ذبح قسيس وإصابة آخر داخل كنيسة في شمال فرنسا
"داعش" تبدأ مخطط "تعميم الرعب" في أوروبا
- 846
أقدم مسلحان على ذبح أحد القساوسة وإصابة آخر بجروح بليغة بعد عملية احتجاز للرهائن وقعت صباح أمس داخل كنيسة كاثوليكية بأحد الأحياء الشعبية بضواحي مدينة روان في أقصى شمال فرنسا.
تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي سارع إلى إعلان مسؤوليته على العملية وأكد أن اثنين من جنوده نفذا عملية الاقتحام وحجزا رهائن قبل إعدام أحد القساوسة ذبحا. وحسب بيان لوزارة الداخلية الفرنسية، فإن عملية الاقتحام واحتجاز الرهائن تمت لحظة إقامة قداس ديني في كنيسة بأحد الأحياء الشعبية في مدينة روان. وأضاف أن قوة خاصة تمكنت من تحرير ثلاثة رهائن بينما اغتيل الأب جاك هامل البالغ من العمر 84 عاما ذبحا، في وقت مازال فيه قس آخر يرقد في المستشفى بين الحياة والموت بسبب الجروح الخطيرة التي أصيب بها.
قوة التدخل الخاصة مكنت من القضاء على منفذي الهجوم، حيث أكدت مصادر الشرطة القضائية الفرنسية أن أحد منفذي العملية "معروف لدى أجهزة مكافحة الإرهاب" وسبق له أن زار سوريا العام الماضي. وعاد مؤخرا عبر تركيا دون أن يعلن عن هويته، لكن التحريات جارية للتأكد منها.
أدخلت هذه العملية كل فرنسا في هستيريا أمنية حقيقية وخاصة وأنها أول عملية مسلحة تستهدف كنيسة في بلد مسيحي بعد عملية الدهس الجماعي بشاحنة ضخمة، أودت بحياة 84 شخصا في مدينة "نيس" السياحية عشية الاحتفالات بعيد الثورة الفرنسية يوم 14 جويلية.
يسود الاعتقاد لدى السلطات الفرنسية وعامة الشعب الفرنسي أن هذه العملية ما هي سوى بداية لسلسلة عمليات لاحقة بعد أن توعد تنظيم الدولة الإسلامية بالانتقام من فرنسا ردا على مشاركتها في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد هذا التنظيم في العراق وسوريا.
ويمكن القول أن لجوء "داعش" الإرهابي إلى استخدام الأسلحة البيضاء في تنفيذ عملياتهم في فرنسا وقبلها في ألمانيا، أخلط حسابات الأجهزة الأمنية الفرنسية التي لم يعد في مقدورها الكشف "الإستباقي" لمثل هذه الخطط خاصة أن منفذيها عادة ما يدرجون في قائمة "الذئاب المعزولة" الذين يقومون بعملياتهم دون التفطن لخططهم.
المحللون والمتتبعون لجرائم هذا التنظيم الارهابي يعتقدونه أن "داعش" باتت تعتمد استراتيجية "تعميم الرعب" في أوروبا لزرع الخوف في كل الدول الأوروبية من إسبانيا إلى إيطاليا وبريطانيا ووصولا إلى هولندا وبلجيكا التي أصبحت شعوبها تستفيق على أخبار العمليات الإرهابية في هذا البلد أو ذاك.
جاء تنفيذ عملية أمس في مكان لم يكن أحد يتوقع أن تنفذ فيه، وهو ما جعل الخطة الأمنية التي وضعتها السلطات الفرنسية بعد عملية منتزه الانجليز بمدينة "نيس" تسقط في الماء ـ كما يقال ـ رغم الإجراءات الأمنية وحالة الاستنفار التي وضعت فيها مختلف الأجهزة الأمنية الفرنسية واستدعاء قوات الاحتياط تحسبا لأي طارئ إرهابي.
وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي انتقل على جناح السرعة الى مكان وقوع العملية إن "الكاثوليك ضربوا ولكن الأمر يهم كل الفرنسيين" حاثا إياهم على الوحدة والتضامن ومنع وقوع أي شرخ بين مكونات المجتمع الفرنسي. وأشارت تصريحات الرئيس الفرنسي على حقيقة هاجس الخوف المتزايد الذي سكن نفوس عامة الفرنسيين وهم يقفون من يوم إلى آخر على فشل الأجهزة الأمنية في مواجهة شبح إرهاب نائم بين ظهرانيهم وضمن وضعية أمنية جعلت الرئيس هولاند يؤكد أن "التهديدات عالية جدا".
وأدخل توالي عمليات التفجير والاغتيالات المتلاحقة السلطات الفرنسية في حيرة من أمرها مما أوقعها تحت طائلة انتقادات لاذعة من خصومها وشجع اليمين المتطرف على تمرير مواقف الكراهية التي يكنها للأجانب المقيمين فوق التراب الفرنسي وخاصة المسلمين منهم.
وهو ما يفسر سيل الانتقادات التي تتعرض لها الحكومة الفرنسية، أشهرا فقط قبل الانتخابات العامة شهر ماي القادم والتي وضعت الحزب الاشتراكي في أسوإ أيامه مقابل صعود قوي لحزب الجبهة الوطنية العنصري وأحزاب اليمين الأخرى التي وجدت في توالي مثل هذه العمليات فرصة لتحميل الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس مسؤولية فشل الخطط الأمنية التي وضعتها حكومته لمواجهة التهديدات الإرهابية رغم التمديد المتواصل لقرار حالة الطوارئ منذ عمليات ملعب فرنسا ومسرح باتاكلان التي خلفت مصرع 130 فرنسيا شهر نوفمبر من العام الماضي.