حدّد معالم الاستراتيجية الفلاحية لتحقيق الأمن الغذائي.. الرئيس تبون:

الاكتفاء الذاتي على بُعد خطوات

الاكتفاء الذاتي على بُعد خطوات
رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون
  • القراءات: 579 مرات
حنان حيمر حنان حيمر

❊ لا تموقع في الصفوف الأولى للدفاع عن المستضعفين دون أمن غذائي

❊ حصة الفلاحة من الناتج الداخلي ارتفعت إلى 14,7% في 2022

❊ تسجيل مداخيل بـ4550 مليار دينار ما يعادل 35 ملياردولار

❊ تغطية 75% من الاحتياجات الوطنية وإحصاء 2,7 مليونعامل

❊ الاكتفاء الذاتي يعني المنتوج الأكثر أهمية وعلى رأسها الحبوب

❊ تنمية إنتاج الحبوب أولوية في ظرف عالمي يتميز بالندرة

❊ المطلوب الوصول إلى 60 أو 70 قنطارا من الحبوب في الهكتار جنوبا

❊ ربح معركة الرقمنة والإحصاء الدقيق حتمية

❊ لا منع لاستيراد الجرارات والباب مفتوح للراغبين في ذلك

أعرب رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أمس، عن يقينه بأن الجزائر ستحقق استقلاليتها الغذائية خلال سنتين على الأكثر، مجددا التزامه بحلّ كل المشاكل المتعلقة بالعقار الفلاحي والملكيات نهائيا، خلال السنة الجارية. وقال خلال إشرافه على افتتاح الجلسات الوطنية للفلاحة، إن ما حصل في أوروبا مؤخرا يعد درسا لابد من الاعتبار به لإدراك أن قوة أي دولة في المرحلة المقبلة، تكمن في تحقيقها لاكتفائها الذاتي من المواد الغذائية.

رسم الرئيس تبون، معالم الاستراتيجية الفلاحية للسنوات المقبلة، في خطاب ألقاه بمناسبة افتتاح الجلسات الوطنية حول الفلاحة بقصر الأمم نادي الصنوبر، أمام أكثر من 300 مشارك يمثلون مختلف هيئات الدولة والقطاع الفلاحي، وتضمن التوجيهات الكفيلة بالذهاب نحو العصرنة ورفع المردودية ثاني أهم قطاع من حيث المساهمة في الناتج الداخلي الخام بعد المحروقات.

في مستهل كلمته، ألح الرئيس تبون على التذكير بأهمية اللقاء من حيث أنه يمس قطاعا "جد هام" في مرحلة تتميز باضطرابات غير مسبوقة في توفير الغذاء، ما يجعل، حسبه، الأمن الغذائي رهانا لا بد من تحقيقه، باعتباره "من صمامات الأمان التي تحرص عليها الحكومات الراشدة وتضعها في مقدمة الأولويات وصلب الاستراتيجيات للحفاظ على قرارها المستقل". واعتبر رئيس الجمهورية، في هذا الصدد أنه "من غير المعقول التموقع في الصفوف الأولى للدفاع عن الدول المستضعفة من دون ضمان الأمن الغذائي".

القطاع يسير في الاتجاه الصحيح

خلال استعراضه لواقع الفلاحة الجزائرية، ثمّن الرئيس ما تحقق في السنوات الأخيرة في القطاع، مشيرا الى تحقيقه 14,7% من الناتج الداخلي الخام في 2022 بزيادة نسبتها 38% مقارنة بسنة 2021، حيث تحققت مداخيل بـ4550 مليار دينار ما يعادل 35 مليار دولار، مع ضمان تغطية 75% من الاحتياجات الوطنية وإحصاء أكثر من 2,7 مليون عامل.

وإذ اعتبر هذه الأرقام دليل على أن القطاع "يسير في الاتجاه الصحيح" فإن الرئيس عبر عن اقتناعه بأن ماتم انجازه لا يعدو أن يكون سوى "قطع نصف المسافة نحو تحقيق الأهداف المسطرة"، مشدّدا على أن الحديث عن الاكتفاء الذاتي لا يعني كل المنتجات ولكن أكثرها أهمية، وعلى رأسها "الحبوب"، التي دعا لجعلها "أولوية"، في سياق ظرف عالمي خاص يتميز بتسجيل ندرة في هذه المادة حتى في البلدان الرائدة عالميا في إنتاجها وتصديرها.

غياب الصرامة في الإنتاج فوّت علينا تحقيق الاكتفاء الذاتي

وتأسف رئيس الجمهورية لكون بلدنا الذي يضم مساحات شاسعة من الأراضي وثروة مائية هامة، خاصة في الجنوب، لا ينتج سوى كميات لا تصل إلى نصف الاستهلاك الوطني المقدر بـ9 ملايين طن سنويا. وأرجع ذلك إلى ما وصفه بـ"غياب الصرامة في الإنتاج"، في وقت استطاعت فيه دولة مثل إثيوبيا التي عانت ويلات المجاعة في سبعينات القرن الماضي، التحول إلى بلد مصدر للحبوب.

ويتطلب رفع إنتاج الجزائر من الحبوب، رفع إنتاجية ومردودية الأراضي، حيث سجل الرئيس تبون انخفاض معدل إنتاج الحبوب الذي لا يتجاوز 23 قنطار في الهكتار، في حين أن المأمول هو وصولها إلى 35 قنطارا في الهكتار على الأقل، "ولما لا القيام بقفزة نوعية نحو 60 أو 70 قنطارا في الهكتار في الأراضي المستصلحة جنوبا" وهو أمر قال الرئيس يمكن تحقيقه وبسرعة بشرط "التغيير" والخروج من "التقاليد الفلاحية" إلى "الاستثمار العلمي".

وأضاف الرئيس "أشعر بأننا على وشك تحقيق الاستقلال الغذائي، لسنا بعيدين، ما نحتاجه هو بضع خطوات وسنصل إلى الاكتفاء الذاتي في غضون 2024-2025"، ويتم ذلك بفضل توظيف التقنيات الحديثة وعصرنة العمل الفلاحي، ومنع استخدام الحبوب كعلف للماشية، إضافة إلى توفر "إحصائيات دقيقة وصحيحة".

إحصائيات مغلوطة أدت إلى تحاليل وسياسات خاطئة

وأبدى الرئيس تبون امتعاضه من الوضع الإحصائي في  القطاع الذي وصل إلى حد تحريف الواقع، وأكد بأن كل الأرقام التي كانت متداولة في العقود الثلاثة الماضية، كانت "بعيدة كل البعد عن الحقيقة". مستدلا بالحديث لسنوات عن وجود 3 ملايين هكتار من المساحات المسقية في مجال الحبوب، في حين أن التحريات الحقيقية أثبتت أنها لا تتجاوز 1,8 مليون هكتار.

وكشف بأن مراجعة إحصاء المواشي مؤخرا أثبت أن الجزائر لا تملك 29 مليون رأس مثلما كان متداولا وإنما 19 مليون رأس، وقال إن مثل هذه الأخطاء تجر إلى تحاليل وسياسات خاطئة، لذا شدّد على ضرورة ربح معركة الرقمنة والإحصاء الدقيق والحقيقي.

ولدى تطرّقه إلى موضوع التجهيزات، أكد الرئيس دعمه لاستيراد الجرارات والشاحنات، قائلا إنه لم يمنع ذلك أبدا، وأن الباب مفتوح أمام الراغبين في استيرادها ومصالح الجمارك لها علم بذلك.

وفيما اعترف بتسجيل مشاكل تخص في المقام الأول العقار الفلاحي والملكية، التي أكد حلها "نهائيا" في غضون السنة الجارية، لفت الرئيس إلى أن الأرض يجب أن تكون لمن يستصلحها، مستذكرا شعار الثورة الزارعية "الأرض لمن يخدمها"، وهو ما دفعه إلى التأكيد على ضرورة العمل على اتجاهين، الأول هو "الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المواد الأساسية وتوجيه فائضها للتصدير" والثاني هو التوجه نحو زراعة منتجات جديدة، خاصا بالذكر الفستق واللوز والجوز والأرغان، فضلا عن السكر والبذور الزيتية.

إنتاج أول قارورة زيت مائدة جزائرية من الحقل إلى المستهلك في أفريل المقبل

وألح الرئيس تبون على ضرورة "الخروج من التقاليد الفلاحية"، واقتحام مجالات جديدة كإنتاج السكر من الشمندر ومن قصب السكر واستخراج زيت الارغان وزراعة بذور الزيوت النباتية، معلنا في هذا السياق عن "إنتاج أول قارورة زيت مائدة جزائرية من الحقل إلى المستهلك في شهر أفريل أو ماي المقبلين من طرف مستثمر جزائري"، تمنى أن يصبح "قدوة للآخرين".

وذكر بالتدابير التي كان قد أعلن عنها سابقا حول الصناعات التحويلية والتي تقضي بمنح قروض بنسبة 90 بالمائة من تكلفة المشروع. كما عبر عن أمله في أن يتوجه الشباب أكثر فأكثر نحو الاستثمار في القطاع عبر انشاء مؤسسات ناشئة، مبرزا التقدم الكبير في تكنولوجيات الزراعة التي مكنت بعض البلدان من الإنتاج "بدون أرض".

السدّ الأخضر لغرس الأشجار المثمرة

وفيما يخص قطاع الغابات، دعا الرئيس إلى جعل السد الأخضر فضاء لغرس الأشجار المثمرة وفتح المساحات الغابية أمام المستثمرين في مجالات مثل الرعي وتربية الدواجن وتربية النحل، داعيا الجميع إلى تنظيم أنفسهم ضمن فروع تخص كل شعبة على حدة، معتبرا أن الاحترام الذي يكنه للاتحاد العام للفلاحين الجزائريين لا يمنع من فتح المجال أمام تمثيل الفلاحين ضمن شعبهم من أجل السماح للفلاحين بالتحدث كل حسب اختصاصه، وحتى يكون القرار نابعا من الفلاحين وتكون وزارة الفلاحة مجرد هيئة للوساطة والضبط.

 


 

نظير جهودهم في خدمة القطاع.. رئيس الجمهورية يكرّم عددا من المستثمرين الفلاحيين

كرّم رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس، مجموعة من المستثمرين الفلاحيين بشهادات تقدير، نظير جهودهم في خدمة وترقية القطاع الفلاحي وتحسين مردوده من أجل تحقيق الأمن الغذائي.

على هامش إشرافه على مراسم افتتاح أشغال الجلسات الوطنية للفلاحة، بقصر الأمم، قام رئيس الجمهورية بتكريم كل من حجاج محمود، رائد في إنتاج وتكثيف بذور الحبوب بالمنيعة وعبد اللطيف ديلمي، الأمين العام لاتحاد الفلاحين الجزائريين، وهو مستثمر ومنتج في شعبة الحليب ومشتقاته ومن مؤسسي ملبنة الحضنة، وكذلك عزاوي جيلالي ولد الشيخ، رئيس الفدرالية الوطنية لمربي المواشي. كما كرّم الرئيس تبون حكيم عليليش، مستثمر فلاحي في زراعة أشجار الزيتون البيولوجي بالجلفة والسيدة نظيرة أولبصير، منتجة للزيوت النباتية والعطرية بسوق أهراس والسيدة حليمة خالد، مديرة مزرعة البرهنة بولاية المغير وكذا مجيدي إدريس، مطوّر برمجيات وتطبيقات رقمية في قطاع الفلاحة بولاية المسيلة.