الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي الجزائري - الأمريكي

تعميق التعاون وتعزيز الجهود لمكافحة الإرهاب

تعميق التعاون وتعزيز الجهود لمكافحة الإرهاب
  • القراءات: 637
مليكة خلاف مليكة خلاف

أكدت الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية، استعدادهما لتعميق تعاونهما الذي يشهد تقدما مستمرا في شتى المجالات، من خلال توسيعه وإدارج مجالات غير مكتشفة إلى حد الآن، في حين جددتا عزمهما على تعزيز الجهود من أجل التصدي لآفة الإرهاب العابرة للحدود. وقد تم بهذه المناسبة تنصيب مجموعات عمل مخصصة للتعاون الأمني والسياسي والاقتصادي والتجاري.

جاء ذلك في افتتاح الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي الجزائري- الأمريكي، أول أمس، التي انعقدت بمقر وزارة الخارجية برئاسة وزير الخارجية، السيد رمطان لعمامرة، وكاتب الدولة الأمريكي، السيد جون كيري، بحضور وفدي البلدين، حيث شكلت العلاقات الثنائية، مكافحة الإرهاب ومفاوضات السلام في الشرق الأوسط محور أشغال هذه الدورة.

وفي كلمته، أكد السيد رمطان لعمامرة أن الجزائر “مستعدة لتوسيع تعاونها مع الولايات المتحدة بهدف إدراج مجالات غير مكتشفة إلى حد الآن، مع تعزيز تلك الموجودة حاليا”، مشيرا إلى أن ذلك يمثل “إحدى أولويات ومهام الحوار الاستراتيجي”.

وإذ أشار إلى أن الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية “تتجه نحو تحالف مبني على أسس صلبة من الثقة والاحترام المتبادل والقيم والمصالح المشتركة”، فقد أوضح أن السوق الجزائرية “مفتوحة ومهيأة لتجاوز كل العوائق والصعوبات المتبقية لتصبح أكثر استقطابا لجلب الاستثمار الأجنبي”.

ومن جهته، قال السيد كيري إنه متحمس جدا لهذه الدورة التي من شأنها فتح آفاق واسعة جدا للتعاون بين البلدين، مشيرا إلى أن الأشغال ستسمح بتطوير التعاون الجزائري- الأمريكي بصفة معتبرة، في الوقت الذي أكد فيه عزم بلده على تطوير علاقاته مع الجزائر التي تعرف تقدما مستمرا.

وإذ أشار إلى أن “الجزائر بلد متجانس يتوفر على موارد بشرية وطبيعية هامة وشعب ملتزم بقيمه وكذا مجتمع مدني نشط، مما يسمح بتعزيز العلاقات الثنائية، فقد أكد المسؤول الأمريكي أنه يمكن تطوير التعاون بشكل مكثف من خلال تعزيز الثقة المتبادلة والإمكانيات في قطاعات التعاون المتعددة والمتنوعة على غرار التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري والثقافي والتعاون في مجال التربية والتكوين.

ففي المجال الاقتصادي، أكد السيد كيري أن الصفقة المبرمة مؤخرا بين المجمع الأمريكي “جنرال إلكتريك” والجزائر حول إنجاز العديد من محطات توليد الكهرباء، تمثل نموذجا للتعاون في المجال الطاقوي “ليس بالنسبة للبلدين فحسب بل بالنسبة لكافة بلدان العالم أيضا”،

وقال إن “الطاقة تشكل ركيزة التنمية والنمو في العالم ولا ينبغي أن تستعمل كسلاح”، مضيفا أن الولايات المتحدة “مستعدة” لتعزيز تعلم اللغة الانجليزية في الجزائر من خلال تكوين المكونين.

ولاحظ أن “في الجزائر، كما في العديد من بلدان إفريقيا، تعد نسبة الشباب مرتفعة، حيث أن 60 إلى 65 بالمائة من السكان تقل أعمارهم عن 30 سنة وأكثر من 40 بالمائة تقل أعمارهم عن 18 سنة. وعليه يجب الحرص على توفير الشغل والتعليم لهم”، يؤكد كاتب الدولة الأمريكي.

الجزائر لن تنحني أبدا أمام آفة الإرهاب

من جهة أخرى، تم التطرق، خلال الاجتماع والندوة الصحافية التي أعقبت أشغال الدورة، إلى مسألة مكافحة الإرهاب، حيث أجمع الطرفان على وصفه بآفة “تهدد أمن العالم بأسره”.

وفي هذا الصدد، أكد السيد لعمامرة أن “الجزائر التي دفعت ثمنا باهضا في مواجهة هذه الظاهرة، لن تنحني أبدا أمامها”، مؤكدا أن هذه الظاهرة تشكل “تهديدا عالميا متعدد الأوجه والأبعاد وتتطلب استجابة شاملة وجهودا منسقة”.

وأشار إلى أن الإرهاب “لا يعرف حدودا وليست له عقيدة ولا دين ويستهدف جميع الأمم”، في وقت أكد فيه أن الجزائر ستواصل العمل بعزم والتزام مع جميع شركائها لمواجهة الخطر واستئصال هذه الآفة.

وفيما يتعلق بمجموعة العمل حول الساحل التي تترأسها الجزائر بالاشتراك مع كندا، أكد السيد لعمامرة عزم الجزائر على “تعزيز نتائج أكثر إيجابية” ومواصلة دعمها الفعال “لمكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة في إفريقيا وخارجها”.

وبشأن منطقة الساحل، أشار السيد لعمامرة إلى أنه “من الضروري اليوم تهيئة كل الظروف التي من شأنها أن تؤسس لمستقبل واعد لشعوب المنطقة التي عانت ولا تزال تعاني من ظروف معيشية صعبة ومحن قاسية”.

وبعد التذكير بأن “الإرهاب والاتجار بالبشر والمخدرات وكل أنواع الأنشطة الإجرامية الأخرى نسجت لها نسيجا وأفرزت لها شبكات في منطقة الساحل” أكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن الخروج من هذا الوضع يتطلب الارتكاز على “استراتيجية مبنية بالدرجة الأولى على مسؤولية دول المنطقة مدعومة بالمساعدة اللازمة من قبل الشركاء الدوليين”.

وقال إنه يتعين على دول المنطقة توحيد قواهم “للمساهمة في تقوية دول الساحل وإعداد خطط اقتصادية ناجعة من شأنها أن تهيئ أفضل الظروف لاستتباب الأمن والتنمية”،  معتبرا أنه “يمكن القيام بذلك عن طريق توفير فرص الشغل والتشجيع على تنمية المؤسسات الصغيرة وتسهيل الحصول على الطاقة والماء وكذا المساعدة في تثبيت واستقرار السكان المحليين وتمكينهم من شروط العيش الكريم”.

وأكد السيد لعمامرة أن “الجزائر التزمت بمتابعة جهودها وتخصيص مواردها في إطار روح التضامن لاستعادة السلم والأمن وتحقيق التنمية الاجتماعية في كل مرة وكلما لزم الأمر”.

أما السيد كيري فقد أكد بخصوص هذا الموضوع على دعم الولايات المتحدة للجزائر في مكافحة الإرهاب وحيا الجهود التي تبذلها من أجل ضمان استقرار منطقة الساحل. مضيفا أن واشنطن ستواصل العمل معها في إطار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب”، كما أشاد في هذا السياق بالجهود التي تبذلها الجزائر في ضمان استقرار منطقة الساحل ومالي والنيجر”، قبل أن يردف “معا (الجزائر والولايات المتحدة) يمكننا المساهمة في بناء دول قانون تتوفر على اقتصادات منتجة في بلدان الساحل وإفريقيا”.

وأشار السيد كيري إلى أن الجماعات الإرهابية “لا توفر لا التعليم ولا الشغل ولا الصحة”، مضيفا أنها “تدمر وتريد فرض إملاءاتها”. وفي المقابل أوضح كاتب الدولة الأمريكي أن الجزائر تشكل “قوة إقليمية” تساهم في ضمان الاستقرار والسلم في المغرب العربي وإفريقيا والعالم العربي.

من جهة أخرى، وصف السيد كيري الكلمة التي ألقاها السيد لعمامرة في افتتاح دورة الجزائر ب«الحكيمة والسديدة والشاملة” بالقول “أنا متحمس جدا بعد أن استمعت إلى التدخل (...) ذلك يعكس إرادة فتح آفاق واسعة جدا لتعاوننا”.

للإشارة، ترأس الدورة الأولى للحوار الاستراتيجي التي عقدت في واشنطن في أكتوبر 2012 عن الجانب الجزائري الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السابق، عبد القادر مساهل، وعن الجانب الأمريكي مساعد كاتب الدولة للشؤون السياسية ويندي شيرمان.

ويمثل الحوار الاستراتيجي الجزائري- الأمريكي الذي يشمل البعد السياسي والاقتصادي والأمني والتربوي والثقافي إطارا منتظما ومهيكلا للتبادلات المعمقة، يرمي إلى تكثيف التعاون الثنائي في كافة القطاعات وترقية التشاور حول كافة المسائل الدولية.