يروّج لخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية ضد كل ما هو جزائري
اليمين المتطرّف الفرنسي يتمادى في غيّه

- 151

يبدو أن اليمين المتطرّف الفرنسي يصر على التمادي في غيّه، من خلال الترويج لخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية ضد كل ما هو جزائري، حيث لا يمر يوم إلا وخرجت بعض أصواته الناعقة في التشكيلات السياسية أو في الحكومة الفرنسية بتصريحات تحمل مغالطات وأكاذيب تستهدف تشويه صورة الجزائر، في سياق تأزيم الوضع وتعقيده أكثر.
بات مألوفا أن يقود وزيرا خارجية وداخلية ماكرون جوق الحملة الشعواء التي تستهدف الجزائر، حتى أن صلاحيتهما تتداخلان عند التعاطي مع الأزمة بين البلدين، ضاربة عرض الحائط كل البروتوكولات التي تؤطر عمل كل وزارة على حدة، ما يثير الكثير من التساؤلات عن مصير ثقافة الدولة في بلد يتباهى بالديمقراطية والرقي السياسي والدبلوماسي للحكومات المتعاقبة.
فبعد فشلها في استفزاز الجزائر على خلفية المعاملات العنصرية التي تعرّض لها بعض أفراد الجالية الوطنية في مطارات باريس، حيث كان ردّ بلادنا مفحما باستدعاء كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلّف بالجالية الوطنية بالخارج للسفير الفرنسي، تحاول فرنسا مرة أخرى اللعب على ورقة تنقل المواطنين الجزائريين والتي أضحت مثار نقاش عقيم لدى بعض المسؤولين الفرنسيين خلال الفترة الأخيرة.
وآخر هذه الخرجات، كانت التدابير التقييدية التي اتخذتها الحكومة الفرنسية في حقّ الجزائريين الحاملين لوثائق سفر خاصة، تعفيهم من الحصول على التأشيرة وذلك بتصريح من وزير أوروبا والشؤون الخارجية لجمهورية فرنسا.
ويبدو أن الطرف الفرنسي يحاول تدارك الوضع وهو الذي يتواجد اليوم في موقع ضعف، بعد أن سقطت ادعاءاته الكاذبة تجاه الجزائر في وحل الأوهام التي تحمل الحنين لـ«الجزائر فرنسية"، خاصة وأنه لم يهضم الردود التي تضمّنها حوار رئيس الجمهورية لجريدة "لوبينيون" الفرنسية بخصوص تبني الجزائر لمبدأ الندية في العلاقات الدولية مع كافة الشركاء .
غير أن اليمين المتطرّف لم يتقبل الشروط التي تفرضها الجزائر المرتكزة على احترام السيادة ورفض أي مساومة، وفضلت التمسّك بموقفها الاستعلائي الذي دفعت بسببه باريس ثمنا باهضا أفقدها نفوذها في إفريقيا التي طردت منها شرّ طردة، حيث يتضح ذلك من خلال التهوّر الذي بات السمة الغالبة على حكومة ماكرون.
وما إن يصمت وزير الخارجية جان نويل بارو إلا ويستأنف وزير الداخلية برونو روتاريو في نفث سمومه تجاه الجزائر، حيث كانت آخر خرجة له هذه المرة بعد حادثة الطعن بمدينة ميلوز الفرنسية، حيث تهجم على الجزائر.
والواقع أن روتاريو من أشد المتمسكين بإنهاء العمل باتفاق 1968 الموقع بين فرنسا والجزائر وكثيرا ما يستغل الفرصة لتبرير أقواله عند كل حادثة تتعلق بالجزائر، بل لم يتردد بالقول إن بلاده "أُهينت" من قبل الجزائر عندما رفضت قبل فترة قصيرة أن تستقبل مؤثّرا جزائريا رحّلته فرنسا إلى وطنه.
لكن يبدو أن الوزير الفرنسي لم يعتبر من أخطائه، خاصة عندما رفضت المحكمة الإدارية الفرنسية في وقت سابق إلغاء قرار الترحيل التعسّفي والقسري للمؤثر الجزائري نعمان بوعلام المعروف بـ«دوالمن"، موجّهة صفعة موجعة له .
ويمكن القول إن الهمجية التي تتعرض لها الجزائر، ما هي إلا الشجرة التي تغطي الغابة في سياق العلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث يلجأ اليمين المتطرف في كل مرة إلى الاستعانة بقضية الموقوف بوعلام صنصال من أجل تبرير عدائه تجاه الجزائر للتغطية على أوراقه المكشوفة، حيث خيّبت قطع لعبة الشطرنج التي راهن عليها في كل تحركاته في تحقيق أهدافه، لتتحوّل نجاحاته الكاذبة إلى مجرد سراب يغرد خارج السرب.