حفل اختتام الموسم الثقافي للمركز الثقافي الإسلامي

تجديد الولاء للقيم الإسلامية والوطنية

تجديد الولاء للقيم الإسلامية والوطنية
  • 1249
مريم. ن مريم. ن
احتضن قصر الثقافة مفدي زكريا أمس، الحفل الختامي للموسم الثقافي للمركز الثقافي الإسلامي، والذي تنوعت فقرات برنامجه بين الفكري والفني، كما جرى بذات المناسبة التي حملت شعار "الجزائر بحاجة إلينا جميعا" تكريم المؤرخ البروفيسور سعيدوني،  وكذا بعض وسائل الإعلام الوطنية وعلى رأسها "المساء" التي مثلها مديرها العام عرفانا بمساهمتها في نشر الثقافة الإسلامية المعتدلة، بالإضافة إلى الفنان الكبير صالح أوغروت.
وقد انطلقت مراسم الحفل بآيات قرآنية قرأها الشيخ رابح زرقين، لتتقدم بعدها فرقة "النغم" لـ عمر داودي من غرداية التي قدمت برنامجا فنيا منوعا تضمن أغاني وطنية ودينية وأخرى عن الأمومة وغيرها، كما كان للتنشيط حضور الأسد في البرنامج من خلال السيد خالد شقاقم، الذي شد الجمهور بوقفاته الشعرية وتعليقاته الطريفة بصوته الجهوري الفصيح. وحضرت أيضا الكشافة الإسلامية الجزائرية ممثلة في فوج الوحدة من العاصمة، الذي عزف الموسيقى العسكرية، ثم كان الدور المطلق لبراعم فوج الوداد من بولوغين، الذي قدم عرضا مسرحيا خاصا بتضحيات أطفال الفلسطين بصفة عامة.
وتعانقت لغة الضاد مع الأمازيغية الأصيلة في شعر عمي حسن بقريش من تيزي وزو، ناهيك عن الإلقاء المؤثر الذي تناول فيه هذا الشيخ الوقور قيم الوطنية والأخلاق، مخاطبا في ذات الوقت العالم الحر بضرورة تبنّي الفطرة الإنسانية النقية المنافية للظلم والعبودية والاضطهاد. كما تألقت بالمناسبة أيضا الأصوات الفنية ذات الطرب الشجي، وكانت البداية مع المنشد عبد الكريم مشراوي، الذي قدم ابتهالات بصوته الجهوري ثم نشيد "رحماك ربي".
واعتلى المنصة بعدها البروفيسور ناصر الدين سعيدوني، ليقدم محاضرة بعنوان "من أجل نهضة علمية ورقي معرفي" لكنه فضّل تجنب القراءة فحولها إلى انطباعات لتتماشى وهذا المقام الاحتفالي، وفيها قدم المحاضر تجربة مسيرته العلمية التي تزيد عن الـ50 عاما أي منذ أن كان طالبا بمعهد ابن باديس بقسنطينة، ثم بجامعة الجزائر ثم بجامعات فرنسا، ثم عمله كأستاذ محاضر بالجامعات الجزائرية والأجنبية خاصة منها العربية بالكويت والأردن. المتحدث اعتبر نفسه أيضا شاهد قرن لأكثر من 60 عاما (يبلغ من العمر 75 سنة) عاش فيها فترة الاستعمار والثورة والاستقلال والتحولات المختلفة التي سمّاها بالعبور الصعب.
ورأى المتدخل أن شروط النهضة تكمن في المشروع الحضاري الذي تنطلق منه السياسات والاستراتيجيات، وأكد أن معالمه تأسست إبان نضال الحركة الوطنية، وفي الثورة التحريرية، لكن بعد الاستقلال انغمس الجميع في بناء الدولة من حيث المنشآت والمؤسسات وتم إغفال تكوين روح الأمة الجزائرية القادرة على الإبداع، وكان من تبعات ذلك تراجع الوطنية وعدم التوحد وطغيان المصالح الفردية، ونبّه المحاضر إلى مخاطر الاستعمار الجديد التي لاحت بوادره من خلال مشروع مضاد يقصف أسس الوحدة والثقافة، ويطرد المشروع الوطني من بيته الجزائر ويحيي قانون "الأنديجينا" وهذه المرحلة شبهها البروفيسور بحادثة المروحة الشهيرة التي سبقت موت الجزائر، لكنه تفاءل بأن الجزائريين لهم القدرة على ردة الفعل المعاكسة وعلى التصدي لكل المخططات التي تحاك من وراء البحر.   
وبعده دخل الوفد الرسمي ممثلا في السيد محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية والأوقاف، والسيد الطيب زيتوني، وزير المجاهدين والسيد أولبصير الأمين العام لوزارة الثقافة، وكان الاستقبال بآيات قرآنية من قراءة البرعم أنس علال، ثم بكلمة للدكتور عمر بافلولو، الذي أشار إلى أن الفعالية تنظم تحت شعار "الجزائر في حاجة إلينا جميعا" وبالتالي فإن على المثقفين أن يكونوا جامعين للشمل واصلين للرحم وراصّين للصف.
تم بالمناسبة أيضا عرض شريط قدمت فيه حصيلة نشاطات المركز وفروعه الولائية خلال الموسم 2014-2015، حيث تم تنظيم 435 محاضرة و160 ندوة و150 معرضا و39 دورة تكوينية و14 ملتقى.
شريط آخر عرض أيضا تضمن حوارا مع البروفيسور سعيدوني، ضيف شرف الحفل وشهادات زملائه وطلبته، علما أنه رائد في الدراسات الخاصة بالفترة العثمانية، وكذا في التراث الإسلامي والجزائري، وله أكثر من 50 دراسة ويوصف بأنه عميد المنهجية التاريخية بالجزائر.
وفي كلمته الترحيبية أكد الدكتور محمد عيسى، أن المحتفى به البروفيسور سعيدوني، كان دوما مرجعا بوزارة الشؤون الدينية، وأشار إلى أن المركز وفروعه منفتحة على كل شرائح المجتمع وهي تكمل مهمة المسجد الذي كان ولا يزال يجمع الجزائريين على كلمة الحق والأخوة والتضامن، ويحصنهم ضد كل ما يمس وطنهم المحسود بامتياز، وتوقف المتحدث عند ذكريات الاستعمار الأليمة الذي هجّر رجال البلد وقتّل أبناءه وغيّر أهله وحاول تغيير دينه ولغته ولكن القرآن والإيمان كان هو الأقوى بفضل المسجد والزاوية والطريقة وغيرها. وكان الجميع يعمل لهدف واحد هو الله والوطن.
وأكد السيد الوزير، أن المركز يكمل فيه المثقف دور الإمام من خلال النقاش والتذكير بالثوابت والوفاء لمبادئ ابن باديس "الإسلام ديننا ـ العربية لغتنا والجزائر وطننا"، ثم نوّه الوزير بتعاون وسائل الإعلام التي ساهمت في التكفلّ بالخير والفضيلة وأخلقة المجتمع، ونوّه أيضا بالفنان صالح أقروت، الذي زرع البسمة وجمع العائلات من حوله وكذلك الحال مع منشدي "أحادي الأرواح" الذين زرعوا الكلمة النظيفة الخادمة للدين والوطن خاصة في شهر رمضان الفضيل، كما شكر البروفيسور سعيدوني، الذي أعطاه معالم الرجوع إلى المرجعية الدينية الوطنية الصحيحة، ليسهب بعدها الوزير في الحديث عن تاريخنا المشرّف خاصة في العهد العثماني، وكيف توحد الجزائريون من مازونة إلى وهران إلى أزفون وغيرها لطرد الغزاة الإسبان، بعد سقوط الأندلس والحديث أيضا عن القيمة العلمية والدينية للجزائر في تلك الفترة في العالم الإسلامي.
وانطلقت بعدها التكريمات وكان المكرّم الأول البروفيسور سعيدوني، وقد وعد السيد محمد عيسى، بطبع كتابه الجديد على حساب تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، ثم كرّم الفنان صالح أقروت، بشهادة تقدير وعمرة بعدما فاز في عملية سبر آراء للمركز الثقافي أجراه لرواده أجمعوا كلهم على هذا الفنان الذي ملأ الحفل بهجة وبتعاليقه الهادفة والمربية وبتواضعه الشديد وتهافت المشاركين من الكبار والصغار من مختلف الولايات على التقاط صور تذكارية جماعية معه. وكرمت أيضا بعض وسائل الإعلام ومنها جريدة "المساء" التي تسلّم مديرها العام شهادة التقدير من وزيري الشؤون الدينية والمجاهدين عرفانا بمساهتها في نشر ثقافة التسامح والثقافة الإسلامية المعتدلة مع الالتزام بالثوابت والقيم الوطنية. كما كرم المنشدون وبعض إطارات المركز الإسلامي.