ثمّنت مصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون الاتجار بالأشخاص.. بن براهم:
خطوة مهمة لردع آفة مسكوت عنها

- 564

اعتبرت المحامية فاطمة الزهراء بن إبراهم، أن مشروع القانون المتعلق بالوقاية من الإتجار بالبشر ومكافحته الذي صادق عليه مجلس الوزراء، خطوة مهمة لوضع حد لهذه الظاهرة التي تعد "اعتداء على الأخلاق"، مطالبة باتخاذ تدابير صارمة لتنفيذ هذا القانون وتشديد العقوبة على مرتكبي هذه الجريمة، وتفعيله بوسائل بشرية ومادية متخصصة في ظل توفر إرادة قوية للقضاء على هذه الظاهرة المسكوت عنها.
ثمّنت الأستاذة بن ابراهم، في اتصال بـ"المساء" أمس، مصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون المتعلق بمحاربة ظاهرة الإتجار بالبشر، مشيرة إلى أن هذه الآفة أخذت أبعادا خطيرة منذ القدم بكل الدول بما فيها الجزائر، حيث ذكرت بأن الإتجار بالبشر لا يعني شراء عبيد لاستغلالهم في الأشغال الشاقة فقط كما كان معمولا به في العصور السابقة، بل يعني استغلال البشر في عدة ممارسات غير قانونية وغير أخلاقية. وهي ظاهرة موجودة ببلادنا ـ تقول محدثتنا ـ التي استدلت بالقضايا التي تطرح على مختلف محاكم الوطن، وتتعلق باتجار شبكات إجرامية وحتى الأقارب والعائلات بفئات من البشر مقابل عائدات مالية.
وأضافت بن ابراهم التي ناضلت منذ سنوات رفقة حقوقيين وجمعيات تنشط في مجال حماية الطفولة والمرأة من أجل سن قانون للوقاية من الإتجار بالبشر، أن الجميع ينتظر من هذا النص القانوني إقرار صرامة فيما يتعلق بالتنفيذ، باعتباره قانونا مستقلا يتضمن عقوبات صارمة، وليس بإدراجه ضمن قانون العقوبات، مع إيجاد وسائل لتفعيل هذا القانون بعد أن أخذت الظاهرة أبعادا خطيرة خاصة فيما يتعلق بالمتاجرة بالأعضاء والدعارة. في نفس السياق، شددت المحامية على ضرورة أن يتضمن نص القانون عقوبات صارمة لردع المتورطين في قضايا استغلال الأطفال التي تسجل بين الحين والأخر بمختلف مناطق الوطن، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة "لا يزال مسكوتا عنها ولا زال أطفالنا يعانون في صمت من الإتجار بهم واستغلالهم في التسول وفي الدعارة مقابل مبالغ مالية".
كما اقترحت السيدة بن ابراهم، وضع آليات تضمن الحماية الدقيقة للشهود والمبلّغين عن ظاهرة الإتجار بالبشر، باعتبارها جريمة خطيرة ومنظمة تقوم بها شبكات قوية تلجأ الى كل الطرق لحماية نفسها بما فيها التصفية الجسدية. كما دعت إلى تكوين فرق متخصصة في هذا النوع من الإجرام على مستوى مصالح الأمن والدرك الوطنيين، وتزويدهما بوسائل متطورة من مروحيات ونظام كشف وجود حركة للأشخاص، شبيه بذلك المعمول به لترصد حركات الجماعات الإرهابية بالجبال. بالإضافة إلى السماح بإجراء تحاليل الحمض النووي على الضحايا عند العثور عليهم في شبكات الدعارة وغيرها، نظرا لكون أغلب الأشخاص الذين يستغلون في مثل هذه الجرائم كانوا أو لا يزالوا محل بحث لأنهم من ضحايا الاختطاف في سن جد مبكر يجهلون نسبهم وعائلاتهم.
وبالرغم من أن الإتجار بالبشر له عدة أهداف فإن الأستاذة بن ابراهم، لاحظت بأن القضايا المطروحة على المحاكم ببلادنا تؤكد أن الدعارة تبقى أحد أهم أهدافه. مطالبة بمنع "الدعارة ما بين الكبار غير المعاقب عليها حاليا، بالرغم من أن الإسلام صنّفها من الكبائر"، وذلك من أجل حماية النساء اللواتي تستغلن في هذا النشاط رغما عنهن من طرف شبكات تتاجر بهن، مقابل عائدات مالية ضخمة، مع ممارسة كل أشكال العنف والتهديد ضدهن. في ذات الصدد، تطرقت الأستاذة بن ابراهم إلى ظاهرة استغلال البنات الإفريقيات اللواتي يتواجدن بطريقة غير قانونية بالتراب الجزائري، من طرف شبكات إفريقية تسهل هجرتهن للجزائر وتوظفهن في الدعارة بمساعدة جزائريين.
وأكدت المحامية أن القضايا التي تعالجها المحاكم يوميا تثبت وجود ظاهرة الإتجار بالبشر التي تمس عدة فئات، بدءا بالرضّع وخاصة مجهولي النسب، حيث توجد شبكات تستغل الأمهات العازبات وتبيع مواليدهن، مستدلة بتسجيل عمليات سرقة لأطفال حديثي الولادة بالمستشفيات، لبيعهم لأطراف تدّعي الكفالة، وحتى لجهات تقوم بترحيلهم الى خارج الوطن، حيث قد تستغلهم في الدعارة أو نزع الأعضاء، أو التسول أو غير ذلك من الجرائم.
كما أشارت المحامية إلى أن المحاكم سجلت العديد من القضايا المتعلقة بتورط الأقارب بمن فيهم الأباء في استغلال أبنائهم في الدعارة مقابل الحصول على مبالغ مالية، إلى جانب الأطفال المختطفين الذين تستغلهم الشبكات الإجرامية في الدعارة أيضا، بأماكن تدعى بـ"الميسا" بمناطق جبلية بعيدة عن الأنظار، وتمارس كل أشكال الترهيب ضد من يحاول الفرار، حيث أكدت محدثتنا أن العدالة عالجت في السنوات الماضية، قضية لطفلة كانت ضحية للاختطاف استغلت في الدعارة ثم تعرضت للقتل والحرق عندما حاولت الفرار. وذكرت محدثتنا كذلك حالات الإتجار بالبشر من أجل نزع الأعضاء خاصة ما تعلق بالكلى والعينين، حيث أشارت إلى أن هذه الظاهرة استهدفت المختلين عقليا الذين يتخذون من الشوارع مأوى لهم، مؤكدة أن هذه الحالات يصعب ضبطها بأرقام رسمية "غير أن العدالة عالجت قضايا من هذا النوع".