"الأفسيو" يحضّر دراسة تحليلية حول واقع المؤسسة في ظل القوانين الحالية

خبراء وأخصائيون يطالبون بإصلاح القانون التجاري

خبراء وأخصائيون يطالبون بإصلاح القانون التجاري
  • 1428
جميلة. أ جميلة. أ

يحضّر منتدى رؤساء المؤسسات لتقديم دراسة تحليلية مفصلة حول واقع المؤسسة الجزائرية في ظل القوانين التجارية المتعامل بها حاليا، والتي تتطلب، بحسب متخصصين في القانون والقضاء، مراجعات جذرية تشمل جوانب عدة. ويؤكد مصدر من المنتدى أن الدراسة تندرج ضمن سلسلة المبادرات التي تعكف الهيئة على بلورتها، والرامية في أساسها، إلى المساهمة في تصحيح جملة الاختلالات التي تعترض مسار المؤسسة الجزائرية وتطورها. وسيتم عقب الانتهاء من إعداد مختلف الدراسات والمساهمات التي يشارك فيها خبراء وأساتذة جامعيون، إرسالها إلى الوزارات المعنية، تتقدمهم وزارة التجارة والقضاء فيما يتعلق بملف تعديل القانون التجاري.

وأجمع خبراء في القانون والقضاء خلال ندوة منتدى رؤساء المؤسسات المنعقدة أمس بمقر الـ "أفسيو" وخُصصت لمناقشة موضوع يتعلق بإصلاح القانون التجاري بغية إصلاح مناخ الأعمال في الجزائر، على ضرورة إجراء مراجعة جذرية للقانون التجاري الجزائري، الذي لم يعد يتماشى وواقع الأعمال ببلادنا ولا حتى القوانين المتعامَل بها دوليا، وهو ما يفسر نفور المستثمرين الوطنيين والأجانب من الاستثمار في السوق الوطنية رغم التحفيزات والتسهيلات الممنوحة لهم.

وعدّدت الخبيرة في قانون الأعمال السيدة أكرون.ي، جملة من النقائص والتناقضات وحتى الاختلالات التي يتضمنها القانون التجاري الجزائري؛ سواء من حيث المضمون أو حتى الشكل. وقالت المتخصصة في مداخلة مفصلة ودقيقة، إنه على الرغم من التعديلات التي طرأت على نص القانون إلا أنها - التعديلات - لم تشمل عمق النص، كما أنها لم تكيّف القانون بما هو معمول به دوليا، وبما يساير المحيط الاقتصادي والتجاري الإقليمي والدولي.

والدليل على عدم فعالية القانون التجاري هو الأرقام المعلَنة من قبل الديوان الوطني للإحصاء، الذي أقر بتراجع مخيف للمؤسسات من السجل التجاري؛ أي شطّبها خلال سنة 2013 بنسبة تفوق 7 بالمائة مقابل زيادة في التسجيلات. وقالت الخبيرة: "لما ننظر إلى إحصائيات السجل التجاري نلاحظ أنه تم تسجيل ارتفاع في حالات الشطب من السجل التجاري للشركات التجارية، بزيادة تمثل 7 بالمائة، وعلينا أن نتساءل لماذا نسبة الشطب أكبر من نسبة تسجيل الشركات التي لا تتعدى 4 بالمائة وعلينا تفسير ذلك".

وركزت الخبيرة في تدخّلها على جوانب هامة، أبرزها ما تعلّق بمشكل اللغة، مشيرة إلى أن النص الأصلي للقانون التجاري مكتوب ومعَد باللغة الفرنسية، ومادام القانون الجزائري يشترط أن تكون النصوص مكتوبة ومدوَّنة بالعربية فقد تمت عملية الترجمة من قبل من ليس لديهم خبرة في هذا النوع من الترجمات؛ على اعتبار أن ترجمة النصوص القانونية تشترط أولا إتقان اللغتين؛ لغة الترجمة واللغة الأصلية للنص، بالإضافة إلى الإتقان الجيد والتمكن من الناحية القانونية. لكن ـ تضيف السيدة أكرون ـ ما يلاحَظ اليوم في ترجمة القانون التجاري، أننا بصدد نصين مختلفين رغم أنه كان من المفروض أن يؤديا نفس الفكرة. ومادام الأمر ليس كذلك فإن وجود نصين مختلفين أدى إلى ظهور نظامين قانونيين مختلفين؛ مما صعّب، وبشكل كبير، من مهمة القاضي.

وفي السياق، تقول الخبيرة إنه إذا كان القاضي وطنيا فإنه مضطر للعمل باللغة العربية؛ وبالتالي إصدار قرار وحكم على أساس النص المدوَّن باللغة العربية، بينما اذا كان القاضي أجنبيا ومن محكمة خاصة يستند في قراراته إلى التحكيم الدولي، فالعبرة هنا تكون في النصوص، التي غالبا ما تستند إلى تلك المدوَّنة باللغة الفرنسية وإصدار حكم يستند إلى قوانين بالفرنسية، مما يضعنا أمام أحكام مختلفة على أساس نصين بلغتين ومضمونين مختلفين واجتهادين قضائيين مختلفين، وهذا ما لا يضمن الأمن القانوني والقضائي.

وأمام هذا الوضع طالب الأخصائيون بضرورة الشروع في مراجعة جذرية للقانون التجاري؛ لأننا عندما نتفحصه ونرى نتيجته على أرض الواقع وننظر في المقابل إلى العمل القضائي، نجد أن هذا القانون يتضمن صعوبات يجب أخذها بعين الاعتبار، ونعمل على إصلاحها ضمن سياسة وطنية تشمل العديد من القوانين والتنظيمات. من جانبه، تحدّث المحامي جمال الدين لكحل، عن ضرورة إصلاح حقوق المؤسسات المتواجدة في وضعية صعبة؛ على اعتبار أن القانون الجزائري لا يتكفل بالمؤسسة قبل الانهيار بل بعد فوات الأوان. كما تحدّث الأخصائي عن القانون المتعلق بتمثيل الماركات الأجنبية ببلادنا خاصة، أمام تسجيل ما لا يقل عن 50 علامة أجنبية تحتاج إلى قوانين واضحة ومحددة لتسييرها، والاحتكام إليها، مشيرا إلى أن هناك قانونا لكنه عادي ولا يتماشى وتطور السوق.