إعادة بعث اللجنة المشتركة لتجسيد "إعلان الجزائر"
رئيسة الوزراء الفرنسية و16 وزيرا في الجزائر اليوم

- 537

تحل الوزيرة الأولى الفرنسية، إليزابيت بورن، اليوم، بالجزائر على رأس وفد حكومي يضم 16 وزيرا وعددا من رؤساء المؤسسات، في زيارة تدوم يومين وستعرف التئام اللجنة الحكومية المشتركة الجزائرية - الفرنسية رفيعة المستوى في دورتها الخامسة.
يرى متابعون أن هذه الزيارة - رغم كونها تدخل في إطار سلسة اللقاءات الدورية للجنة منذ 2012 - فإنها تسجل في سياق عودة تدريجية لطبيعة العلاقات الجزائرية – الفرنسية، بعد سنوات من "البرودة" التي ميزت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أدت إلى توقف عمل اللجنة.
وينتظر أن يستقبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الوزيرة الآولى الفرنسية، في سياق ما يوصف بالـ«مصالحة" التي بدأت ملامحها الأساسية بزيارة الرئيس الفرنسي إيماويل ماكرون للجزائر منذ شهر ونصف. حيث تميزت هذه الزيارة بالتوقيع على "إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة" من طرف رئيسي البلدين في 27 أوت الماضي، اتفق البلدان من خلاله على لعب دور مركزي في تعزيز الشراكة بين إفريقيا وأوروبا وفي بناء منطقة متوسطية يسودها السلم والتنمية والازدهار المشترك، مع تحديد أجندة مستقبلية مشتركة في أفق عام 2030 .
والتزم الطرفان بالتعامل بطريقة "ذكية وشجاعة" مع قضايا الذاكرة، بهدف استشراف المستقبل المشترك "بهدوء" والاستجابة للتطلعات المشروعة لشباب البلدين، متفقين على إنشاء لجنة مشتركة من المؤرخين، تكون مسؤولة عن معالجة جميع القضايا.
كما تم الاتفاق على إنشاء "مجلس أعلى للتعاون" على مستوى رئيسي البلدين، سيجتمع مرة كل سنتين بالجزائر و باريس تناوبا، وسيشرف على تنشيط مختلف الآليات القائمة للتعاون الثنائي، وسيقدم التوجيهات العامة حول المحاور الرئيسية للتعاون والإجراءات الملموسة للشراكة.
وأكد الإعلان أن الاجتماع الأمني الذي عقد في 26 أوت بين رئيسي البلدين بحضور أهم القيادات العسكرية، والذي يعد سابقة في العلاقات الامنية بين الجزائر وفرنسا، سيتم تجديده "كلما دعت الحاجة إلى ذلك"، وتعد الشراكة الاقتصادية إحدى أهم المحاور التي تضمنها إعلان 2022، وهو ما يبرز في الالتزام بإعطاء دفعة جديدة للعلاقات الاقتصادية.
وأكد مصدر دبلوماسي فرنسي لجريدة "لوموند" في عددها الصادر، أمس، أن الفكرة التي تريد فرنسا اعتمادها هي "إضفاء طابع رسمي على "خارطة الطريق" بين البلدين من خلال تعزيز أجندة اللقاءات الثنائية على كل المستويات وبوتيرة منتظمة، لتجنب أي انتكاسة في العلاقات الثنائية مجددا"، مشيرا إلى أن فرنسا بحاجة إلى "إعادة إنشاء علاقة سلسة وهادئة ".
ويعد الجانب الاقتصادي بابا يعتمد عليه الطرفان لتمين علاقتهما، وهو ما يظهر في برمجة منتدى لرجال أعمال البلدين يومي 10 و11 أكتوبر بفندق الأوراسي، سيتم ترؤسه من قبل الوزير الاول أيمن بن عبد الرحمان ونظيرته الفرنسية إليزابيت بورن.
وقالت الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، المنظمة للحدث، في بيان لها، أن المنتدى يهدف إلى "خلق ظروف مواتية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين وإحداث شراكات دائمة بين مجتمعات أعمال البلدين".
وأوضحت أن برنامج هذا المنتدى يتضمن عقد جلسة عامة بحضور ممثلي الهيئات الجزائرية والفرنسية، بالإضافة إلى حلقات نقاش بحضور الشركات الفرنسية العاملة بقطاعات "الصناعات التحويلية والمناولة"؛" الانتقال الطاقوي - الطاقات المتجددة"؛" الأدوية - القطاع الطبي" و«الصناعات الغذائية - الصيد البحري وتربية المائيات".
واستبعد بيان للوزارة الأولى الفرنسية، تطرق الجانبان خلال الزيارة الى "أزمة الغاز" وملف الذاكرة ومسألة تنقل الاشخاص، فيما تم الاعلان عن تتويج أشغال اللجنة الخامسة المشتركة رفيعة المستوى، بالتوقيع على اتفاقيات في مجالات التكوين والانتقال الطاقوي والتعاون الاقتصادي والشباب والتربية.
وتعد مسألة تنقل الاشخاص ومنح التأشيرات من بين المواضيع الشائكة بين الجزائر وفرنسا، لاسيما بعد قرار الاخيرة رفض 50 بالمائة من طلبات التأشيرة للجزائريين في خريف 2021. ورغم أن لقاء تبون – ماكرون في أوت الماضي، توج بإجراءات لتليين نظام منح التأشيرات لصالح بعض الفئات مثل الطلبة والمقاولين والمثقفين والرياضيين، لكن التسهيلات لم تتجسد الى غاية الان في الميدان.
وبخصوص ملف الذاكرة، فان اللجنة التي تقرر انشاؤها بين مؤرخي البلدين، وفقا لإعلان الجزائر، توجد حاليا "قيد التشكيل" حسب مصادر فرنسية، وهي التي ستوكل لها مهمة طرح كل الملفات الشائكة في هذا المجال الذي يعد جد حساس في علاقات الجزائر بالمستعمر السابق، لاسيما وهي تحيي ستينية استقلالها هذه السنة.
للتذكير، فإن آخر لقاء للجنة المشتركة تم خلال عام 2017، وكان مفترضا التئامها في أفريل 2021 برئاسة الوزير الاول السابق جون كاستيكس، إلا أن الزيارة أجلت في سياق تأزم العلاقات بين البلدين.