بعد توقيع حركات الأزواد على اتفاق السلم والمصالحة في مالي

حنكة الدبلوماسية الجزائرية تجهض محاولات التشويش

حنكة الدبلوماسية الجزائرية تجهض محاولات التشويش
  • القراءات: 663
مليكة. خ مليكة. خ
وأمام هذا الحدث الذي وصفه وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي، السيد رمطان لعمامرة، بـ"التاريخي”، تكون الجزائر قد حققت العلامة الكاملة بفضل المثابرة التي ميّزت جهودها الدبلوماسية منذ أن وافقت على طلب الرئيس ابراهيم أبو بكر كايتا، للتكفّل بهذا الملف الحساس في جانفي 2014.
ورغم العراقيل التي واجهت الملف بسبب تشدّد مواقف  بعض الأطراف المالية التي انصاعت أخيرا إلى لغة الحكمة، إلا أن الجزائر ظلّت متمسكة خلال مختلف مراحل الحوار بخيوط الأمل التي كانت تتراءى في مواقف فرقاء مالي، لتستغلها بحنكتها الدبلوماسية في تقريب وجهات النظر وصياغة مقترحات جديدة لإيجاد منافذ للخروج من الأزمة.كما أن هذه النتيجة التاريخية تبرز صحة النهج السلمي الذي ترفعه الجزائر كشعار لها في معالجة الأزمات الدولية، بعد أن تبين بأن الحل العسكري لن يجدي نفعا في ظل ظروف إقليمية وجهوية متأججة، بسبب التغيرات الدولية التي تشهدها بعض دول الجوار وحالات الفوضى التي مازالت تعمّها.
فحتى الدول التي قادت بالأمس الحملات العسكرية في مالي، أدركت أخيرا بأن القوة العسكرية لن تفضي  إلا إلى المزيد من التعقيد والفوضى والخراب، وهو ما تجلى في الواقع المالي الذي يعد إحدى تبعات هذا الخيار، بسبب تفشي مظاهر الفقر والتهجير وتدني مستويات التنمية في مناطق شمال هذا البلد بالخصوص.
وبلاشك فإن تبنّي الخيار السلمي يحتاج إلى الكثير من الصبر والمثابرة والوقت أيضا، بخلاف التدخل العسكري الذي يتميّز في الكثير من الأحيان بالتسرّع والارتجالية مثلما توضحه الكثير من التجارب السابقة، على غرار الأزمة الليبية التي مازلنا نعيش إفرازاتها الخطيرة في المنطقة.
ومثلما لا يخدم توقيع حركات تنسيقية الأزواد، التي التحقت أخيرا بركب السلم والمصالحة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، كونها تجد في الفوضى مرتعا خصبا لتنفيذ مخططاتها، فإن هناك دولا مثل المغرب لا يعجبها بالتأكيد مثل هذا الإنجاز التاريخي لا سيما وأنه حاول التشويش على جهود السلم التي قادتها الجزائر، بمحاولة كسب ود الحركات الأزوادية وشراء ذممها، غير أن محاولاته باءت بالفشل أمام حكمة الدبلوماسية الجزائرية التي عملت إلى جانب فريق الوساطة الدولية على إقناع كافة الأطراف المالية بضرورة رفع مصلحة مالي فوق كل اعتبار.
وبذلك يكون المخزن قد فضح نفسه وكشف عن نواياه المبيّتة بسبب خلافه مع الجزائر بسبب قضية الصحراء الغربية، حيث حاول اللعب بورقة الأزمة المالية التي لا تعنيه سياسيا ولا جغرافيا، وكل ذلك من أجل الترويج لمخطط الحكم الذاتي الذي سعى لفرضه على مالي رغم اختلاف السياق التاريخي بين باماكو والرباط.
ومرة أخرى يبرز التهور الدبلوماسي للرباط، التي شوشت على فرقاء مالي بمحاولة إقحام نفسها في نزاع لا يخصها لا من قريب ولا من بعيد، من خلال العمل على إطالة المفاوضات غير أنها اصطدمت في الواقع  بسد منيع ألا وهو إرادة المضي قدما نحو السلم، الذي يشكّل عملة نادرة في عالم تنغّصه الكثير من النزاعات والانقسامات، لتذهب بذلك مآرب الرباط في مهب الريح.وقد يكون التفاف مالي حول مصلحة بلدهم بدعم من المجموعة الدولية التي أعلنت مرافقتها لمساعي الإعمار في هذا البلد الشقيق، درسا حقيقيا لمن تخوّل له نفسه اللعب على الوتر الحساس المتمثل في السلم، في وقت أطلق المغرب اتهامات باطلة ضد الجزائر لكسر وساطتها  لحل أزمتي مالي وليبيا والتي مفادها أنها (الجزائر)” حوّلت منطقة شمال إفريقيا إلى سوق للإرهابيين”.
فأمام هذا الحدث التاريخي الذي شهدته باماكو، أمس، تكون الجزائر قد جددت حضورها التاريخي في المنطقة لتثبت مرة أخرى بأنها تبقى دائما مفتاح الحل مثلما راهن على ذلك الماليون، الذين أكدوا في عدة مناسبات أنه من الصعب الحلم بالسلام في مالي دون مشاركة الجزائر، معترفين بالدور المحوري الذي لعبته في حل أزمــــــــات بلدهم خلال الفترات السابقة.

الجزائر-مالي : اجتماع اللجنة الثنائية الاستراتيجية حول شمال مالي

 افتتحت الدورة الـ9 للجنة الثنائية الاستراتيجية حول شمال مالي، أشغالها أمس بباماكو، برئاسة وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، ونظيره المالي عبد اللاي ديوب. وأوضح السيد لعمامرة، في تدخله خلال افتتاح الأشغال أن اللجنة الاستراتيجية الثنائية ”التي تم إنشاؤها من أجل إرساء السلام تعد أداة تبرهن على مصداقية وخصوصية ومثالية” العلاقات بين الجزائر ومالي.
وأضاف ”إنها أيضا أداة تعكس إرادة بلدينا في العمل معا والتقاسم الحقيقي للأمن والازدهار خدمة لشعبينا”. كما أشار إلى أن اللجنة قد حققت ”بنجاح” المرحلة الأولى من وجودها من خلال مرافقة وتنشيط مسار المفاوضات بين الماليين. وتابع قوله إن اللجنة الاستراتيجية الثنائية مدعوة اليوم لأن ”تكون قاعدة قوية حقيقية لإرادة بلدينا من أجل بذل مزيد من الجهد معا لضمان نجاح اتفاق السلام و المصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر”.
وأكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية، في ذات السياق أن ”مهمتنا تتمثل في المشاركة الفاعلة في الاجتماع وتوفير شروط نجاح تجسيد الاتفاق”، مضيفا أن الجزائر قائدة الوساطة الدولية في مفاوضات الحوار المالي الشامل ”ستواصل تحمّل” مهمتها كرئيسة للجنة متابعة اتفاق السلام والمصالحة في مالي التي ستنصب اليوم بباماكو. كما أوضح السيد لعمامرة، أن لجنة المتابعة تضم جميع البلدان والمنظمات التي شاركت في فريق الوساطة، والأطراف المالية منها الحكومة والأطراف الموقّعة على الاتفاق ”الذين يجب عليهم جميعهم اعتبار أنه من الآن أصبحنا في إطار فريق يفوز من أجل مالي، والسلام والأمن في المنطقة وفي العالم”.
من جانبه أشاد وزير الشؤون الخارجية المالي ”بالالتزام الشخصي للرئيس بوتفليقة، وحكومته نظير الدعم المقدم لمالي”. وتابع قائلا ”إننا مرتاحون للمراحل التي قطعت من أجل تقريب إخواننا الماليين”، مضيفا ”إننا نستعد لتخطي مرحلة جديدة المتمثلة في استكمال مسار توقيع اتفاق السلام والمصالحة في مالي من خلال تنسيقية حركات الأزواد”. وقال في ذات الصدد ”إن مرحلة قد انتهت وأخرى بدأت تعد صعبة ولكنها مؤطرة بالاتفاق المنبثق عن مسار الجزائر”.
للتذكير فإن اللجنة الاستراتيجية الجزائرية ـ المالية حول شمال مالي قد تم إنشاؤها طبقا للقرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ونظيره المالي إبراهيم أبو بكر كايتا، خلال زيارة الصداقة والعمل التي قام بها رئيس الدولة المالي إلى الجزائر يومي 18 و19 جانفي 2014. كما أن اللجنة التي تعكس الإرادة السياسية لرئيسي الدولتين في بناء علاقة خاصة قائمة على شراكة استراتيجية من شأنها ضمان متابعة وتجسيد إجراءات كفيلة بالمساهمة في التسوية السلمية لمشاكل شمال مالي بكل أبعادها. وتسعى كذلك إلى توفير شروط تعزيز السلم والأمن والاستقرار في منطقة الساحل برمّتها.