خطوة هامة لتخطّي التعليم الكلاسيكي
المؤسسة الجامعية في مواجهة تحديات التحوّل الرقمي
- 1475
وجدت الجامعة الجزائرية نفسها مضطرة لتبنّي نمط جديد من التعليم يُعرف بالتعليم الإلكتروني، بعد إقرار رفع الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا، فتحولت الأقسام الكلاسيكية إلى الفضاء الرقمي عبر استعمال تطبيقات معيّنة، إلا أن تحديات كثيرة تفرض نفسها أمام التحول الرقمي للمؤسسة الجامعية؛ ما يجعل الوصاية مدعوة لأخذها بعين الاعتبار، بما أن الواقع يشير إلى أن الفاعلية الاقتصادية لا بد أن تُبنى على المعرفة الرقمية.
اتفق أساتذة من جامعة "أمحمد بوقرة" ببومرداس في حديث مع "المساء"، على أنّ الجامعة الجزائرية أصبحت تواجه تحديا حقيقيا، يتلخص في حتمية مواكبة متغيرات العصرنة، وعلى رأسها الرقمنة بالنظر إلى التطور الكبير لتكنولوجيات الإعلام والاتصال. ورغم تثمينهم المجهودات الكبيرة التي بذلتها الدولة في سبيل النهوض بالجامعة؛ كتوفير بعض المنصات الرقمية لتسهيل عملية التحول الرقمي على غرار منصة "بروجرس" و«مودم" و«إي.ليرنينغ"، غير أنهم لفتوا، بالمقابل، إلى حقيقة تأخر الجامعة الجزائرية في مواكبة التحول الرقمي، ليكون لجائحة كورونا ـ حسبهم ـ الفضل في إعادة تفعيل مبادرات رقمنة المؤسسة الجامعية، وتسريع وتيرتها لتدارك التأخر.
وأمام إنجاح هذا التحدي، تقف بعض الأطراف في وجه هذا التحول، مفضلة بذلك الأساليب الكلاسيكية؛ لأسباب تبقى مبهمة، استنادا إلى محدثينا، وهذا ما يؤدي بالجامعة إلى العمل على تغيير الذهنيات بالدرجة الأولى؛ فمن غير المعقول عودة التعليم الجامعي إلى سابق عهده بعد زمن كورونا، التي فرضت تسريع وتيرة تحوله الرقمي، وهنا يحتاج الأمر إلى تقبّل هذه المتغيرات، والتفكير في معطياتها ومتطلباتها بشكل دقيق؛ من خلال تبنّي سياسة اتصالية نحو الأسرة الجامعية والمجتمع على السواء، لتثمين خطوة رقمنة الجامعة؛ باعتبارها قاطرة الإبداع، وجسرا حقيقيا نحو الجزائر الجديدة كما يريدها الجميع.
وتظهر أهمية هذا المسعى في نجاح مسألة التحول الرقمي للمؤسسة الجامعية بنسبة كاملة، غير أن تحديا آخر يظهر هاهنا، يتمثل في تبنّي مسؤولي الجامعات بأنفسهم هذا التحول، مع سعيهم الكامل لإنجاحه. وفي هذا السياق، يظهر عنصر التكوين كتحدّ آخر، لتدارك تأخر مشروع رقمنة الجامعة الجزائرية. ويُقصد به تكوين ثالوث مؤسسة التعليم العالي؛ من إدارة حول الحوكمة الإلكترونية بالدرجة الأولى، ثم تكوين كل من الأساتذة والطلبة حول التعليم عن بعد، حيث لا يمكن إنجاح هذا المسعى عموما إذا اختل تكوين أي ضلع من هذا المثلث.
للإشارة، حققت جامعة بومرداس نسبة 95 بالمائة في عملية رقمنة التعليم وتبني نمط التعليم عن بعد عبر أرضية "موديل". ورغم ذلك تُطرح إشكالية مدى التفاعل مع هذا النوع من التعليم، وبالتالي فإنّ اقتراح توفير اشتراكات للأسرة الجامعية في شبكة الاتصالات مع توفير تدفق عال للأنترنت وفتح المجال للاستثمار في هذا المجال لكسر الاحتكار بما يساهم في تحسين الأداء، يظهر أيضا من بين الحلول المقترحة لضمان إنجاح التحول الرقمي للجامعة، لاسيما أنّ العصرنة مبنية على تثمين الوقت، والرقمنة تضمن الاستفادة من هذا العنصر، مع توفير الجهد المؤدي إلى زيادة الفاعلية، وبالتالي الربح الاقتصادي. وبما أن الجزائر تعوّل على فاعلية مؤسساتها للخروج من التبعية للمحروقات، فإن الجامعة هي طريق مختصر لتحقيق ذلك، من خلال تثمين المعرفة الرقمية لبناء اقتصاد رقمي حقيقي.