شدّد على وجوب كسبه في ظل عالم يتخذ الغذاء سلاحا.. رئيس الجمهورية:
أمننا الغذائي رهان استراتيجي
- 100
❊ استغلال الكفاءات والتخصّصات التقنية لإحداث نهضة زراعية واسعة
❊ تكريس الأمن الغذائي المستدام باعتباره من ركائز الأمن القومي
❊ تعليمات للحكومة بعدم استيراد ولا قنطار من القمح الصلب في 2025
❊ أوامر لفتح شبابيك البنوك للاستثمار في مجال التخزين
❊ تسخير التقنيات الحديثة للنهوض بالفلاحة وعالم الريف
❊ رفع نسبة دعم الأسمدة إلى 50%
❊ طي ملف العقار الفلاحي نهائيا خلال السنة القادمة
❊ نتائج الإحصاء العام للفلاحة ستفضي إلى تجسيد رؤيتنا لترقية القطاع
❊ استصلاح مليون هكتار لا سيما في الجنوب آفاق2027
❊ استقرار سوق المواشي يبدأ من شعبة تغذية الأنعام
❊ ينبغي أن نكون جميعا حرّاسا لحدودنا حماية لأمننا الغذائي
أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أمس، أن الجزائر جعلت من الأمن الغذائي رهانا استراتيجيا، يتوجب كسبه في عالم أصبح فيه سلاح الغذاء أقوى الأسلحة وأشدّها تأثيرا، داعيا الشباب إلى الاستثمار في هذا المجال بمختلف فروعه واستغلال الكفاءات والتخصّصات التقنية من أجل إحداث نهضة زراعية واسعة و من ثم الوصول إلى الأهداف الوطنية المسطرة، لتأمين البلاد وتكريس مفهوم الأمن الغذائي المستدام باعتباره ركيزة من ركائز الأمن القومي.
قال الرئيس تبون خلال إشرافه بالمركز الدولي للمؤتمرات "عبد اللطيف رحال" على مراسم الاحتفال بالذكرى 50 لتأسيس الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين "أشدّ على أيدي شبابنا الطموح الذي يتوجّه إلى الاستثمار في المجال الفلاحي بمختلف فروعه ونعوّل عليه بما يمتلك من العنفوان والكفاءة والتخصّص في علوم الزراعة وتقنياتها لإحداث نهضة زراعية واسعة، تعكس قدرات وإمكانيات الجزائر التي حباها الله بمقوّمات البلد الواعد الصاعد".
وأوضح رئيس الجمهورية أن القرارات والإجراءات التي اتخذتها الدولة لدعم القطاع الفلاحي، تهدف أساسا إلى "فسح المجال أمام الجيل الجديد من المهندسين الفلاحيين عن طريق المؤسّسات الصغيرة والناشئة.. حيث يعوّل عليهم إحداث النقلة نحو عصرنة عالم الفلاحة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الاستراتيجية على المدى القريب خاصة القمح الصلب والذرة الصفراء والشعير"، قائلا في هذا الصدد " نحن في مرحلة فارقة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لكننا في صراع مع الوقت"، ليسدي بعدها
تعليمات للحكومة بعدم استيراد ولا قنطار من القمح الصلب خلال 2025.
وبعد أن أعرب عن الارتياح للوعي الواسع بهذه التحديات في أوساط القطاع ولدى مختلف النشطاء فيه، شدّد الرئيس تبون على أهمية شعبة الحبوب في الاستراتيجية الزراعية الوطنية، فيما جدّد توجيهاته للعمل على الرفع من طاقات التخزين وتجسيد البرنامج المسطر بهذا الشأن، آمرا في هذا الصدد البنوك بفتح شبابيكها لمن يريد الاستثمار في هذا المجال، بهدف ضمان استقرار السوق ومحاربة المضاربة.
واغتنم السيد الرئيس المناسبة لتوجيه تحية للفلاحين، لارتباطهم بأرضهم "الطاهرة المعطاءة" وبوعيهم بالتحديات المستقبلية وقدرتهم على "الوصول في الآجال القريبة إلى النتائج المتوخاة، فيما يخص الاكتفاء الذاتي، والأمن الغذائي"، داعيا إياهم إلى جانب المربين والموّالين وجميع الفاعلين إلى التجنّد أكثر في الميدان.
ومع تزامن الاحتفاء بهذه المناسبة مع أجواء إحياء الذكرى 70 لاندلاع ثورة التحرير المجيدة، نوّه رئيس الجمهورية بالحسّ الوطني الذي أبداه الفلاحون في الظروف الاستثنائية خلال الأزمة الصحية (جائحة كورونا)، وبإدراكهم عاليا لطبيعة التحدي، "حيث عملوا بكل حرص على توفير المنتجات الزراعية في الوقت الذي كان فيه العالم يعاني شللا غير مسبوق، أدى إلى شحّ خطير في المواد الغذائية الأساسية ورفعوا التحدي بمساعدة الدولة لجهودهم".
كما أكد مرة أخرى، على البعد الاستراتيجي الذي يكتسيه التوجّه نحو العصرنة وتسخير التقنيات الحديثة للنهوض بالفلاحة وعالم الريف، مذكرا في هذا الصدد بحزمة القرارات والإجراءات التي اتخذتها الدولة لدعم القطاع، على غرار رفع مستوى دعم بعض المواد الأساسية، ومنها رفع سعر شراء الحبوب والبقول الجافة من الفلاحين ورفع نسبة دعم الأسمدة إلى 50% من سعرها المرجعي للتخفيف من آثار ارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية، فضلا عن ربط عشرات الآلاف من المستثمرات والمحيطات الفلاحية بالطاقة الكهربائية.وبعد أن ذكر بالتزامه باستصلاح مساحة مليون هكتار عن طريق السقي لا سيما في الجنوب في آفاق 2027، قصد توسيع مساحات إنتاج الزراعات الاستراتيجية، مثل القمح الصلب والذرة الصفراء والنباتات الزيتية، أكد الرئيس تبون أن المجال مفتوح أمام المستثمرين الوطنيين والأجانب للانخراط في هذا المسعى والاستفادة من التسهيلات لتجسيد مشاريعهم، فيما ذكر بتخصيص مخطط لاسترجاع المياه المستعملة المصفاة بنسبة لا تقل عن 30 في المائة.
وجاء تأكيد رئيس الجمهورية على أهمية تطوير إمكانيات البلاد الزراعية الهائلة، والرفع من مستويات الإنتاج، قناعة منه بحتمية التمكين التدريجي لبدائل مستدامة ومضمونة، تكفل للجزائر التخفيف من التبعية للريع البترولي.
وبعد تأكيده على أهمية الرقمنة والبيانات والإحصاءات الدقيقة، كإحدى الركائز الأساسية لرسم السياسات التنموية، أشار الرئيس تبون إلى إطلاق الإحصاء العام للفلاحة الثالث في تاريخ القطاع، في انتظار نتائجه الأولية التي "ستفضي إلى ربح الوقت والجهد لتجسيد رؤيتنا الرامية إلى ترقية القطاع الفلاحي ورصد الإمكانيات من أجل تحقيق أقصى ما يمكن من الاستقلالية". كما تطرّق إلى العقار الفلاحي الذي اعتبره معضلة وإرثا منذ الاستقلال، متعهدا بالعمل على طي الملف نهائيا خلال السنة القادمة 2025، من خلال دعوته الوزير الأول ووزير المالية وكافة أعضاء الحكومة للعمل مع الفلاحين لإيجاد حلّ لهذا الملف وإيجاد "ضوابط قانونية لتحديد ملكية الأراضي وحمايتها". وشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة اعتماد أرقام حقيقية في قطاع الفلاحة ومواصلة عصرنة هذا القطاع الحيوي، مع العمل على "تحقيق إنتاج وطني تحويلي صناعي يشرف البلاد وعدم تصدير الإنتاج الفلاحي كمادة خام"، مشيرا إلى أن الفلاحة حقّقت هذا العام ما قيمته 37 مليار دولار، فيما تساهم بـ15 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وبخصوص أضحية العيد التي أثارت الكثير من اللغط، قال الرئيس تبون إنه بدل استيراد الأضاحي لابد من إيجاد حلّ لمشكل غلاء اللحوم الحمراء، واستقرار سوق المواشي، قائلا في هذا الصدد "لا أتهم المربين بالمضاربة، ولكننا علينا وضع الحلول بدءا من شعبة تغذية الأنعام.. ينبغي أن نكون جميعا حراسا لحدودنا، حماية لأمننا الغذائي".
وبعد أن أكد بأن بيع المحروقات لاستيراد الغذاء تعد سياسة خاطئة، شدّد الرئيس تبون على ضرورة إنتاج ما نستهلك، ليستطرد في هذا الصدد "لا ينبغي لوزارة الفلاحة أن تقرّر في كل شيء في القطاع، وسنبحث الحلول الإدارية الكفيلة"، في الوقت الذي أكد فيه مساندته لفدراليات الفلاحين مع ضرورة اقتراح الحلول. وإذ هنّأ الفلاحين على نجاح مشاريع إيصال الكهرباء للمزارع مع توجيه شكره لعمال سونلغاز، أوضح الرئيس تبون أن ما رآه من تقدّم في المشاريع الفلاحية التكنولوجية يثلج الصدور، في حين أوضح أنه لا فائدة من فلاحة تسيّر بشكل مركزي ولا تسيير ناجع خارج مبادرة الفلاح، كون الاهتمام يتركز على ضرورة الوصول إلى تصدير المنتوجات الفلاحية الوطنية، مع ضمان تموين السوق بالمنتوج الفلاحي كون انقطاعه يعد من علامات التخلّف التنموي. وأشار من جهة أخرى إلى أن عدد الجزائريين في تزايد سريع، وأن جزائر 55 مليون نسمة ليست ببعيدة، ما يستدعي التحضير لهذا النمو الديمغرافي عبر الإنتاج والاتكال على أنفسنا. كما أوضح أن ترحيل مئات الآلاف من العائلات نحو البيوت زاد من استهلاك الطاقة، مما يؤكد أنه لا بديل عن الفلاحة لإحداث التوازن في المداخيل.