العقيد المتقاعد عبد الحميد العربي شريف:

الساحة السياسية ملغمة وأستبعد الرئاسيات في جويلية

الساحة السياسية ملغمة وأستبعد الرئاسيات في جويلية
  • 905
مليكة خلاف مليكة خلاف

أكد العقيد المتقاعد عبد الحميد العربي شريف، أمس، أن الذين خططوا للحراك الشعبي لم يكونوا ينتظرون النتائج التي أسفر عنها، وصدموا بدرجة الوعي التي تحلى بها الشعب الجزائري وإصراره على التصدي للمؤامرات التي تتربص بالبلاد، متوقعا أن يحقق منحى مكافحة الفساد المزيد من التقدم قبل نهاية شهر رمضان، فيما استبعد تنظيم الانتخابات الرئاسية في 4 جويلية القادم.

وقال العسكري المتقاعد خلال نزوله ضيفا على منتدى جريدة «لوكوريي دالجيري»، إن مخططي الحراك الذين كانت لديهم نية مبيتة من خلال محاولة تكرار تجربة التسعينيات، قد تفاجأوا بدرجة الوعي الكبيرة التي تحلى بها الشعب بكل فئاته، مضيفا أنه لا يجب الاستهانة بالشباب الذي أعطى درسا كبيرا للعالم.

وأوضح المتحدث الذي نشط ندوة بعنوان «مرافقة المؤسسة العسكرية للمسار الانتقالي»، أن حراك 22 فيفري، قلّب الموازين مما دفع بالجيش إلى التدخل للتصدي لكل محاولات تحريفه عن منهجه من قبل المتربصين الذين كانوا يتحينون الفرص لتعقيد الوضع أكثر.

واستشهد المتحدث بتصريح رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي نائب وزير الدفاع الفريق قايد صالح، عندما قال إنه لن يسمح بسقوط أي قطرة دم خلال المسيرات الشعبية، مما يجعل ذلك ـ حسبه ـ سابقة وعبرة لكل الدول التي ستفكر في الاستفادة من التجربة الجزائرية عند كل محاولة انقلابية.

انتخاب رئيس قوي يندرج في إطار الأمن الاستراتيجي للبلاد

وشدد العربي شريف، على ضرورة الحوار من أجل التوصل إلى رؤى توافقية للوصول إلى انتخاب رئيس قوي بقوة الصندوق، باعتبار ذلك يندرج في إطار الأمن القومي الاستراتيجي للبلاد، ومن ثمة التفرغ للترتيبات الدولية التي تفرض تواجد الجزائر فيها لاسيما على ضوء الاضطرابات التي تعيشها دول الجوار مثل ليبيا والساحل.

وأوضح أن هذا الحراك الذي خرج فيه كل فئات المجتمع وأغلبها من الشباب، يعد أكبر ضامن للذهاب إلى انتخابات نزيهة، مشددا في هذا السياق على ضرورة التفريق بين انتخاب الرئيس وتعيينه، فيما أكد على ضرورة التحلي بروح المبادرة والجرأة للإسهام في صنع مستقبل البلاد.

ويرى المتحدث أنه لا يمكن التقيد بتاريخ 4 جويلية لتنظيم الانتخابات، بل يمكن أن يمتد إلى تاريخ لاحق من منطلق أن الساحة السياسية قد تلغمت بسبب إفرازات تحالف المال السياسي مع الفاسدين وهو ما زاد في تعقيد الأمور، غير أنه أشار إلى أن آثار ذلك لا يمكن حصرها في مرحلة معينة، باعتبار أن لكل مرحلة «عصابتها» التي نهبت خزينة الدولة.

وفي رده على سؤال حول مطالبة الشعب برحيل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الهيئة التنفيذية نور الدين بدوي، أو ما يعرف بـ»الباءين»، أكد العسكري المتقاعد على ضرورة التركيز على  تحديد الأولويات وليس فقط المطالبة بإقالة المسؤولين، داعيا في نفس السياق إلى عدم التركيز على من هم في الواجهة، كون هناك العديد من المسؤولين الخطيرين الذين ينشطون في مفاصل الدولة وأصبحوا اليوم مع الحراك، ليستطرد بالقول «الانتقال من وضع متعفّن منذ سنة 1962 إلى دولة مؤسسات أمر صعب، ومحاربة الفساد تكون بدايتها من القاعدة كما أننا نستطيع الخروج من الدستور لكن لا يمكننا الابتعاد عنه».

وبعد أن أشار إلى تجذر الفساد في المؤسسات مما يجعل محاربته تتطلب وقتا طويلا، على ضوء سحب عدة ملفات من عدة وزارات، توقع المتحدث أن يتم الإعلان عن أسماء ثقيلة في المستقبل تثبت تورطها في الفساد.

وطالب المتحدث بضرورة التخلص من الخوف مع ضرورة التحلي بالجرأة وعدم التهرب من روح المبادرة التي يمكن أن تخدم التنمية في البلاد، قائلا في هذا الصدد إن «كثيرين من يرفضون الحوار لكنهم ليست لديهم في الوقت ذاته بدائل، بسبب أننا تعودنا على انتظار القرار الذي قد يصلنا عبر الهاتف».

في المقابل لم يتوان المتحدث في الدعوة إلى حل المدرسة العليا للإدارة، كونها أنجبت فقط مسؤولين فاشلين غير مؤهلين لإرساء إستراتيجية تنموية عبر أبسط المداشر وبلديات الوطن.

وفي تعليقه على حملة التوقيفات التي طالت شخصيات في المدة الأخيرة، قال عبد الحميد العربي شريف، إنها أضحت ضرورة وجاءت بناء على دلائل ملموسة، مستدلا في هذا الصدد بالتحذير الذي وجهه الفريق قايد صالح، للجنرال محمد مدين، المدعو «توفيق» والذي لم يتم توقيفه رفقة الجنرال طرطاق والمستشار السابق السعيد بوتفليقة، «إلا بعد أن تبين إصرارهم على تنفيذ مؤامراتهم على الشعب» .

أما بالنسبة للأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، فقد أشار المتحدث إلى أنها «جزء من هذه المؤامرة ولهذا تم استدعاؤها»، في حين أوضح بخصوص الجنرال بن حديد، أنه «لا يحق له التكلم كونه استفاد من الكثير من الامتيازات، فضلا عن مساره المشين بسبب عدم تحمّل مسؤولياته المهنية لما كان في الجيش»، وأضاف بالقول «لقد دخل إلى الجزائر بعد الاستقلال (سنة 1963) قادما من بغداد، ولولا حصول البلاد على حريتها لكان قد عاد إلى تونس مسقط رأسه».

وفي سياق حديثه عن تأثير الأزمة على مصالح فرنسا أوضح العسكري المتقاعد، أن باريس تعيش تخبطا كبيرا تجلى بإنشائها لـ3 خلايا أزمة، مضيفا أن فرنسا تعد أكبر الخاسرين في عملية الانتقال الديمقراطي في الجزائر، لأن  تخلص الجزائر من العباءة الفرنسية من شأنه أن يحرك بقية مستعمراتها في إفريقيا التي تعاني من نهب لثرواتها، ما يفتح المجال أمام النفوذ الأمريكي للتموقع في القارة السمراء.