الحدود "الحقة" في الدستور المغربي تعزز الطابع الاستعماري
السياسة التوسعية للمخزن تهدّد المنطقة المغاربية
- 754
لا يكف المخزن المغربي عن إيجاد مشجب جديد يعلق عليه مشاكله الداخلية التي تنذر بانفجار اجتماعي جراء تردي وضعه المعيشي ومواصلة ممارسة استفزازه ضد الجزائر، حيث سعى في الفترة الأخيرة إلى إحياء أطروحات قديمة، تحمل في طياتها أطماعا توسعية تهدد المنطقة المغاربية ككل، فبعد احتلاله للصحراء الغربية يحاول المغرب اليوم إحياء مشروعه التوسعي الذي ينص على أحقيته في ضم أجزاء من الجزائر في سياق محاولة إغراق شعبه المغلوب على أمره، في أحلام زائفة.
تحظى هذه الأطروحة باهتمام كبير من قبل دوائر القرار المخزنية منذ أمد بعيد، رغم شفافية ووضوح المعاهدات الموقعة بين الجزائر والمغرب التي تدحض كل المحاولات الالتوائية التي يصر المخزن على ممارساتها في سياق استعادة "مجده المزعوم"، مثلما تجلى في المدة الأخيرة حيث تعالت أصوات من الجارة الغربية تروج لهذه الاطروحة.
فتواريخ التوقيع على المعاهدات الثنائية بخصوص ترسيم الحدود تحسم بما لا يدع مجالا للشك هذه المزاعم، حيث نذكر على سبيل المثال معاهدة الأخوة وحسن الجوار والتعاون بين البلدين الموقّعة بإفران المغربية بتاريخ 15 جانفي 1969، والتي صادقت عليها الجزائر بموجب الأمر رقم 6-3 بتاريخ 22جانفي 1969. كما نذكر في هذا الصدد، البيان المشترك الجزائري المغربي المتعلق بمعاهدة الحدود بين البلدين، الموقع بالرباط بتاريخ 15 جوان 1972 من قبل الرئيس الراحل هواري بومدين والعاهل المغربي الحسن الثاني، فضلا عن المعاهدة الجزائرية المغربية المتعلقة بخط الحدود القائمة بين البلدين والموقعة بالرباط بتاريخ 15 جوان 1972.
وصادقت الجزائر على المعاهدة بموجب الأمر رقم 20/73 المؤرخ في 17 ماي 1973 ، في حين صادق المغرب على المعاهدة في 09 مارس 1989، ليتم نشر المعاهدة بموجب الظهير رقم 480-89- بتاريخ 22 جوان 1992. وتم بتاريخ 14 ماي 1989 التوقيع على محضر تبادل وثائق التصديق على المعاهدة المتعلقة بخط الحدود القائمة بين الجزائر والمغرب بالجزائر من قبل وزيرا خارجية البلدين، في حين تم إيداع وثائق التصديق لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة، بموجب المادة 9 من المعاهدة وما جاء في المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة في شهر جوان 2002.
رغم الإطار القانوني الذي يرسم الحدود بين البلدين، إلا أن دستور المغرب يحتوي على مادة تتحدث عن "الحدود الحقة"، وليس الحدود القانونية أو المعترف بها، حيث احتفظ بهذه المادة رغم تعرضه لعدة تعديلات، ما يؤكد وجود خلافات جوهرية بين البلدين بخصوص "التوسعية مقابل احترام الحدود الموروثة عند الاستقلال".
من هذا المنطلق شدّدت الجزائر خلال أشغال الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي المخصص لتقييم تنفيذ استراتيجية المنظمة القارية للإدارة المتكاملة للحدود بين الدول الأعضاء سنة 2021، على ضرورة الاسراع في وتيرة ترسيم الحدود بين الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي. وأشارت إلى أن تسريع ترسيم الحدود يعد "خطوة حاسمة للوقاية من النزاعات"، مؤكدة إنهاءها ترسيم حدودها مع جميع البلدان المجاورة، بما في ذلك الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، في الوقت الذي شددت فيه على أهمية "الالتزام الصارم" بعدم المساس بالحدود الموروثة عند نيل الاستقلال في تسوية جميع الخلافات المتعلقة بالحدود على مستوى القارة الإفريقية.
ولم يعد خفيا بأن مخططات المخزن، قد خرجت للعلن خاصة مع استفزازاته المتواصلة لدول الجوار لدرجة أن مستشار الأمن القومي والدبلوماسي الأمريكي السابق جون بولتون، أقر بذلك في تصريح إعلامي له عام 2021، حيث أشار إلى أنه تفاجأ بوجود خريطة غريبة في مكتب الملك المغربي خلال زيارة قادته لمراكش نهاية التسعينيات رفقة وزير الخارجية آنذاك جيمس بيكر، وتضم الخريطة النصف الغربي من الصحراء الجزائرية وجزءا كبيرا من موريتانيا. بذلك يتضح إصرار المغرب على الذهاب بعيدا في محاولته لتكريس الأمر الواقع الاستعماري ليس في الصحراء الغربية فحسب، بل حتى في الدول المجاورة، لدرجة أنه لم يكن يعترف في السابق بالجمهورية الموريتانية الإسلامية، ما يعني أنه هو وحده من يقرر أين تبدأ وأين تنتهي الحدود.