الشهود في قضية "سوناطراك1" يعيدون الكُرة إلى شباك "أعلى الهرم"
التهديدات وزّعت المشاريع خارج إطار التعليمة

- 478

شكيب خليل طلب قائمة الرافضين لأوامره قصد عزلهم
في جلسة غاب عنها خمسة شهود في قضية "سوناطراك ١" منهم ثلاث نساء، أعاد كل الشهود من مسؤولين كانوا مكلفين بإعداد وتوزيع ومراقبة المشاريع الممنوحة للشركات الأربع المتنافسة على صفقات تجهيز 123 منشأة بترولية بالجنوب، الكُرة إلى شباك الوزير السابق والرئيس المدير العام، وأكدوا أنهم كانوا تحت "التهديد بعزل كل رافض للتعليمات"، والتي لم تترك لأي مسؤول حرية التصرف أو التنبيه عن أي خطأ، ومنهم الشاهدان علي مغوش وسليمان غزلي، اللذان كانا يشغلان، بتاريخ الوقائع، منصبين بالجهة التي تؤطر عملية فتح الأظرفة وتقسيم المشاريع.
وأكد الشاهد مغوش علي عضو اللجنة التقنية المكلفة بتحديد الخصائص الفنية ومدى مطابقة العروض، أن اللجنة التي استلمت تعليمات المسؤولين في هرم المجمع، لم تعتمد على تعليمات الـ"R15"، بل كانت تعليمات الوزير والرئيس المدير العام قد فصلت في الطريقة التي يجب بموجبها توزيع المشاريع بالنظر إلى الاسترايتجية المتبعة، لتفادي الاحتكار، وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع بمناطق حساسة، فكان لا بد من اللجوء إلى مبدأ السعر الأدنى والعرض الأحسن، مفيدا بأنه لا يمكن مقارنة الأسعار التي طرحتها الشركات المتنافسة؛ لكون المناطق والظروف الطبيعية والمناخية تختلف من منشاة إلى أخرى.
وتقاطعت شهادات علي مغوش مع تصريحات الشاهد غزلي سليمان عضو اللجنة التقنية المشرفة على تحضير دفاتر الشروط المتعلقة بمشروع نظام المراقبة والحماية الإلكترونية لمنشآت سوناطراك، وكذا عضو اللجنة التجارية، الذي أكد أنه قبل انطلاق جلسة تحضير دفاتر الشروط للإعلان عن المناقصة، عُقد اجتماع مع أعضاء اللجنة، وتُليت عليهم التعليمات من طرف بلقاسم بومدين نائب المدير المكلف بنشاط المنبع، وأنه اطّلع شخصيا على رسالة الوزير شكيب خليل التي يقول إنها كانت مكتوبة "بقلم الحبر"، والتي يقول نصها: "كم من مرة قلت لكم بأنه يجب عليكم تجهيز المنشآت!... المطلوب عدم التأخر، وتحديد قائمة المسؤولين الرافضين للعمل قصد عزلهم".
ولم ينف الشاهد أن ذلك كان منافيا لتعليمة "R15"، وأنه لو كان له الاختيار لاختار تطبيق بنود هذه التعليمة، مضيفا أن الوزير منحهم مدة لا تزيد عن 36 يوما للقيام بالمهمة، مشيرا إلى أن عدم إدراج تلك الصفقات بنشرية "البوسم" كان بأمر من نائب الرئيس المدير العام السابق للشركة المتهم بلقاسم بومدين، وأنه تلقّى أمرا مباشرا من هذا الأخير، يقضي بعدم نشر معطيات الصفقة بنشرية "البوسم" لدواع أمنية ونظرا لحالة الاستعجال بتنفيذ المشروع، وأن الجهة التي تعود إليها مسؤولية نشر ذلك هي المؤسسة صاحبة المشروع ومديرية الشؤون القانونية، مفيدا بأنه كان يحوز على كل المعطيات الخاصة بالمشروع للإعلان عنه كصفقة مفتوحة، وتَقدم بتلك المعطيات إلى السيد بومدين الذي رد عليه بأنه لا يجب الإعلان عنه في "البوسم" وهو عكس ما تم لاحقا بالنسبة للحصة الرابعة من نفس المشروع والتي تم الاعلان عنها كصفقة دولية مفتوحة، مما رد عليه قائلا إن العرض كان فعلا مختلفا ولصالح الشركة التي فازت بالصفقة، إلا أن كل العروض توافقت مع المضمون الذي اقتضاه دفتر شروط المشروع وكلها كانت ستحقق نفس الغاية، وهي تأمين منشآت سوناطراك من أي تهديدات اختراق محتملة.
كما أكد الشاهد علي غزلي أن المقارنة التي قام بها كانت على أساس العرض المالي وليس التقني، قبل أن يجيب على أسئلة دفاع الطرف المدني، ممثلا في شركة سوناطراك والخزينة العمومية حول مدى تفوق العرض التقني لشركة "كونتال فانكوارك" عن باقي العروض، وكشف أنه بعد منح شركة كونتال فونكوراك 13 منشأة وقاعدة للحياة تابعة لسوناطراك بالجنوب بغرض تجيهزها بنظام المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية، قام بإجراء مقارنة بين العروض المالية التي تقدمت بها شركتان أخريان وتبين له ارتفاع السقف المالي للعرض الذي تقدمت به "فونكوارك"، مقارنة بمنافسيها وفوزها بالرغم من ذلك بالصفقة، وأنه تم التفاوض معها لتخفيض عرضها المالي بنسبة 15 بالمائة. وتساءل القاضي عن سر هذا التغيير في كيفية الإعلان عن حصص من نفس المشروع التي منحت بالتراضي البسيط وعن طريق الاعلان عنها كصفقات دولية مفتوحة لاحقا، وهو ما رد عليه الشاهد قائلا إنه لا علاقة له بذلك بتاتا، وأن صلاحياته لاتخول له عرض أي مشروع كان بصيغة مغايرة للصفقات المفتوحة، مضيفا أنه أبلغ الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك، محمد مزيان ونائبه بلقاسم بومدين بذلك، فأمره مزيان بالدخول في مفاوضات مع شركة كونتال فونكوراك.
كما تساوقت شهادة محمد قرار، المدير السابق للأمن الداخلي بمجمع سوناطراك أمام محكمة الجنايات أن جميع الشركات مع سابقيه، حيث أكد أنه كلف بالمشاريع المتعلقة بنظام المراقبة الإلكترونية، التي سجلت تأخرا ملحوظا، مفيداً أنه كان بين 2004 و2009 مكلفا بمهمة جمع المعلومات شهريا حول مدى تقدم أشغال المشاريع السارية المفعول في إطار نظام المراقبة الإلكترونية لتبليغها للرئيس المدير العام للمجمع لوزارة الطاقة والمناجم، خاصة شركة "فيسات" (VSAT) التي سجلت تأخرا كبيرا بمنطقة إن أمناس التي كان من المفروض أن تنطلق الأشغال المتعلقة بمشاريع المراقبة الإلكترونية ميدانيا في جانفي 2005، غير أنها تعطلت لغاية سبتمبر من نفس السنة، مما أدى بالرئيس المدير العام إلى إصدار تعليمة تشدد على ضرورة التعجيل بانطلاق الأشغال. وبشأن عرض المدير العام لشركة "كونتال الجزائر"، المتهم آل اسماعيل رضا جعفر رفقة ممثل الشركة الألمانية "تي في إي" (TVI) في نوفمبر 2004 بمكتب الرئيس محمد مزيان، أكد الشاهد أنه كان حاضرا أثناء هذا العرض الذي قدم فيه الممثل الألماني معدات وتجهيزات شركته في مجال المراقبة البصرية.
محافظ الحسابات لطفي مرازي: أرباح "كونتال الجزائر وهولدينغ" كانت ضخمة
وأكد الشاهد مرازي لطفي بدوره، بصفته محافظ حسابات شركة "كونتال الجزائر" و"هولدنغ كونتال" أن "كونتال الجزائر" سجلت "ارتفاعا ملحوظا" في أرباحها بعد حصولها على مشاريع مع مجمع سوناطراك، وأن "كونتال الجزائر" تتكون من طرفين شخص معنوي مساهم بنسبة 90 بالمائة وهي شركة "هولدنغ كونتال" التي تتلخص مهمتها في تسيير فروع شركة "كونتال الجزائر"، وكذا شخص طبيعي وهو المتهم آل اسماعيل محمد رضا جعفر، موضحا أن المصدر الأساسي لهذه الأرباح التي حققتها شركة "كونتال الجزائر" هي المشاريع التي فازت بها مع مجمع سوناطراك ومن الشركة الألمانية "فونكوارك بلتيك" بعد إنجازها لعدة دراسات ميدانية لصالحها، حيث أن "كونتال الجزائر" حققت سنة 2007 رقم أعمال قدره 170 مليون دج ليبلغ سنة 2008 قرابة 3 ملايير دج. وذكر بشأن تحويل مبلغ 64 مليون دج من قبل "كونتال الجزائر" في أفريل 2009 إلى حساب المتهم مزيان أنه عبارة عن أرباح متعلقة بالمشاريع التي فازت بها مع سوناطراك رغم أن هذا الأخير كان قد استقال من شركة "هولدنغ كونتال" في يناير 2009، وأن هذا الأمر سليم لأن الأرباح تتعلق بنشاط سنة 2008، حينما كان مزيان محمد رضا شريكا بشركة "كونتال"، موضحا أنه عندما استقال المتهم مزيان محمد رضا، تنازل عن حصصه دون عوض مالي لصالح المتهم آل اسماعيل محمد رضا جعفر وفرطاس عبد الرحيم (الممثل القانوني) "كونتال الجزائر".