يوم برلماني حول مشروع قانون السمعي البصري

إجماع على وجوب إثراء المشروع

إجماع على وجوب إثراء المشروع
  • القراءات: 779
م / بوسلان م / بوسلان

 كشفت مداخلات البرلمانيين والأساتذة والمهنيين في قطاع الإعلام أمس، حاجة مشروع القانون الخاص بالسمعي البصري، إلى إثراء لتحقيق الانسجام بين مواده وتكريس أهدافه، الرامية إلى تعزيز حرية التعبير والاستجابة لتطلعات مختلف فئات المجتمع الجزائري. وذهب البعض منهم إلى حد المطالبة بسحبه من المجلس الشعبي الوطني إلى حين إعادة صياغته، وهو المطلب الذي رفض رئيس الكتلة البرلمانية للـ "أرندي" ميلود شرفي، تأييده، مؤكدا بأن تأخر الجزائر في فتح فضاء السمعي البصري أمام الخواص، يفرض التعجيل بإصدار هذا الإطار التنظيمي الذي يُعد مكسبا ديمقراطيا.

وارتكزت أغلب مداخلات الأساتذة الجامعيين والمهنيين خلال اليوم البرلماني الذي نظمته المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي بمقر الحزب، حول موضوع "السمعي البصري في الجزائر نحو مشهد تعددي"، على الأحكام التي تحدد طبيعة القنوات التلفزيونية والإذاعية، وتحصرها في القنوات الموضوعاتية، مع السماح لها ببث حصص محددة من البرامج الإخبارية، وكذا تلك التي تنص على تركيبة سلطة الضبط للسمعي البصري وتعيين أعضائها، فضلا عن الآجال التي يحددها القانون لانقضاء رخصة استغلال القنوات الإذاعية والتلفزيونية.

وفي هذا الإطار، اعتبر الأستاذ عبد العالي رزاقي مصطلح الموضوعاتية مصطلحا أدبيا لا ينطبق على المنتوج الإعلامي، فيما قدّر بأن مهلة 5 سنوات التي تُمنح للمستثمر في الحقل الإعلامي السمعي البصري في إطار الترخيص، قصيرة؛ بالنظر إلى أهمية وحجم الاستثمار الذي يتطلبه إنشاء قناة تلفزيونية تكلّف الملايير وتستدعي تهيئة المقر الملائم لاحتضان الأستوديوهات واقتناء التجهيزات التقنية الضرورية. كما اقترح المتدخل إعادة النظر في طريقة تعيين أعضاء سلطة الضبط للسمعي البصري، والتي تضم وفق مشروع القانون المطروح حاليا على لجنة الإعلام والثقافة والسياحة على مستوى المجلس الشعبي الوطني، 9 أعضاء يعيَّنون بمرسوم رئاسي لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، منهم 5 أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية وعضوان غير برلمانيين يقترحهما رئيس مجلس الأمة، وعضوان غير برلمانيين يقترحهما رئيس المجلس الشعبي الوطني.

ونفس الملاحظات تَقدم بها عدد من المتدخلين في اللقاء، ومنهم الإعلامي سليمان بخليلي الذي لم يتوان في مداخلته، عن المطالبة بسحب المشروع من البرلمان، وإعادة صياغة مواده بشكل يضمن حرية أكبر للخواص في ممارسة نشاطهم الإعلامي في مجال السمعي البصري، قبل أن يتراجع عن دعوته بعد أن استقطب اقتراحه اهتمام عدد من المتدخلين الذين أيّدوا فكرته، ليوضح بأنه لم يقصد سحب المشروع برمّته "وإنما إعادة كتابة 4 أو 5 مواد، ومنها المادة 106 التي تعرقل سير القانون، بنصها على أن مهامَّ معاينة نشاط القنوات السمعية البصرية تُسند للوزارة في انتظار تنصيب لجنة الضبط"، على حد تعبيره.

وفي ظل كثرة الانتقادات الموجهة لوثيقة المشروع، تدخّل رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي أشرف على إدارة أشغال اللقاء، ليؤكد بأن هذا الأخير لم يتم تنظيمه من أجل الإعلان عن رفض المشروع والمطالبة بسحبه، وإنما لإثرائه وتعزيز مواده بشكل يستجيب وتطلعات المهنيين من جهة، وأذواق مختلف فئات المجتمع الجزائري من جهة ثانية، ملاحظا بأن عملية سحب هذا المشروع الذي يُعد مكسبا للديمقراطية وممارسة حرية التعبير في الجزائر، ستكلف الجزائر وقطاع الإعلام بشكل خاص، سنتين أو ثلاث سنوات أخرى من التعطيل، "فيما يتجلى مطلبنا في التعجيل في إصدار هذا القانون"، على حد قول السيد شرفي، الذي كان قد أكد في مداخلته الافتتاحية للقاء، بأن مفهوم الإعلام لا يعني فقط حرية التعبير وإنما هو أيضا "صناعة واستثمار وأوضاع اجتماعية لصحفيين هُضمت حقوقهم، وينبغي أن يضمنها لهم هذا القانون مستقبلا".

وفيما حذّرت الإعلامية أمينة دباش مديرة جريدة "الشعب"، من تكرار تجربة الصحافة المكتوبة من حيث العدد الكبير للجرائد الخاصة مقابل 6 جرائد عمومية فقط، في تجسيد التجربة الجديدة للقنوات الإذاعية والتلفزيونية الخاصة، مشددة على ضرورة مراعاة الخدمة العمومية في ضبط مهام الوسائل الإعلامية الثقيلة، أبرز الأستاذ محمد حازورلي أهمية دور القنوات التلفزيونية الخاصة في الدفاع عن القضايا الوطنية، والرد عن الحملات الاستفزازية للقنوات الأجنبية ضد الجزائر ومصالحها، في ظل استحالة إلزام التلفزيون الوطني الرسمي، بهذه المهام، بينما أكدت رئيسة لجنة الإعلام والثقافة والسياحة بالمجلس الشعبي الوطني هدى طلحة، التزام اللجنة بإثراء مشروع قانون السمعي البصري محل النقاش، واتخاذ كل الإجراءات البنّاءة، التي تهدف إلى الوصول بالقطاع إلى أرقى المستويات، مشيرة إلى أن اللجنة لن تتبنى في عملها هذا أية تجربة أجنبية، وأنها ستطّلع على تجارب بعض الدول من باب الاستئناس وليس المطابقة.

للإشارة، فقد شمل برنامج اليوم البرلماني حول مشروع قانون السمعي البصري، مداخلات تناولت الجانبين القانوني والتقني للنص، نشّطها عدد من الأساتذة من بينهم حسني صفوان وشوقي سجنين مدير الدراسات والتنمية في مؤسسة البث الإذاعي والتلفزي.