اليوم العالمي لمحاربة التصحّر
إجماع على ضرورة تثمين الموروث الثقافي والزراعة التقليدية
- 3767
تواصلت، أمس، بالعاصمة التركية، أنقرة، أشغال اليوم العالمي لمحاربة التصحّر بتنظيم عديد ورشات النقاش حول السبل وأنجع الطرق المتاحة لمكافحة التصحّر وتدهور الأراضي.
واستعرض المشاركون في الجلسة الخاصة لتقييم جهود 25 عاما من النشاط في مكافحة التصحر التي عرفت مشاركة نائب وزير الفلاحة التركي، عكيف أوكالدي، لوك ناكاجا من البنين، المدير التنفيذي السابق لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر وروقاتيان بياو من البنين أيضا، وهو خبير في مكافحة التصحّر ومفاوض دولي في المجال.
أبرز ما قيل في الجلسة أن مكافحة التصحّر، معركة يمكن الفوز بها إذا ما تضافرت جهود العالم، فالظاهرة ليست مخيفة لأنها من صنع الإنسان وهو الوحيد القادر على قلب الموازين إذا أحسن استغلال التقنيات والتكنولوجيات المتاحة في المجال لضمان استدامة الأراضي ووقف استنزافها.
وقال روقاتيان بياو إن المعركة، التي يخوضها العالم اليوم، هي من أجل ضمان البقاء وهي ليست بالصورة البشعة التي يتم تسويقها في العادة، لأنه يكفي لحكومات دول العالم تثمين التقنيات التقليدية الموروثة عن الأجداد، التي أثبتت قدرتها الفائقة على التأقلم مع الظروف المناخية الصعبة وهي كثيرة ونجدها في مختلف دول العالم، حيث قال: ”نحن أمام رهان كبير، فالمعركة لازال أمدها طويل لأنها تتعلق ببقاء الإنسان من عدمه، الكثير يتحدث عن ضرورة نقل التكنولجيات من الدول الكبيرة للدول الفقيرة لكني أرى بأن هذه الدول تملك الكثير من الحلول التي نجدها في الموروث الثقافي من تقنيات وأساليب كانت تعتمد سابقا في الفلاحة للتأقلم مع الظروف المناخية الصعبة وما علينا سوى تثمينها وتطويرها محليا”.
من جهته قال لوك ناكاجا بأن هناك بعض الأساليب والتقنيات المحلية التي أصبح معترف بها دوليا ويمكن تطبيقها في الكثير من المناطق الجافة وشبه الجافة على غرار تقنية زاي التي طوّرها فلاح من بوركينافاسو في الثمانينيات اسمه ياكوبا سوادوغو والذي أصبح بفضلها يلقب بالرجل الذي أوقف التصحّر، وقد تحصل خلال العام المنصرم بالسويد على أكبر جائزة دولية في مجال استصلاح الأراضي ومحاربة التصحّر وهي تعادل في السويد جائزة نوبل العالمية.
وتقنية زاي هي موروث تقليدي في بوركينافاسو تعتمد على غراسة الأشجار والنباتات في حفر كبيرة وقد تبين أن لهذه التقنية قدرة فائقة على مقاومة الجفاف وهي تشبه إلى حد كبير تقنية الغوط في صحراء وادي سوف بالجزائر والتي يعمد فيها الفلاحون إلى غرس أشجار النخيل في حفر كبيرة بعمق متر أو أكثر حتى يسهل على النخلة امتصاص المياه دون مراعاتها أو تفقدها بالسقي لمدة طويلة.
وعلى هامش جلسات النقاش، عقد المدير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم تياو، لقاء صحفيا، أكد فيه بأن العالم اليوم مقبل على استصلاح ما يناهز ملياريّ هكتار من الأراضي لكن الحكومات لا يمكنها تحقيق ذلك بمفردها، وهي مطالبة بإشراك القطاع الخاص وإقناعه بضرورة الاستثمار في هذا المجال المربح: ”الرهان مستقبلا سيكون كيف يمكن لحكومات دول العالم إقناع القطاع الخاص بضرورة المشاركة في العملية، وأؤكد لكم أن استثمار 1 دولار يعود على صاحبه بخمسة دولارات، هو إذا مجال مثمر ومربح لمن يريد الاستثمار في هذا القطاع الواعد”.
وأضاف تياو بأن برنامج محاربة التصحّر له أبعاد اقتصادية واجتماعية كبيرة، ففضلا عن أنه مجال مربح للمستثمرين، فهو يسمح أيضا بضمان استقرار الأسر والمجتمعات والقضاء على النزاعات والصراعات القبلية التي عرفها العالم خلال الخمسين سنة الفارطة: ”محاربة التصحّر يساهم في توفير مناصب شغل، وبالتالي الحدّ من الهجرة وفي الأخير هو ضمان استقرار المجتمعات القبلية خاصة في إفريقيا التي تعرف مثل هذه الهجرة وهو يساهم أيضا في الحدّ من النزاعات كما حدث في منطقة دارفور بالسودان”.
تجدر الإشارة إلى أن القمة العالمية الـ 14 لمحاربة التصحّر وتدهور الأراضي، ستعقد بداية شهر سبتمبر القادم في الهند.