انطلاق مهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية الـ14

وزارة الثقافة تدعو لتثمين الخبرات الجزائرية بالخارج

وزارة الثقافة تدعو لتثمين الخبرات الجزائرية بالخارج
وزير الثقافة والفنون، زهير بللو
  • 230
 دليلة مالك دليلة مالك

بحضور دبلوماسي رفيع وعدد من الشخصيات الرسمية، أشرف وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، مساء أول أمس، على انطلاق فعاليات الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، في أجواء احتفالية احتضنتها أوبرا الجزائر "بوعلام بسايح"، على أن تتواصل هذه التظاهرة إلى غاية الثالث والعشرين من الشهر الجاري.

في كلمة ألقاها بالمناسبة، شدّد الوزير على أهمية المهرجان باعتباره فضاء للتبادل الفني وفرصة لتعزيز جسور التعاون الثقافي، منوّهاً باختيار فنزويلا كضيف شرف هذه الدورة، تكريماً لعلاقات الصداقة التي تربط البلدين، واعترافاً بقيمة الأوركسترا الفنزويلية التي تحمل اسم المناضل "سيمون بوليفار"، كرمز للحرية والنضال في الذاكرة اللاتينية.

وأكّد الوزير بللو التزام الدولة الجزائرية بمواصلة دعمها للمواهب الموسيقية، من خلال إنشاء المدارس المتخصّصة، وتنظيم المهرجانات، بما يساهم في الترويج للفن الجزائري والانفتاح على التجارب العالمية. كما جدّد دعوته للكفاءات الجزائرية المقيمة بالخارج للانخراط في جهود النهوض بالقطاع، مبرزاً أهمية الاستفادة من تجربتها في إطار خارطة الطريق التي وضعتها السلطات العمومية لمنح الحركية الثقافية بعداً أكثر إشراقاً وشمولاً.

من جهته، ثمّن محافظ المهرجان، عبد القادر بوعزارة، أهمية هذه التظاهرة التي أضحت، حسب تعبيره، "موعداً لا غنى عنه في الأجندة الثقافية الوطنية، ينتظره الجمهور بشغف لما يحمله من تنوع وغنى فني وأكاديمي"، مضيفاً أن الدورة الحالية تسعى إلى تجاوز مركزية الفعل الثقافي، من خلال تنظيم حفلات، حيث ستستضيف وهران أربع سهرات بالمسرح الجهوي، وكذا مدينة القليعة التي ستحتضن عرضاً فنياً بدار الثقافة.

ولم تغفل إدارة المهرجان، وفق ما أوضحه بوعزارة، الجانب التكويني، حيث برمجت ورشات تكوينية يشرف عليها أساتذة وموسيقيون من أبرز المعاهد الدولية، ما يشكّل فرصة ثمينة للطلبة الجزائريين لاكتساب المهارات والاحتكاك بتجارب متنوعة.

يُذكر أن هذه الدورة تشهد مشاركة فرق وأوركسترات من 16 دولة، في عروض تمزج بين الموسيقى السيمفونية والغناء الأوبرالي، ضمن برنامج يسعى إلى تكريس قيم التعايش والتبادل الثقافي، في مشهد يليق بمكانة الجزائر كفضاء حضاري منفتح على العالم.


المايسترو لطفي سعيدي:

التكوين هو مفتاح تطور الموسيقى السيمفونية في الجزائر

أكد قائد الأوركسترا لطفي سعيدي أنّ تطوّر الموسيقى السيمفونية في الجزائر مرهون بمدى الاهتمام بالتكوين الأكاديمي، معتبراً أنّ بناء أوركسترا مستدامة يتطلب استثمارًا طويل الأمد في تأهيل الموسيقيين، وتدعيم المعاهد والمدارس المتخصصة.

وشدد سعيدي على أن مسيرته كقائد أوركسترا هي "رحلة تعلم لا تنتهي"، مضيفًا "كل عرض موسيقي، وكل نوتة، هي فرصة جديدة لفهم أعمق لهذا العالم الفني اللامحدود، الموسيقى مثل البحر كلما غصنا فيها، اكتشفنا شيئًا جديدًا."

وأشار إلى أن قيادة أكثر من 120 عمل موسيقي مختلف يُعدّ إنجازًا شخصيًا يعكس سنوات من الانضباط والشغف، مؤكدًا في السياق نفسه أن المشهد السيمفوني الجزائري يعرف ديناميكية واعدة، لكن يتوجب مرافقتها بتكثيف جهود التكوين.

وعن دور المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، أوضح سعيدي أن هذه التظاهرة الثقافية "نجحت منذ انطلاقها سنة 2009 في بناء قاعدة جماهيرية حقيقية"، مشيدًا بتطور ذوق الجمهور الجزائري الذي بات أكثر انفتاحًا وقدرة على تقدير الموسيقى الكلاسيكية ومختلف أنماط المزج الفني، وقال "المهرجان أصبح موعدًا ثقافيًا لا يُفوّت، وجسرًا حقيقيًا للحوار الموسيقي بين الشعوب."


حسان كشاش:

الفن هو أرقى أشكال المقاومة

عبّر الفنان حسان كشاش عن فخره بالمشاركة في افتتاح الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية، من خلال تقديم قراءات شعرية من أعمال الشاعر الراحل محمود درويش، معتبراً أن هذه المبادرة تمثل "تحية رمزية لصوت فلسطين، وتذكيراً بمعاناة شعب يتعرض للإبادة في صمت العالم".

وقال كشاش "استعرت صوت محمود درويش في محاولة لتكريم القضية الفلسطينية، ولإيصال صوت أولئك الذين سُلبت منهم أصواتهم بفعل الاحتلال"، مضيفاً أنّ "الفنان جزء من مجتمعه، وأنّ الفن في جوهره هو أرقى أشكال المقاومة والاحتجاج السلمي ضدّ الظلم".

كما ثمّن كشاش القيمة الفنية والثقافية للمهرجان، مؤكّداً أنّ حضوره المتجدّد في المشهد الثقافي الجزائري يجعله موعداً ينتظره الجمهور بشغف، حتى من خارج العاصمة، لما يقدّمه من فرص للاحتكاك بين التجارب والمدارس الموسيقية المختلفة، وأيضاً لدوره في إبراز الموروث الموسيقي الجزائري ومنح الشباب فضاء لتطوير مواهبهم.


ندى الريحان:

فلسطين صوت لا يغيب

أكّدت الفنانة ندى الريحان على أهمية الحفاظ على حضور القضية الفلسطينية في المشهد الفني، مشدّدة على أنّ فلسطين يجب أن تبقى صوتًا لا يغيب في كلّ مناسبة ثقافية، وخاصة في الجزائر. وقالت "لا يجب أن نسمح بأن تُمحى فلسطين من ذاكرتنا؛ بل علينا أن نُحيي اسمها ونُصرّ على حضورها في كل فرصة يتيحها الفن."وأعربت الريحان عن اعتزازها بالمشاركة في الفعالية الفنية الأخيرة، التي تزامنت مع الدورة الرابعة عشرة للأوركسترا السيمفونية، مشيدة بمستوى العروض، خصوصًا الأداء المبهر للفرق القادمة من فنزويلا. وأضافت "مثل هذه الفعاليات الراقية، التي تحمل رسائل إنسانية نبيلة، تستحق كل الدعم، ووجود تكريم خاص لفلسطين في قلب هذا الحدث كان مؤثرًا جدًا."

أما عن إطلالتها، فقالت ندى "في مشاركتي السابقة ارتديت الزي الفلسطيني التقليدي، أما هذه المرة فاخترت اللون الأسود كنوع من الحداد على ما يعيشه شعبنا الفلسطيني. في الماضي كنا نسمع عن الانتهاكات، أما اليوم فنراها أمام أعيننا عبر وسائل التواصل، وكأن الألم أصبح يُشعر به كل من يتابعه، لا الفلسطينيين فقط."


من الأوبرا..

 

"لويس بوليفار" أنلويس مونتيس أوليفار: 

" إل سيستيما" أنقذ جيلاً كاملاً من الخطر

أكّد قائد الأوركسترا الفنزويلية "سيمون بوليفار"، أنلويس مونتيس أوليفار أنّ الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس نظام الموسيقى الفنزويلية "إل سيستيما" يمثل لحظة فارقة في تاريخ الموسيقى اللاتينية والعالمية، معتبرًا أن هذا النظام لم يكن مجرد مشروع تعليمي بل رؤية اجتماعية ساهمت في إنقاذ آلاف الأطفال من الانحراف والتهميش.

وفي تصريح له على هامش مشاركته في الدورة الرابعة عشرة من المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية بالجزائر، عبّر أوليفار عن فخره بتقديم الأوركسترا الفنزويلية لأول مرة على منصة إفريقية إلى جانب أوركسترا أوبرا الجزائر، مشيدًا بقيمة هذا التعاون الثقافي الذي يفتح آفاقًا جديدة للتبادل الفني بين الشعوب.

وقال المتحدث "الموسيقى لغة إنسانية توحّد الشعوب، وهي الجسر الأجمل الذي يمكن أن نعبر به الثقافات والخلافات"، مؤكدًا أن تجربته الشخصية، القادمة من بيئة بسيطة وفقيرة، شاهدة على قدرة الموسيقى على التغيير الفعلي، مضيفًا "الطفل الذي يحمل آلة موسيقية لن يحمل سلاحًا".

كما دعا أوليفار الشباب إلى التمسك بأحلامهم والمثابرة على تطوير ذواتهم، لأنّ الفرص موجودة دومًا لمن يسعى ويستعد لها، مضيفًا "الموسيقى ليست مجرد دراسة أو موهبة، إنها رحلة إنسانية لاكتشاف الذات والعالم".