحتفظ به، الأمر الذي سره وأدهشه.

في ختام اللقاء، أهدى الشاعر قصيدة بعنوان "إلى زوار القصبة" يقول مطلعه: 

"اخلع نعليك هنا القصبة

على هذا الثرى سقط شهيد"

كما حث الشاعر الشباب الجزائري على حفظ ذاكرة أجدادهم المقاومين والشهداء، قائلا "الجزائر لم تأت بالساهل"، وأن جرائم فرنسا باقية عبر الزمن، وأسماء من قتلت لا تزال منقوشة في الشوارع والأزقة كي لا تنسى.