ذكرى هجمات الشمال القسنطيني بشهادة أحد منفذيها..

العمليات الفدائية ساهمت في تعميم الثورة التحريرية

العمليات الفدائية ساهمت في تعميم الثورة التحريرية
  • القراءات: 1397
و. أ و. أ

تحيي الجزائر غدا الذكرى المزدوجة لهجومات الشمال القسنطيني 20 أوت 1955 ومؤتمر الصومام المنعقد في نفس اليوم من عام 1956، واللذين شكلا محطتين مفصليتين وبارزتين في مسيرة تحرير البلاد من المستعمر الفرنسي، وتميزا بدخول العمليات الفدائية مسرح الأحداث بما أدى إلى تعميم الثورة الجزائرية المجيدة في صفوف الشعب.

وجاءت هجمات 20 أوت 1955 بالشمال القسنطيني، التي كانت سببا في تعزيز وتقوية صفوف جيش التحرير الوطني، في سياق اتسم بقمع أعمى مارسه المحتل الفرنسي تجاه السكان والمجاهدين الذين فجروا ثورة الفاتح نوفمبر والمتحصنين آنذاك بمنطقة الأوراس بشرق البلاد.

وشكلت العمليات المنفذة بمنطقة قسنطينة وسكيكدة وقالمة، تحت إشراف الشهيد زيغود يوسف، قائد الولاية التاريخية الثانية بعد استشهاد ديدوش مراد في 18 جانفي 1955 محطة حاسمة في تاريخ ثورة التحرير المظفرة. وهي الأحداث التي لا يزال يتذكرها المجاهد محمد الصالح لاخر، رغم بلوغه سن 88 عاما وهو عضو بأولى مجموعات الفدائيين والمناضلين الناشطين في تنظيم جبهة التحرير الوطني بقسنطينة بقيادة الشهيد مسعود بوجريو.

ورجع محمد الصالح لاخر، الذي بدأ مساره النضالي سنة 1949 وعمره لا يتجاوز 17 سنة في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية، بذاكرته إلى أحداث مر عليها 65 سنة في شهادة حية استقتها وكالة الأنباء بمنزله ببلدية عين السمارة بقسنطينة بمناسبة إحياء الذكرى الـ65 لهجومات 20 أوت.

وقال في معرض حديثه إن الشهيد زيغود يوسف حضر للهجومات وقادها بذكاء، إلى جانب الاجتماعات التي تم تنظيمها مسبقا من أجل تحديد الأهداف المنشودة خلال اليوم الموعود. وأضاف بأنه عند انتهاء الاجتماع الأول المنعقد ببوساطور ببلدية سيدي مزغيش بسكيكدة، والذي شارك فيه 150 مجاهدا ومسؤولا جرت اتصالات فيما بعد داخل مدينة قسنطينة من أجل جلب الأسلحة وجمع المعلومات حول الأماكن التي سيتم استهدافها.

كما أوضح المناضل في حركة انتصار الحريات الديمقراطية وعضو المنظمة السرية التي انضم إليها في فيفري 1949 والذي كان مسؤولا عن التموين وتسليم المتفجرات، بأنه تم عقد الاجتماع التحضيري الثاني لهجومات 20 أوت 1955 الذي جمع 19 عضوا من منظمة قسنطينة عشية تلك الأحداث بأعالي جبل الوحش، بحضور زيغود يوسف.

وقال إنه بتاريخ 19 أوت، تلقينا أوامر بالتوجه إلى جبل الوحش وتحديدا منطقة كاف لكحل وجلب الأسلحة معنا على متن ثلاث مركبات قبل مواصلة الطريق مشيا على الأقدام باتجاه مشتة حمايدة عند عائلة بوضرسة وهو مكان الالتقاء، ليواصل حديثه أنه بعد وصول زيغود يوسف، تم استدعاء مناضلي قسنطينة الذين تم جمعهم في ثلاثة أكواخ واحدا تلو الآخر لأجل تأدية اليمين بحضوره وبحضور مسعود بوجريو المسؤول الجهوي قبل توزيع العمليات التي سيتم تنفيذها وإسنادها لعدة مجموعات.

وقد تم تكليف 10 مجموعات متكونة من فدائيين من قسنطينة وجنود من جيش التحرير الوطني ومسبلين بعملية الهجوم منتصف نهار يوم السبت تحديدا، بعد أن تم تحديد أهداف متفرقة، استهدفت على إثرها تلك الهجومات على وجه الخصوص مطاعم وحانات وفندق دي جورج ومكاتب شرطة ومؤسسات اقتصادية وكشك البنزين إيسو وقاعة السينما أ.بي. سي والمعروفة حاليا باسم سينما الأنوار.

وتم تكليف محمد الصالح لاخر بالقيام بهجوم على حانة واقعة بشارع فرنسا، وهو شارع 19 جويلية حاليا أدى إلى تسجيل عديد الموتى والجرحى وفقا لشهادة نفس المجاهد الذي اعتقل على يد قوات الاحتلال في 28 نوفمبر 1955 رفقة 16 فدائيا آخر ممن تجندوا للكفاح المسلح المدني وعمليات الكوماندو بقسنطينة، وهو الذي كان قد انضم أيضا إلى اللجنة الثورية للوحدة والعمل في جويلية 1954 وجبهة التحرير الوطني في نوفمبر من نفس السنة.

وذكر المجاهد الذي باشر النضال في سن مبكرة من حياته بعديد العمليات التي تمت على مستوى سيرتا العتيقة قبل هجومات 20 أوت 1955، خاصة تفجير قنبلة بتاريخ 30 أفريل 1955 استهدفت الكازينو الواقع بساحة الشهداء والذي شكل بدايات معركة قسنطينة.

وكان المجاهد الراحل والرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة وأحد مساعدي زيغود يوسف في تلك الحقبة، علي كافي قد تحدث في مذكراته عن مجازر لا مثيل لها في وحشيتها باستثناء مجازر 8 ماي 1945” بعد هجومات 20 أوت 1955. من جانبه، كشف الباحث في علم الاجتماع والمؤرخ المنحدر من قسنطينة بنيامين ستورا في كتاباته عن القمع الوحشي لقوات الاستعمار الفرنسي ضد السكان عقب نفس الهجومات.