رئيس الجمهورية يمضي مرسوم التعديل
دستور جديد لتكريس التغيير والإصلاحات وبناء الجزائر الجديدة
- 560
❊ الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي الأصيل وتشييد دولة القانون
وقع رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أول أمس الخميس، مرسوما رئاسيا يقضي بإصدار الدستور المعدل في الجريدة الرسمية، بعد الاستفتاء عليه في الفاتح من نوفمبر الماضي في اقتراع كان شفافا، بعد سنوات كانت فيها الاستحقاقات الماضية محل شكاوي التشكيلات السياسية التي تسجل حدوث التزوير في المراكز الانتخابية.
ويعد تعديل الدستور من أولى الورشات التي فتحها الرئيس تبون للنقاش منذ اعتلائه سدة الحكم في سياق برنامج الإصلاح السياسي والتغيير الشامل واستجابة لمطالب الحراك الشعبي الأصيل والمبارك، الذي انتفض ضد ممارسات الحكم الفردي.
كما أن هذا التعديل برأي مراقبين يعد خطوة أملاها واقع سياسي، فرض ضرورة التكفل بالمطالب الشعبية لبناء دولة القانون وتحقيق التوازن بين مختلف السلطات مع ضمان الشفافية في تسيير الشأن العام.
وتتضمن هذه الوثيقة القانونية مقترحات موزعة على ستة محاور أساسية، أهمها إقرار مبدأ التصريح (عوض الترخيص) لممارسة حرية الاجتماع والتظاهر، إنشاء الجمعيات وعدم حلها إلا بقرار قضائي، فضلا عن عدم تضمن أي قانون لأحكام تعيق بطبيعتها حرية إنشاء الأحزاب السياسي.
وإذ تنص على عدم ممارسة أكثر من عهدتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين، وتحديد العهدة البرلمانية بعهدتين، فقد عادت الوثيقة إلى تعزيز مركز رئيس الحكومة وتوسيع صلاحياته بدلا من اعتماد منصب الوزير الأول كمنسق شكلي للفريق الوزاري، ناهيك عن إلغاء حق الرئيس في التشريع بأوامر خلال العطل البرلمانية.
وفي محور السلطة القضائية، أبعدت المسودة وزير العدل والنائب العام لدى المحكمة العليا من تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء، مع رفع عدد القضاة المنتخبين داخله، وإقرار لأول مرة محكمة دستورية بدلا من المجلس الدستوري، ومنحها حق الرقابة على القرارات المتخذة أثناء الحالة الاستثنائية، وتكريس اختصاصها بالنظر في مختلف الخلافات التي قد تحدث بين السلطات الدستورية بعد إخطار الجهات المختصة.
وفي أبواب أخرى، نقف على دسترة سلطة عليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، وإدراجها ضمن الهيئات الرقابية، فضلا عن دسترة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
ومن المقترحات المهمة أيضا دسترة الحراك الشعبي ليوم 22 فبراير 2019 ضمن ديباجة الدستور، مع حظر خطاب الكراهية والتمييز، وإدراج اللغة الأمازيغية ضمن الأحكام الصماء التي لا تخضع للتعديل الدستوري.
كما شكل مقترح دسترة مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة إضافة دستورية لافتة، حيث يسمح لرئيس الجمهورية بإرسال وحدات عسكرية خارج الحدود من أجل السلام بعد موافقة البرلمان.
ويضطلع رئيس الجمهورية حسب المادة 91، بالإضافة إلى السلطات التي تخولها إياه صراحة أحكام أخرى في الدستور، بعدة صلاحيات أهمها "أن يستشير الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية عن طريق الاستفتاء".
وسبق عملية الاستفتاء على الدستور فتح نقاش واسع بين مختلف الاطياف الوطنية، قصد اثرائه وتشخيص اختلالاته من دون قيود، مما كرس سياسة تشاركية جديدة، عبرت عن نمط جديد في ممارسة الحكم.
وكان رئيس الجمهورية قد أكد في وقت سابق أن مشروع التعديل الدستوري يوفر "كل الضمانات لنزاهة الانتخابات"، سواء بدسترة السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات أو بتقنين صارم للتمويل السياسي للحفاظ على حرية الإرادة الشعبية، أو بمنح فرص متكافئة للجميع في التصويت والترشح حتى يحترم صوت الناخب ويتعزز المشهد السياسي بجيل جديد من المنتخبين.
وتمسك القاضي الاول في البلاد بأهمية تسبيق التعديل الدستوري، من منطلق أنه ليس من المعقول تجديد الهيئات المنتخبة بقوانين مرفوضة شعبيا، كما أن تطبيق هذا التعديل الدستوري يستلزم تكييف عدد من القوانين مع المرحلة الجديدة ضمن منظور الإصلاح الشامل للدولة ومؤسساتها واستعادة هيبتها.