عمي سليمان بن عليوات يروي لـ"المساء" ذكريات الاحتفال بعيد النّصر:

فرحة وأعراس دامت 3 أشهر وجيش الأوراس ضبط الأمور

فرحة وأعراس دامت 3 أشهر وجيش الأوراس ضبط الأمور
سليمان بن عليوات
  • 356
زبير زهاني زبير زهاني

يروي عمي سليمان بن عليوات، ذكرياته التي صاحبت قرار وقف إطلاق النّار يوم 19 مارس 1962، بمدينة قسنطينة، والفرحة العارمة التي انتابت سكانها بمناسبة ذلك اليوم التاريخي الذي أرخ لنهاية الاستبداد الاستعماري الذي كتم على نفوس الجزائريين طيلة 132 سنة، وأذاقهم كل أنواع العذاب والإهانة وطمس للهوية وإبعاد الشعب عن معتقداته وعن أعرافه المتوارثة. 

القسنطينيون خرجوا عن بكرة أبيهم للمشاركة في الاحتفالات بعيد النّصر

وقال عمي سليمان، في دردشة مع جريدة "المساء"إن الاحتفالات بعيد النّصر لا يمكن وصفها، حيث خرج القسنطينيون مباشرة بعد إعلان قرار وقف إطلاق النّار بعد مفاوضات عسيرة بين وفد الحكومة المؤقتة الجزائرية، وممثلي حكومة فرنساالاستعمارية. وقال عمي سليمان، إن الاحتفالات التي انطلقت يوم 16 مارس، بمدينة قسنطينة ولكنها بلغت ذروتها يوم 19 مارس، بعد التحاق آلاف المواطنين من مناطق الخروب وبيزو "بلدية ديدوش مراد حاليا" والسمندو "بلدية زيغود يوسف حاليا"، ضمن احتفالات متواصلة كانت تنطلق صباحا ولا تتوقف إلا بحلول منتصف الليل لتستأنف في اليوم الموالي وبنفس الزخم إلى غاية الخامس جويلية، تاريخ إجراء استفتاء الاستقلال وطي صفحة الاستعمار الفرنسي إلى الأبد. وأضاف أنه مع مطلع كل يوم جديد كان يخرج إلى المدينة ضمن احتفالات شاركت فيها كل الفئات العمرية بما فيها الأطفال وكان يؤطرها مجاهدون نزلوا لتوهم من الجبال، بعد سبع سنوات من الجهاد ضد القوات الفرنسية. وقال عمي سليمان، إن مشاهد الجزائريين الذين اكتسحوا المدينة العتيقة في ذلك اليوم المشهود تبقى راسخة في ذهنه، حتى أن منهم من كان يتسلق الأشجار ويمكث فوقها لساعات طوال دون كلل أو ملل رغم التعب.

جيش الأوراس أعاد الأمن إلى المدينة

وتحدث عمي سليمان بن عليوات، الذي جاء رفقة والده إلى حي الصنوبر قادما من أعالي جبل الوحش سنة 1948، عن عودة قادة الثورة من أبناء مدينة قسنطينة إلى منازلهم ومن بينهم قدور بومدوس والصغير بوفنارة ومحمد عطايلية الذين حملوا على عاتقهم مهمة تنظيم  الاحتفالات ونزع السلاح وتجنيد الشباب لتعزيز صفوف جيش التحرير الوطني. وأضاف عمي الذي ناهز عمره 88 سنة، أنه بعد مظاهر الفوضى التي تخللت الاحتفالات نزل ما يسمى بجيش الأوراس بقيادة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد إلى مدينة قسنطينة، لإعادة الأمور إلى نصابها الاحتفالي واضعا بذلك حدا لاعتداءات وقعت على أشخاص وممتلكات نفذتها عصابات مستغلة في ذلك حالة اللاأمن التي سادت المدينة.

"عملت مسبلا ونقلت رسائل المجاهدين"

وأكد أن سليمان بن عليوات، أنه نشط خلال الثورة كمسبل حيث كان ينقل الرسائل من عند المجاهد الساسي خليفة، نحو منطقة جامع طرشة إلى سي فردي العربي، مستغلا في ذلك عمله كبنّاء وشكل ثيابه المتسخة بالإسمنت ومختلف مواد البناء، لعدم لفت انتباه عساكر فرنسا من أصحاب القبعات الحمر.

على شباب اليوم تحمّل مسؤولياته

ووجّه عمي سليمان بن عليوات، رسالة إلى جيل اليوم، من أجل العمل والتضحية في سبيل الوطن، بقناعة أن الخروج إلى بر الأمان يبقى العلم والأخلاق، داعيا الشباب إلى مزيد من العمل لتحقيق التقدم والازدهار، وتذكر تضحيات الشهداء والمجاهدين الذين ضحوا بأنفسهم من أجل طرد المستعمر الغاشم خاصة وان الجزائر تمتلك اليوم كل مقومات التقدم، خاصة من الجيل الجديد الذي أتيحت له فرصة التعلم والتكوين كون الأمر يحتاج فقط صدق النّية والمزيد من العطاء خدمة للبلاد والعباد.