فرض حالة طوارئ في بيروت لمدة أسبوعين
أوامر بوضع كل من له علاقة بشحنة الأمونيوم المتفجرة رهن الإقامة الجبرية
- 440
أمرت الحكومة اللبنانية أمس، بوضع كل الأشخاص المتورطين في تخزين أطنان مادة نترات الأمونيوم التي تسببت في انفجار ميناء بيروت، منذ وصولها إلى ميناء بيروت سنة 2014 إلى غاية انفجارها، رهن الإقامة الجبرية في انتظار نتائج التحقيقات التي باشرتها لجنة أمنية مختصة لتحديد المسؤوليات في هذه الكارثة.
وأعلنت وزيرة الاتصال، منال عبد الصمد خلال ندوة صحفية أمس، عن فرض حالة الطوارئ في العاصمة بيروت لمدة أسبوعين، ستوكل بمقتضاها مسائل حفظ الأمن في المدينة لقيادة الجيش الذي سيسهر على فرض النظام طيلة مدة سريان هذا القرار.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون أكد تعهد قبل ذلك بكشف كل الملابسات التي أحاطت بالانفجار الذي هز العاصمة بيروت "في أسرع وقت"، متوعدا بـ«إنزال أشد العقوبات" بحق المسؤولين عنه.
وقال الرئيس اللبناني في كلمة خلال جلسة طارئة خصصت لبحث الموقف بعد انفجار أول أمس، إن السلطات اللبنانية مصممة على القيام بتحقيقات دقيقة لكشف ملابسات ما حصل في أسرع وقت ممكن، ومحاسبة المسؤولين والمقصرين وإنزال أشد العقوبات بهم. وتعهد بالإعلان عن نتائج التحريات التي ستجريها لجنة التحقيق، وإخضاع نتائجها للقضاء المختص.
ونوه الرئيس عون بالحركة التضامنية الواسعة التي أبان عنها اللبنانيون ومختلف أجهزة الأمن والأطقم الطبية والإسعاف والدفاع المدني والصليب الأحمر من أجل التخفيف من هول الكارثة التي ألمت بالبلاد.
وكلف القاضي غسان عويدات، النائب العام اللبناني، جهاز الأمن اللبناني بمباشرة تحقيقاته بصورة فورية لجمع كل المعلومات والملابسات المتعلقة بالانفجار.
وطالب النائب العام قيادة جهاز الأمن بإخطاره، أولا بأول بكافة التقارير والمعلومات حول الانفجار والمراسلات المتعلقة بتخزين شحنة المادة المتفجرة في أحد مستودعات الميناء وتحديد أسماء المسؤولين عن حفظها وحمايتها والقائمين بأعمال الصيانة في المستودع".
تعاطف دولي واسع مع الشعب اللبناني في محنته
لاقى نداء الاستغاثة الذي وجهته السلطات اللبنانية، باتجاه المجموعة الدولية لمساعدتها في محنتها وتجاوز حجم الكارثة التي خلّفها الانفجار الذي هز مرفأ العاصمة بيروت تجاوبا دوليا واسعا.
وأكدت معظم دول العالم من آسيا إلى أمريكا اللاتينية مرورا بالدول العربية والإسلامية والأوروبية ووصولا إلى الولايات المتحدة، تعاطفها مع الشعب اللبناني جراء الكارثة التي لحقته واستعدادها تقديم كل المساعدات الطبية والإغاثية التي يستدعيها الوضع للتخفيف من حجم هذه الكارثة.
وعبّرت ملكة بريطانيا الملكة اليزابيث الثانية، في رسالة تعزية بعثت بها إلى الرئيس اللبناني، عن عميق تأثرها بعد الانفجار القاتل الذي دمر مدينة بيروت. وقالت إنها وولي العهد الأمير فليب، تأثرا كثيرا للأخبار التي أكدت وقوع الانفجار في ميناء بيروت، مؤكدة تعاطفها مع عائلات الضحايا والمصابين ومع كل من تضررت مساكنهم جراء هذه الحادثة المأساوية.
وأكدت الحكومة البريطانية أنها "تعمل على تحديد ما يمكن فعله لمساعدة الحكومة اللبنانية بالدعم الفني، وتنسيق العمل مع الدول الحليفة لتقديم مساعدات مالية لها.
ويصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم، إلى بيروت في أول زيارة لرئيس أجنبي إلى لبنان يومين بعد الانفجار، يلتقي خلالها بالرئيس ميشال عون، ورئيس الحكومة حسان دياب، ومختلف المسؤولين اللبنانيين لبحث الوضع معهم والاحتياجات التي يمكن أن تلبيها فرنسا.
وكانت الحكومة الفرنسية، أرسلت منذ الساعات الأولى لوقوع الانفجار فريقا طبيا ومعدات طبية ومستشفى ميداني وفريق إنقاذ للمساعدة في التخفيف من الضغط الذي تواجهه المستشفيات اللبنانية بسبب آلاف المصابين، وطبيعة الإصابات التي تعرضوا لها من حروق ورضوض وبتر للأعضاء.
واجتمع الوزير الأول الفرنسي جون كاستكس، أمس، مع وزراء حكومته المعنيين بالإغاثة والمساعدات الإنسانية لتحديد طبيعة وكمية المساعدات التي يتعين تقديمها للبنان، حيث حطت ثلاث طائرات محملة بأكثر من 25 طنا من المساعدات المختلفة مطار بيروت الدولي.
وكشف وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان، أن بلاده ستدعو إلى عقد ندوة للدول المانحة وخاصة على المستوى الأوروبي من اجل توفير الأموال التي تتطلبها عملية إعادة إعمار بيروت ومرفئها الذي لم يعد له أي اثر بسبب قوة الانفجار.
وعاش مطار العاصمة بيروت منذ الساعات الأولى لنهار أمس، حركية غير معهودة بعد بدء وصول طائرات شحن من مختلف الدول محملة بالمساعدات الإنسانية.
وأكدت السلطات الروسية إرسالها خمس طائرات شحن محملة بمواد إغاثة وفريق مختص في إزالة الأنقاض وفرق بحث عن محاصرين وجثث القتلى تحت البنايات المنهارة.
وتعهدت الإدارة الأمريكية والسلطات الألمانية بتقديم المساعدات التي يتطلبها الوضع في العاصمة اللبنانية، في وقت سارعت فيه مختلف دول الخليج إلى تقديم مساعداتها الفورية للتخفيف من وطأة وقع وتبعات هذا الانفجار، كما أرسلت ايران مساعدات طبية فورية وعبرت عن استعدادها لاستقبال المصابين.
وأكد أنطونيو غوتيريس، التزام الأمم المتحدة بدعم لبنان في هذا الظرف الصعب ومساعدته في الاستجابة لجهود احتواء تداعيات الانفجار.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على أهمية التضامن العربي والدولي مع الشعب اللبناني "المنكوب" في هذه الظروف الصعبة، مشددا على "أهمية سرعة استجلاء الحقيقة وتحديد المسؤولية عن وقوع التفجيرات والمتسببين فيها.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، إن الاتحاد الأوروبي على استعداد لتقديم المساعدة والدعم للبنان، معربا عن "تعاطفه مع الشعب اللبناني وعائلات ضحايا هذه الكارثة.
ماهي مادة نترات ـ الأمونيوم،،،؟
تستعمل مادة نترات ـ الأمونيوم بشكل أساسي كسماد فلاحي لاحتوائه على مادة الأزوت المغذية لمختلف النباتات ولكنها تدخل أيضا في تركيبة بعض المواد المتفجرة المستعملة في المحاجر قبل أن تقوم مختلف الحركات المتمردة في مناطق النزاع في العالم باستخدامها في صناعة المتفجرات والقنابل التقليدية.
وتتكون مادة نترات ـ الأمونيوم من أملاح حبيبية بيضاء عديمة الرائحة يقوم كبار الفلاحين في مختلف بلدان العالم باستخدامها لزيادة منتوجات محاصيلهم الزراعية وخاصة الخضار المختلفة والذرة، وهي تذوب بمجرد ملامستها مياه السقي.
وتكمن خطورة هذه المادة المعروفة بالرمز الكيميائي "nh4n03"في ظروف تخزينها حيث تستدعي إجراءات أمنية مشددة داخل مخازن جافة وتنعدم فيها الرطوبة لتفادي تحولها إلى مادة متفجرة في حال خلطها بمواد كيمياوية أخرى.
وبسبب ذلك، يتم استخدامها في تفجير المحاجر وتهديم البنايات القديمة داخل المدن الكبرى بعد خلطه بمادة "تي. أن. تي" شديدة الانفجار بما يحتم عزلها عن مواد أخرى سهلة الاشتعال مثل الغاز المسال والذي يجعل انفجارها سريعا ومدويا في حال احتكاكه به.
وهو ما جعل خبراء في الكيمياء يعتبرون انفجار بيروت بمثابة أكبر انفجار في تاريخ المواد الكيماوية بسبب عدم احترام قيود وشروط حفظها.