لتكريم أئمة صلاة التراويح
‘’الملمة” عادة رمضانية بامتياز
- 794
يحرص المصلون عبر مساجد ولاية ميلة كلّ نهاية شهر رمضان المبارك على التعبير عن امتنانهم وشكرهم للذين يؤموهم في صلاة التراويح طيلة الشهر الفضيل، وذلك بتنظيم ما يسمى ”الملمة” أو جمع ما يقدّمه المصلون من أموال للإمام في اليوم الذي يختم فيه القرآن الكريم. وكثيرا ما تنظم ”الملمة” في اليوم الـ 27 من شهر رمضان، حيث يتم وضع صندوق في باب المسجد تجمع فيه الأموال التي يمنحها رواد المسجد (حسب مقدرة كل واحد) لإمام صلاة التراويح أو يفرش منديل كبير عقب صلاة التراويح التي يتم فيها ختم القرآن ليضع فيه كل مصلي ما قدر عليه من مال كمظهر من مظاهر الشكر والامتنان من المأموم إلى إمامه.
يصر المصلون بميلة على عدم التخلي عن هذه العادة الحميدة التي دأب عليها أهل الولاية لما فيها من عرفان بجميل أئمة صلاة التراويح الذين عادة ما يأتي غالبيتهم من خارج الولاية متطوعين ومتكبدين عناء إمامة الناس من خلال اجتهادهم في تلاوة القرآن الكريم وختمه، حريصين في ذلك على تجنب الخطأ حتى في الحركة أو السكون - كما قال - أحد أعضاء لجنة مسجد ”الجيدة” بمدينة ميلة خلال إعلانه للمصلين عن يوم تنظيم ”الملمة”.
من جانبه، أفاد إبراهيم، وهو أستاذ متقاعد أن من مظاهر إكرام أهل ميلة للأئمة بالإضافة إلى ”الملمة” التي تبدأ مع شهر رمضان وتستمر إلى نهايته، يتنافس المصلون على من يستضيف إمام المسجد الذي يصلون فيه لمائدة إفطاره ليتقاسم معهم طعامهم وأجواء الشهر الفضيل التي تخلى عنها الإمام المتطوع، وهو بعيد عن عائلاته والمجتمع الذي نشأ فيه وحتى عاداته وتقاليده بدون مقابل مادي يذكر.
صورة أخرى من التكافل
وعادة ما يقوم المصلون باستئجار منازل خصيصا لاستقبال الأئمة المتطوعين في حال لم تتوفر المساجد التي يؤدون فيها بالناس صلاة التراويح على أمكنة للمبيت وذلك في صورة أخرى من صور التكفل بهذه الفئة من حفظة كتاب الله والتعبير عن احتضان واحتواء المجتمع الذي قصدوه.
وأكد إمام مسجد العلامة مبارك الميلي بميلة خالد بوغزال أن هناك أشكالا متنوعة للتضامن الذي يقوم به المواطنون اتجاه أئمة صلاة التراويح ما ينم - حسبه - عن اهتمام كبير بهم، أصله تقدير حفظة القرآن الكريم وكذا الإقرار بالمعروف الذي يقدمونه من خلال إمامة الناس طيلة شهر كامل بعيدا عن أهاليهم. وأضاف أيضا أن الأمر لا يقتصر على تنظيم ”الملمة ” في أواخر الشهر الفضيل فحسب، بل تتنوع الهدايا والعطايا التي يقدمها الناس للأئمة وكل ذلك من باب الشكر والتقدير فقط لا غير على حد تعبيره.
بدوره، وصف المدير المحلي للشؤون الدينية والأوقاف مسعود بولجويجة ”الملمة” بأنها إحدى مظاهر ”الإكرام” المتنوعة التي يبديها الناس لحملة القرآن الكريم قائلا ”إنها عادة في المجتمع الجزائري ككل ولا تقتصر فقط على ولاية ميلة أو بعض الولايات”.
وأضاف أن (الملمة) سلوك طبيعي اتجاه أناس بادروا بالخير حيث أن 50 في المائة من الأئمة المرخص لهم بأداء صلاة التراويح بميلة التي تتوفر على 380 مسجدا متطوعون قدموا من عدة ولايات تبعد بمئات الكيلومترات عن الولاية غير مبتغين من ذلك أي عائد مالي من الدولة”.