جسّدت مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والفصل بين السلطات.. باحثون:
الأمير عبد القادر سبق الغرب في التأسيس للدولة العصرية
- 225
أجمع باحثون ومؤرّخون خلال الملتقى الدولي حول" الأمير عبد القادر" على الحنكة السياسية للأمير الجزائري وتصوّره للدولة ولمؤسساتها، مؤكدين أنه كان أول من وضع أسس الدولة الحديثة في القرن19، قبل الدول الأوروبية والغربية التي رسمت معالم جمهورياتها في 1848 بعدما كان الأمير قد أسس الدولة الجزائرية الحديثة بمؤسّساتها.
ذكر الدكتور عواريب لخضر في اليوم الثاني من الملتقى الدولي الذي نظمته وزارة المجاهدين بالتنسيق مع وزارة الخارجية حول الأمير عبد القادر، أمس، بالجزائر، أن "الأمير عبد القادر وبالرغم من التحديات والظروف الصعبة التي كانت تطبع الحقبة التي عاش فيها عند دخول الاحتلال الفرنسي للجزائر، غير أنه تمكن بالرغم من صغر سنه الذي لم يتجاوز 20 سنة آنذاك من وضع أسس الدولة الحديثة بمفهومها العصري الديمقراطي، القائم على احترام حقوق الإنسان، وهو ما لم يكن معمولا به، حينها، حتى في الدول المتقدمة التي تعرف اليوم بالديمقراطيات العريقة". وأضاف الأستاذ في التاريخ، أن الدول الغربية عندما بدأت تؤسّس نظامها الجمهوري في نهاية الأربعينيات من القرن 19 كان الأمير، قد قطع أشواطا في تأسيس الدولة الجزائرية وتحديد السلطات بين مؤسّساتها.
وأشار المتحدث إلى أن الأمير بنى الدولة انطلاقا من عدة معطيات، كانت أولها العمل على توحيد الأمة لما لذلك من أهمية في حماية الوطن عن طريق رصّ الصفوف لمواجهة العدو، بالقضاء على التشرذم الذي حدث بعد سقوط الحكم العثماني، الذي كان فيه الحاكم بعيدا عن المحكوم، وعرف بنظام الطبقية بين القبائل. وتؤكد المعلومات التاريخية، حسب المتدخل، أنه بعد سقوط الحكم العثماني ودخول فرنسا للجزائر، كانت هناك 200 قبيلة مستقلة و190 قبيلة خاضعة للحكم العثماني، إلى جانب 100 قبيلة مخزنية مستقلة عن الشعب ومتسلّطة لا تدفع الضرائب.
كما ذكر المحاضر بأن الأمير "أسند المسؤوليات إلى المتعلمين والكفاءات لبناء دولة قوية قادرة على اتخاذ قرارات صائبة، على عكس ما كان معمول به خلال الحكم العثماني. ليشرع فيما بعد بربط الشعب بالولاء للسلطة وليس للقبيلة، مع لجوئه إلى فكرة بناء مؤسّسات الدولة وتحديد مهام القضاء".
وأبرز المتحدث حنكة الأمير السياسية واحترامه للغير وللرأي الآخر واستشارة الجماعة في كل القرارات، مؤكدا أنه كان ديمقراطيا بامتياز، وكان سباقا لجعل الشعب يختار من يمثله قبل ظهور الانتخابات بمفهومها الحالي. وشبه مبايعته الكبرى والصغرى بالنظام الانتخابي المعمول به حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية.وأشار الأستاذ عواريب إلى أن فكر الأمير صالح لكل مكان وزمان، باعتباره قدوة ونموذجا سياسيا ناجحا معمول به اليوم في كبريات الدول، حيث أسس النظام الفيدرالي ونصب 8 فيدراليات، كان القرار فيها للخليفة الذي منحت له كامل الصلاحيات للفصل في بعض المسائل، حتى دون استشارة الأمير، وهو ما يؤكد، حسبه، عدم احتكاره للسلطة، بالإضافة إلى قضائه على النظام المالي البالي وتأسيسه لنظام مالي يقوم على الزكاة.
من جهتها أشادت الأستاذة في التاريخ رحمونة بليل بالأخلاق السامية للأمير عبد القادر الجزائري، "والتي يشهد لها العدو قبل الصديق"، فضلا عن احترامه لحقوق الإنسان والتي تجسّدت في معاملته الفريدة من نوعها مع الأسرى، وتقديره للمرأة التي كان يمنحها مكانة خاصة في المجتمع نظرا لتشبعه بالفكر الإسلامي الذي يحترم المرأة. وهو ما لم يكن معمول به آنذاك في المجتمعات الغربية التي كانت فيها المرأة لا تتمتع بحقوقها، مشيرة إلى أن الأمير عبد القادر، كلّف والدته "لا لا الزهرة" بالسهر على تلبية حاجيات النساء الأسيرات الفرنسيات ولم يكلّف الرجال بهذه المهمة.