كونه ينبع من تقدير الدولة لمسؤوليتها تجاه رصيدها التاريخي.. الرئيس تبون:

حريصون على ملف الذاكرة بعيدا عن كل مزايدة أو مساومة

حريصون على ملف الذاكرة بعيدا عن كل مزايدة أو مساومة
رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون
  • 408

التعاطي مع الملف بنزاهة وموضوعية في مسار بناء علاقات مثمرة في إطار الاحترام المتبادل

أصدق تعبير عن الوفاء للوطن يكمن في رصّ الصفوف لمعالجة الأوضاع بفعالية وسرعة

نوايا الاستفزاز والمغالطات العدائية لن تثنينا عن الخيارات الكبرى والتوجهات الاستراتيجية

 تاريخنا يزداد إشعاعا ورسوخا كلما اشتد حقد الذين لم يتخلصوا من تطرفهم وارتباطهم بالعقيدة الاستعمارية البالية

فظائع 8 ماي 1945 ستبقى تشهد على مجازر بشعة لا يمكن أن يطويها النسيان

أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أمس، أن الحرص على ملف التاريخ والذاكرة ينبع من تقدير الدولة لمسؤوليتها تجاه رصيدها التاريخي، باعتباره أحد المقومات التي صهرت الهوية الوطنية الجزائرية، مشدّدا على أن هذا الحرص يتم من خلال "النأي عن كل مزايدة أو مساومة لصون ذاكرتنا". وقال الرئيس تبون في رسالة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للذاكرة المخلد لذكرى مجازر الثامن ماي 1945، إن هذا الحرص الذي يرتكز على بناء الحاضر واستشراف المستقبل على أسس ومبادئ رسالة نوفمبر الخالدة، يسعى إلى التعاطي مع ملف الذاكرة والتاريخ بنزاهة وموضوعية، في مسار بناء الثقة وإرساء علاقات تعاون دائم ومثمر يضمن مصالح الجزائر وفرنسا  في إطار الاحترام المتبادل.

وأضاف رئيس الجمهورية أن أصدق تعبير عن الوفاء للوطن في ظل هذه الظروف التي تطبعها تحديات عديدة، يكمن في رصّ الصفوف لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالفعالية والسرعة المطلوبتين، فضلا عن التفاعل مع العالم الخارجي، وما تفرزه التوترات والتقلبات المتلاحقة بجبهة داخلية متلاحمة تعزز موقع ومكانة الجزائر في سياق التوازنات المستجدة في العالم. كما أبرز أهمية إحباط نوايا الاستفزاز والمغالطات العدائية التي لن تثني الجزائر عن الخيارات الكبرى والتوجهات الاستراتيجية، سواء تعلق الأمر بالمسارات التي اعتمدتها لتحقيق وتيرة متصاعدة في مجال التنمية المستدامة، من خلال تسخير القدرات الذاتية ومحاربة الاستنزاف المشبوه  لموارد الأمة، أو ما تعلق بالرؤية المتبناة في السياسة الخارجية للدفاع عن مصالحها واسترجاع ما تستحقه من القوة والهيبة المستمدتين من تاريخها العريق المجيد ومن وحدة شعبها ومن مقدراتها ومواردها ومن إرادتها في توطيد علاقات متوازنة مع شركائها في المنطقة وفي العالم. وأضاف أن هذه الرؤية التي تدعو إلى إعلاء صوت الحق وإلى الوقوف إلى جانب القضايا العادلة، تجعل من الجزائر عامل توازن واستقرار في المنطقة.

كما تطرق الرئيس تبون إلى الأهمية التي يمثلها هذا التاريخ، كونه مصدر "عزتنا وملهم الأجيال على مرّ العصور"،  مضيفا أنه "يزداد إشعاعا ورسوخا في الوجدان كلما اشتد حقد الذين لم يتخلصوا من تطرفهم وارتباطهم المزمن بالعقيدة الاستعمارية البالية البائسة، والذين لم تعلمهم خيباتهم الكف عن محاولات حجب حقائق التاريخ بالتضليل أو الدفع إلى النسيان".  وذكر في سياق متصل، أن الفظائع التي عرفتها سطيف وقالمة وخراطة وغيرها من المدن في الثامن من ماي 1945، "ستبقى تشهد على مجازر بشعة لا يمكن أن يطويها النسيان، بل ستظل محفورة بمآسيها المروعة في الذاكرة الوطنية وفي المرجعية التاريخية التي أسس لها نضال شعبنا الأبي ضد ظلم الاستعمار، وتوقا للحرية والكرامة، عبر المقاومات الشعبية، وتوجها بثورة التحرير المباركة في الأول من نوفمبر 1954".

 


 

وثيقة.. رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء اليوم الوطني للذاكرة 

"بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

أيتها السيدات، أيها السادة،

من أيامنا الشاهدة على عظمة كفاح الأمة، اليوم الوطني للذاكرة المخلّد لمجازر الثامن من ماي 1945، الذي تعود ذكراه السابعة والسبعون (77) لتكون كما في كل عام مناسبة جليلة، لمهابة معانيها وعمق دلالاتها في مسيرة نضال الشعب الجزائري وتاريخ الحركة الوطنية.

إن تاريخنا المجيد مناط فخرنا ومصدر عزتنا وملهم الأجيال على مر العصور، يزداد إشعاعا ورسوخا في الوجدان كلما اشتد حقد الذين لم يتخلصوا من تطرفهم وارتباطهم المزمن بالعقيدة الاستعمارية البالية البائسة، والذين لم تعلمهم خيباتهم الكف عن محاولات حجب حقائق التاريخ بالتضليل أو الدفع إلى النسيان.

إن الفظائع التي عرفتها سطيف وقالمة وخراطة وغيرها من المدن في الثامن من ماي 1945، ستبقى تشهد على مجازر بشعة لا يمكن أن يطويها النسيان، بل ستظل محفورة بمآسيها المروعة في الذاكرة الوطنية وفي المرجعية التاريخية التي أسس لها نضال شعبنا الأبي ضد ظلم الاستعمار، وتوقا للحرية والكرامة، عبر المقاومات الشعبية، وتوجها بثورة التحرير المباركة في الأول من نوفمبر 1954.

ولذلك فإن حرصنا على ملف التاريخ والذاكرة ينبع من تلك الصفحات المجيدة ومن تقدير الدولة لمسؤوليتها تجاه رصيدها التاريخي، باعتباره أحد المقومات التي صهرت الهوية الوطنية الجزائرية، ومرتكزا جوهريا لبناء الحاضر واستشراف المستقبل على أسس ومبادئ رسالة نوفمبر الخالدة. وهو حرص ينأى عن كل مزايدة أو مساومة لصون ذاكرتنا، ويسعى في نفس الوقت إلى التعاطي مع ملف الذاكرة والتاريخ بنزاهة وموضوعية، في مسار بناء الثقة وإرساء علاقات تعاون دائم ومثمر يضمن مصالح البلدين في إطار الاحترام المتبادل.

أيتها السيدات، أيها السادة،

في هذه الذكرى المهيبة، وفي الوقت الذي نستحضر تضحيات الشعب في تلك المرحلة الفاصلة من تاريخ الأمة، فإن أصدق تعبير عن الوفاء للوطن، في ظروف تطبعها تحديات عديدة، يتجلى في رص الصفوف لمعالجة أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية بالفعالية والسرعة المطلوبتين، وللتفاعل مع العالم الخارجي، وما تفرزه التوترات والتقلبات المتلاحقة بجبهة داخلية متلاحمة تعزز موقع ومكانة الجزائر، في سياق التوازنات المستجدة في العالم، وتحبط نوايا الاستفزاز والمغالطات العدائية التي لن تثني الجزائر عن الخيارات الكبرى والتوجهات الاستراتيجية، سواء تعلق الأمر بالمسارات التي اعتمدتها لتحقيق وتيرة متصاعدة في مجال التنمية المستدامة، من خلال تسخير قدراتنا الذاتية، ومحاربة الاستنزاف المشبوه لموارد الأمة، أو تعلق الأمر بالرؤية التي نتبناها في سياستنا الخارجية للدفاع عن مصالحنا واسترجاع ما تستحقه الجزائر من القوة والهيبة المستمدتين من تاريخها العريق المجيد ومن وحدة شعبها ومن مقدراتها ومواردها ومن إرادتها في توطيد علاقات متوازنة مع شركائها في المنطقة وفي العالم، وهي الرؤية التي تدعو إلى إعلاء صوت الحق وإلى الوقوف إلى جانب القضايا العادلة، وتجعل من بلادنا عامل توازن واستقرار في المنطقة.

وفي الأخير، فإنني في هذه الذكرى السابعة والسبعين لمجازر 8 ماي 1945، أقف معكم بخشوع وإجلال ترحما على أرواح الشهداء الزكية وأتوجه بتحية التقدير والإكبار للمجاهدات والمجاهدين أطال الله في أعمارهم، داعيا المولى عز وجل أن يعيننا جميعا على خدمة بلدنا العزيز وشعبنا الأبي وفاء للشهداء والوطن.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

عاشت الجزائر حرّة أبية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".