الاحتفالات باليوم الوطني للمجاهد تعم ولايات الوطن

رئيس الجمهورية يذكّر بأهمية الحدث وامتداده المغاربي

رئيس الجمهورية يذكّر بأهمية الحدث وامتداده المغاربي
  • 1131
حنان/ح حنان/ح
شدّد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على أن استقرار دول الجوار هو استقرار للجزائر وأمن لها. وأكد أن الجزائر مازالت تعمل بكل "ما بوسعها لوقف الهيمنة وإراقة الدماء وتفكيك الأنظمة؛ لأن في استقرار الجوار والتنمية والرفاه استقرار لبلادنا وأمن لها".
وأعاد رئيس الجمهورية في رسالة وجّهها بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد عَنونها: "فذكّر إن نفعت الذكرى"، قرأها نيابة عنه المستشار لدى رئاسة الجمهورية محمد علي بوغازي، أعاد إلى الأذهان "سعيه على مدى السنوات الماضية، وعمله الدؤوب من أجل خدمة هذا الوطن بعد أن هددته آفة الإرهاب، وعاثت في الأرواح والممتلكات إزهاقا وفسادا"، مذكرا بوقوف الجزائر، بفضل إرادة شعبها وتصميمه، على السلم والطمأنينة للبلاد، وسعيها لإعادة بناء مؤسسات دستورية وإنجازات اقتصادية واجتماعية".
وبعد أن ذكّر بأسلوب "الحوار وحسن الجوار" الذي انتهجته الجزائر مع الجميع دون تدخّل في شؤون أحد، عبّر الرئيس بوتفليقة عن يقينه بأن "الاستقرار الذي تتمتع به بلادنا اليوم، ضمن غليان إقليمي وجيواستراتيجي، ذهب، وللأسف، بريح كثير من الدول أو يكاد، ويرجَّح في كثير من أسبابه إلى عدم التمسك بالقيم المؤسَّسة في الوحدة والسيادة والأمن، وإلى سوء تقدير لما يمكن أن يوضع من مطبات من قبل أولئك الذين يثيرون القلاقل لتفتيت الكيانات والهيمنة عليها". 
وأشار إلى أن دين الإسلام الذي "أرادت له بعض المخابر والذين في قلوبهم مرض أن يجعلوا منه دين عنف وفرقة وتعصب، إنما هو الإسمنت المسلّح لبناء المجتمعات؛ لكونه دين الوحدة والمحبة والعمل والتعايش".
كما أن "التمسك بالوطنية والمواطنة رهان لا تنفصم عراه أمام العواصف المفتعَلة لتدمير ما بنته الشعوب بالتضحية والمعاناة، وأن لا حرية ولا كرامة ولا مساواة دون وطن حر موحد سيد، تتلاشى دونه جميع المؤامرات والدسائس.
ولدى تطرقه لذكرى يوم المجاهد المزدوجة وبداياتها تحدّث الرئيس عن هذه المرحلة من تاريخ ثورة نوفمبر المظفّرة، وعن الشهيد زيغود يوسف، حين أوعز لرفاق دربه بخوض معركة "نوعية تتوسع بها رقعة العمليات والمواجهات التي كانت منحصرة في الجبال إلى المدن؛ لفك الحصار الإعلامي عن الثورة، وقطع دابر المترددين، وتعزيز صفوفها بالرجال والنساء الملتفين حولها، ولتأكيد كذلك أن الجنوح إلى حمل السلاح لم يكن تمردا ظرفيا يمكن إخماده باعتقال بعض رموز الثورة أو باستشهادهم".
وقال الرئيس في هذا الصدد: "إن تراكم التجارب النضالية لرواد الحركة الوطنية، وتلاحم الجزائريين مع المقاومين في كل من تونس والمغرب، قد خلق وعيا بالتحرر، شمل في عمقه وأبعاده كل المنطقة المغاربية؛ فكان لاختيار تاريخ القيام بهجومات 20 أوت 1955 دلالات تضامنية، وبخاصة مع الشعب المغربي الشقيق، ومؤازرته في الذكرى الثانية لمحنة نفي الملك المجاهد محمد الخامس".
وأكد أنه كان للعمليات الواسعة التي قام بها الشهيد زيغود يوسف في الشمال القسنطيني، "أثرها العميق في الداخل والخارج؛ حيث فُكت القبضة الحديدية الاستعمارية عن كل من الأوراس والقبائل، وبدت بوادر البحث عن الحلول السياسية بين الحكومة الفرنسية والمملكة المغربية، فانفك الحصار عن العاهل المغربي وأسرته في مدغشقر، ويبقى 20 أوت عربونا للأخوّة والتضامن بين الشعبين المغربي والجزائري".
وسجل رئيس الجمهورية أن "هذه أيام مشتركة، تحدث عن وحدة المصير في السراء والضراء، وتجعلنا نغضّ الطرف عن ركام الأيام العادية التي تحاول أن تنسينا إياها أو تجعلنا نخلط بين الأشياء الثابتة والمتغيرات".
من جهة أخرى، جاء في الرسالة أن قيام وحدات جيش التحرير الوطني بهجومها بمنطقة الشمال القسنطيني في مثل هذا اليوم من سنة 1955 وفي وضح النهار، إنما هو لتفنيد كل الأكاذيب والادعاءات التي تشكّك في قدرة الثورة وفي استقلالية قرارها وفي اعتدادها بإمكاناتها الذاتية وإرادتها السيدة".
وذكّر الرئيس بوتفليقة بأن هجومات الشمال القسنطيني نقلت بما حققته من مكاسب للثورة محليا ودوليا، الشكوك إلى صفوف العدو، الذي "اهتزت ثقته في نفسه، فأخذ يعزّز منظومته القمعية بتعبئة إمكاناته العسكرية والسياسية والدعائية، وتكثيف تواجدها ميدانيا، وراح يمنّي النفس بانتصار وشيك على من كان يصفهم بالخارجين عن القانون".
وتم، أمس، بولاية سكيكدة التي احتضنت الاحتفالات الرسمية بالذكرى، تنظيم ندوة تاريخية بقصر الثقافة، بحضور وزير المجاهدين السيد الطيب زيتوني، والأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو، ووفد عن قدماء المقاومين وجيش التحرير بالمملكة المغربية.
وحضر الاحتفالات الرسمية أمناء منظمات المجاهدين وأبناء الشهداء والجمعية الوطنية لكبار معطوبي جيش التحرير الوطني والمجاهد عمار بن عودة أحد أعضاء مجموعة الـ22، بالإضافة إلى السلطات المدنية والعسكرية لولاية سكيكدة.
كما احتفلت وزارة الشؤون الخارجية في مقرها، باليوم الوطني للمجاهد؛ من خلال حفل رمزي، حضره وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة.
وانطلق الاحتفال، بهذين التاريخين، برفع العلم الوطني، وتأدية النشيد الوطني، ووضع باقة من الزهور من طرف السيد لعمامرة، مرفوقا بمجاهدين على النصب التذكاري، الذي أقيم تخليدا لذكرى شهداء الثورة الجزائرية. وتمت قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء من قبل المجاهد رابح مشهود، وهو إطار سابق بالوزارة، الذي "هنّأ" الشعب الجزائري بمناسبة "احتفاله بيوم الأبطال".
وأحيت ولايات الوسط الذكرى ببرمجة جملة من النشاطات، وتدشين عدد من المرافق العمومية؛ إذ تمت تسمية بعض المباني بأسماء الشهداء؛ تخليدا لذكراهم، وهي الأجواء التي عاشتها، خاصة، ولايتي البليدة، التي استفادت من عدة مرافق بالمناسبة، والجلفة؛ حيث تم إطلاق أسماء لشهداء على مؤسسات تربوية، كما تم تكريم عدد من المجاهدين.
وبالبويرة، تم إحياء الذكرى بربط أكثر من 1150 منزلا عبر عدة بلديات من الولاية، بشبكة الغاز الطبيعي. كما أحيا حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذكرى بإفري أوزلاقن مكان انعقاد مؤتمر الصومام.
من جهتها، قامت جبهة القوى الاشتراكية بإحياء الذكرى في نفس المنطقة بوضع باقة من الزهور؛ تخليدا لذكرى انعقاد مؤتمر الصومام.
وبشرق البلاد، أحيت قسنطينة الاحتفالات المخلّدة لليوم الوطني للمجاهد، بتنظيم ندوة تاريخية، أكد فيها أغلب المتدخلين؛ من مجاهدين وشهود عيان، أن أحداث الشمال القسنطيني التي قادها الشهيد زيغود يوسف، كانت منعرجا حاسما في مسار الثورة التحريرية، وإثباتا لقوة هذه الأخيرة وحسن تنظيمها، وبأنها ليست عملا منعزلا لمتمردين وخارجين عن القانون.
وأضاف المتدخلون أن هذه الأحداث كسرت شوكة وأسطورة الجيش الفرنسي، ومهّدت لمؤتمر الصومام سنة 1956، الذي أعاد الثورة إلى طريقها الصحيح، وساهم، بشكل كبير، في هيكلة جيش التحرير على المستوى العسكري والسياسي.
وأُعطيت، بالمناسبة، إشارة انطلاق التزود بمادة الغاز الطبيعي لسكان قرية بن جدو؛ حيث استفادت 123 عائلة من هذه المادة الحيوية، مع معاينة ورشة بناء ملحقة دار للثقافة بذات البلدية، وكذا معاينة أشغال التحسين الحضري من خلال الوقوف على مشروع تعبيد طريق على مسافة 2.2 كلم ببلدية زيغود يوسف مركز، زيادة على تكريم عدد من المجاهدين وأسر الشهداء.
ولم تختلف الأجواء بجنوب البلاد؛ حيث احتفلت ولاياته المختلفة بالذكرى؛ وذلك بتنظيم العديد من الأنشطة الاحتفالية المتنوعة. وتميزت الاحتفالات الرسمية بهذه الذكرى التاريخية التي عمت ولايات بشار وتندوف والنعامة والبيّض وأدرار وغرداية وتمنراست وإيليزي والأغواط والوادي وورقلة، بتنظيم السلطات الولائية رفقة جموع من المجاهدين وأبناء الشهداء وأفواج الكشافة الإسلامية الجزائرية ومواطنين، وقفات ترحّم بمربعات الشهداء التي رُفع بها العلم الوطني، ووُضعت باقات من الزهور بالمعالم التذكارية، وتُليت فاتحة الكتاب جماعيا؛ ترحما على الأرواح الطاهرة لشهداء الثورة التحريرية المجيدة.
كما نُظمت سلسلة من المعارض والندوات التاريخية والتظاهرات الاحتفالية؛ حيث كانت المناسبة فرصة لاستذكار جوانب من مسيرة ونضالات الشعب الجزائري؛ من أجل استرجاع حريته وكرامته. وكانت المناسبة أيضا فرصة للسلطات الولائية، لتفقّد عدد من المشاريع التنموية.
وأحيت ولايات غرب البلاد، على غرار باقي أنحاء الوطن، اليوم الوطني للمجاهد في جو من التذكر والترحم على أرواح الشهداء الزكية. وتميز الاحتفال بهذه الذكرى أيضا، بتدشين عدد من المشاريع ذات المنفعة العامة وإعطاء إشارة انطلاق أخرى.