باتنة

زيارة موجهة إلى موقع إيشوقان

 زيارة موجهة إلى موقع إيشوقان  �
  • 1118

اقتفى مختصون في علم الآثار وعشّاق الآثار ومهووسون بجمال الطبيعة أمس (السبت)، آثار من حطّوا الرحال منذ قرون بمدينة إيشوقان الموقع الذي يعود إلى فجر التاريخ الإنساني، والواقع بالجهة الغربية لمدينة فم الطوب على بعد 50 كلم عن مدينة باتنة. 

وتأتي هذه الزيارة الموجهة التي نظمتها جمعية أصدقاء مدغاسن تحت شعار "على خطى النيام السبع"، وقادت المشاركين في هذه التظاهرة التي تندرج في إطار إحياء شهر التراث إلى موقع هذه المدينة النوميدية التي تضم قبورا جنائزية جماعية ترجع إلى فترة النيوليتيك الأعلى،  حسب المختص في علم الآثار السيد علي قربابي. 

وحسب الشروح التي قدمها ذات المختص بعين المكان فإن هذا الموقع يقع على هضبة محمية طبيعيا بصخور ضخمة تتربع على 7 هكتارات، فيما يتربع الموقع الحقيقي الذي يضم هذه المقابر الجماعية على حوالي 100 هكتار أغلبها مازال محفوظا تحت الأرض. 

وأكد السيد قربابي، بأن هذا الموقع الذي يمتد إلى غاية برباقة بمنطقة وادي الطاقة، اكتشفت فيه الآثار الأولى للإنسان بمغارة كابليتي. 

وتحتوي إيشوقان التي صنّفت حديثا كتراث وطني على قبور ضخمة دائرية يتراوح طولها ما بين 6 و8 أمتار أنجزت بحجارة شبه منحوتة كونت المدينة الأثرية التي سكنها النوميديون قبل مجيء الرومان، وبنيت على نتوء صخري عند المضيق المسمى "فم قسنطينة" بين "خنقة سبع رقود" إلى الشرق بمجرى الوادي الذي يحمل نفس التسمية، و«خنقة لاخرة" إلى الغرب التي توجد بها آثار متنوعة للإنسان الأمازيغي الأول. 

وتتميز الغرف الجنائزية بإيشوقان التي ما زالت آثارها بادية للعيان -حسب السيد قربابي- بأن الميت كان يدفن فيها في وضعية القرفصاء لأن المعتقدات آنذاك كانت تؤمن بأن الميت يجب أن يرجع إلى الأصل إلى الأرض الأم في الوضعية التي خلق فيها، حيث تم الحرص وقتها على وضعه مقابل منافذ تطل صوب شروق الشمس أملا في أن تعود إليه الحياة مع بزوغ الخيوط الأولى منها. 

أما شكل القبور الدائرية لإيشوقان فهي -حسب ذات المختص الذي شغل لسنوات طويلة رئيس الدائرة الأثرية لمنطقة الأوراس- فهي ذات هندسة بسيطة ترمز للحماية الطبيعية. 

"ما زال الموقع منطقة عذراء لم تنجز فيه تنقيبات مختصة وتصنيفه كتراث وطني سيضفي عليه الحماية" لكن من الضروري -يضيف المصدر- اللجوء إلى مسح طوبوغرافي للمكان من أجل جرد محتوياته حتى تحدد الأولويات لتنظيم عمليات التنقيب، ومن ثم العمل على وضع وإعداد مخطط لحمايته. 

وتحاك أساطير عديدة ومختلفة حول منطقة إيشوقان أو ما يعرف أحيانا بإيشوكان، وكذا "خنقة سبع رقود" و«خنقة لاخرة" اللتين كان السكان إلى وقت غير بعيد ينظمون إليها زيارات وفق طقوس ما يعرف بـ«الزردة". 

ولم يخف رئيس جمعية مدغاسن عز الدين قرفي، بالمناسبة بأن هذه المبادرة تهدف إلى التحسيس بضرورة المحافظة على هذا الموقع الذي يعد بمثابة الذاكرة الجماعية للحقبة النوميدية بالمنطقة، ودعوة سكان الجهة والمنتخبين المحليين إلى تجنيبه أية عملية من شأنها الإضرار بما تبقى من معالمه البادية للعيان. 

وكانت الرحلة الممتعة عبر معالم إيشوقان من خلال الزيارة الميدانية للموقع، وشروح المختص في علم الآثار علي قربابي، قد سبقها تنظيم سباق الأوراس الرابع بمشاركة رياضيين من مختلف الأعمار اكتشفوا عبر المسلك الطبيعي الممتد بين مدينتي إيشمول أو المدينة وفم الطوب مناظر جبلية وطبيعية خلابة تحبس الأنفاس. 

وكانت جمعية أصدقاء مدغاسن بباتنة، قد نظمت في الفترة من 22 إلى 25 أبريل الجاري، جولات ميدانية بمشاركة مختصين إلى موقعي قصور إمدوكال وإيشوقان بغية الوقوف على كنوز المنطقتين الأثريتين، والتحسيس بجدوى المحافظة عليهما حسب ما أكده رئيس ذات الجمعية عز الدين قرفي.  (و.أ)