في ظل تمادي عداء اليمين المتطرّف للجزائر

أصوات الحكمة في فرنسا تتصدى لتكالب حكومة ماكرون

أصوات الحكمة في فرنسا تتصدى لتكالب حكومة ماكرون
  • 241
 مليكة. خ مليكة. خ

❊ ستورا: ماكرون تسبّب في تدمير العلاقات الجزائرية الفرنسية 

 في ظل تمادي عداء اليمين المتطرّف للجزائر عبر أبواقه التي لم تتردد في نفث سمومها ضد كل ما هو جزائري، برزت الأصوات "الحكيمة" في فرنسا لتردع هذا التصعيد غير المسبوق الذي يضر بالعلاقات الجزائرية - الفرنسية، منتقدين الحملة الشعواء التي تقودها ابنة المجرم "جون ماري لوبان"، مارين، ومن يسير في فلكها في حكومة ماكرون، غير آبهة بتبعاتها الخطيرة على كافة المستويات.

في هذا الإطار، أعرب سياسيون ومؤرّخون عن امتعاضهم من الوضع الذي آلت إليه العلاقات الثنائية، بسبب التصريحات غير المسؤولة لأعضاء من حكومة ماكرون ضد الجزائر، محمّلين إياهم مسؤولية الانسداد الذي تعرفه العلاقات الثنائية، بل أن هناك من وجد في الوضع "المتعفن" مطية للترويج للأفكار الاستعمارية التي يتشبث بها اليمين المتطرّف في معاملته مع الجزائر.

ولا يكاد يمر يوما دون أن تخلو بلاطوهات القنوات الفرنسية من المواضيع المخصّصة للجزائر في سياق تغذية المزيد من المشاحنة بأفكار عنصرية محضة، ما جعل الأصوات المناوئة لهذا المنحى تخرج عن صمتها رافضة هذا "التهور" الذي لن يزيد، حسبها، سوى في تعميق الأزمة التي افتعلها اليمين المتطرّف بعد جر فرنسا أذيال الهزيمة بخسارة نفوذها في إفريقيا.

فقد اعتبر المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا لدى استضافته من قناة "فرانس24 " أن الأزمة الأخيرة بين الجزائر وفرنسا تعد الأسوأ في العلاقات بين البلدين منذ الاستقلال والأكثر خطورة منذ الأزمة التي حدثت سنة 1971 بعد اعتراف الرئيس الراحل هواري بومدين، بتأميم المحروقات، مضيفا أن الأزمة الحالية تعد أكثر تعقيدا في ظل استدعاء السفير وتبادل التصريحات بين البلدين، كونها دخلت مرحلة الأزمة الدبلوماسية. ولم يتردّد ستورا في اتهام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بالتسبب في تدمير العلاقات الثنائية، جراء مواقفه المتهوّرة من قضايا تعتبر جد حسّاسة، بل ومصيرية في نظر السلطات الجزائرية، مثل قضية الصحراء الغربية.

وقال إن هناك عامل آخر ساهم بدوره في تغذية الأزمة المتفاقمة، يتعلق بالتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية في فرنسا، بصعود اليمين واليمين المتطرّف، فضلا عن قرار الرئيس ماكرون حلّ الجمعية الوطنية الفرنسية وتحالف ماكرون مع التيار اليميني، المعروف بمواقفه المؤيدة للنظام العلوي في الرباط، والمعادية للمصالح الجزائرية، إلى جانب تراجع تيار اليسار وتضاؤل دور التيار الديغولي داخل اليمين وانحساره في حزب "الجمهوريين" وهو حزب بات محدود التأثير. 

ويرى بنجامين ستورا أن المخرج من الأزمة الحالية بين الجزائر وباريس، يكمن في استعادة العمل على ملف الذاكرة، الذي كان سببا في التقارب الذي حصل خلال السنتين الأخيرتين "كون تحقيق المصالحة لا يتأتى من خلال خطاب أو اعتذار، بل لا بد من وقت وعمل معمّق، لأن الاستعمار الفرنسي في الجزائر دام 132 سنة".

من جهتها، تبرأت المرشحة السابقة للرئاسة الفرنسية سيغولان روايال، من الحملة المسعورة التي يقودها اليمين المتطرّف بمباركة إيمانويل ماكرون ضد الجزائر، ونأت بنفسها عن "حملة النباح" التي انضم إليها الكثير من الساسة الفرنسيين. ودعت سيغولان روايال إلى تجنّب الغرور الناجم عن نسيان التاريخ، وقالت لدى نزولها ضيفة على قناة "بي أف أم"، إن فرنسا لديها تاريخ مشترك مؤلم مع الجزائر، مضيفة في هذا الصدد "لدينا دين معنوي للجزائر، لأن الاستعمار وحشي وإنهاء الاستعمار كان صعبا أيضا".

كما أشارت كتلة "فرنسا الأبية" أنه "لا ينبغي لأي وضعية معينة أن تكون بمثابة ذريعة للدفع بالعلاقات بين بلدينا نحو المزيد من التدهور"، مشيرة إلى أن وزير الداخلية الفرنسي ما فتئ منذ دخوله الحكومة، يتهجم على دولة القانون ويحاول ردّ الاعتبار للاستعمار. من جانبها، أعربت الفدرالية الفرنسية الجزائرية للتعزيز والتجديد، عن "استيائها الشديد أمام هذه الحملة السياسية والإعلامية التي تستهدف الجزائر والجزائريين"، مندّدة بقوة بـ«التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها الرئيس إيمانويل ماكرون" تجاه الجزائر. 

ومن جهتها، اتهمت مارين توندوليي، زعيمة حزب الخضر خلال شريط فيديو نشر عبر القناة البرلمانية الفرنسية، وزير الداخلية الفرنسي بعدم احترام القوانين الفرنسية، مستطردة بقولها "ما قام به روتايو يناقض دولة القانون لأن طرد رجل وهو ينتظر موعد محاكمته في شهر فيفري المقبل أمر غير قانوني وغير مقبول"، في إشارة إلى الإجراء التعسّفي الذي أقبلت عليه الداخلية الفرنسية بترحيل مواطن جزائري مقيم بفرنسا إلى الجزائر قبل موعد محاكمته المقرّرة هذا الشهر دون إعلام السلطات الجزائرية مسبقا ما اضطر بهذه الأخيرة إلى إرجاعه إلى فرنسا، كون إجراء ترحيله تم بطريقة غير شرعية وبعيدة عن تقاليد التعاملات بين الدول.