البحث عن مخلفات الجرائم النووية المدفونة في الجنوب
خبيران فرنسيان يطالبان باريس بالتعاون مع الجزائر
- 786
دعا خبيران فرنسيان في مقال نشر أول أمس، في يومية "لوموند"، الحكومة الفرنسية للتعاون مع السلطات الجزائرية قصد إيجاد المواد الإشعاعية المدفونة في الجنوب الجزائري نتيجة التجارب النووية الـ17 التي نفذتها فرنسا.
وقال كل من باتريس بوفري وجون ماري كولين إنه "بعد أكثر من خمسين سنة من التجربة النووية الأخيرة الفرنسية في الصحراء، لا يجب أن يبقى الماضي النووي لفرنسا مدفونا في الرمال". وأضافا أنه "حان الوقت لاستخراج النفايات الناجمة عن التجارب الـ 17 التي نفذتها فرنسا في الصحراء ما بين 1960 و1966 وذلك قصد ضمان السلامة الصحية للأجيال الحالية والمستقبلية والمحافظة على البيئة وفتح مرحلة جديدة للعلاقات بين الجزائر وفرنسا". وبعد أن ذكرا أنه "تم أخذ بعين الحسبان الأضرار البيئية والاجتماعية" جراء التجارب النووية الفرنسية التي وقعت في بولينيزيا والشروع في عملية التصليح، أعرب الخبيران عن أسفهما لكون الجزائر لم تستفد من نفس المعاملة. وأشار إلى أن وجود مواد ملوثة بالنشاط الإشعاعي المدفونة طوعا على مستوى مواقع التجارب ومواد إشعاعية في رمال ممزوجة بالزجاج وصخور ملوثة ناجمة عن انفجارات التجارب، يبقى موضوع طابوهات في فرنسا ونجم عن هذا التواجد "أخطارا صحية كبيرة على السكان المحليين والأجيال المستقبلية وكذا البيئة".
وتمت الدراسة على أساس شهادات وزيارات في الميدان ومجموعة من الوثائق بما في ذلك التقرير المصنف "سريا خاص بالدفاع" الذي تم تقديمه لأرشيف وزارة الدفاع الفرنسية. واعتبر باتريس بوفري وجون ماري كولين أنه "بعد مصادقة الجزائر و121 دولة أخرى على مستوى منظمة الأمم المتحدة بتاريخ 7 جويلية 2017 على معاهدة حظر الأسلحة النووية، وجدت مسألة التجارب النووية الفرنسية مبررا إضافيا للخروج من نكران الواقع". وبعد أن أشارا إلى أن "دخول المعاهدة صار قريبا بعدما صادقت عليها 44 دولة من 50 دولة لازمة على الأقل"، أكدا أنه يجب على فرنسا أن تقدم للجزائر "مساعدة تقنية ومعلومات حول المناطق التي دفنت فيها النفايات وبالتالي جعل تنفيذ مختلف واجبات المعاهدة ممكنا". ويعتبر الخبيران أن "الاعتراض الشرس لفرنسا على المعاهدة لا يمكن أن يكون حجة للاحتفاظ أكثر بمعطيات من شأنها أن تضع حدا لمشكل إنساني.. فضلا عن ذلك، سيكون ذلك ضد مسار المصالحة بين الشعبين الفرنسي والجزائري على حد تعبير الرئيس إيمانويل ماكرون".
وتساءلا في مقالهما "كيف يمكن لعمل الذاكرة هذا أن يدع جانبا عشرات الآلاف من الجزائريين... شاركوا (مذكرة تحرير: بأجسادهم) في هذه المغامرة الذرية المظلمة والتي يتحملون إلى غاية الآن آثارها". وأوضحا أنه إذا كان تنفيذ بعض الإجراءات في إطار هذا التعاون "سيحتاج للوقت" على غرار الخبرة الإشعاعية والدراسة الصحية للأخطار المنتقلة عبر الأجيال، فهنالك إجراءات أخرى يمكن مباشرتها بقرار سياسي بسيط. وعليه يمكن لوزيرة الدفاع الفرنسية "سريعا أن ترسل للسلطات الجزائرية قائمة تضم مناطق دفن النفايات"، مشيرين إلى أن "هذا الطلب يتداوله نواب في البرلمان حاليا"، ليختم في الأخير بالقول إنه "حان الوقت لتفتح فرنسا أرشيفها وتنفذ بسرعة هذه الإجراءات للخروج من قضية التجارب النووية".