مخاوف من شلل تام في البلاد يوم 10 سبتمبر القادم
فرنسا في مواجهة غضب الشارع

- 225

❊ ماكرون وحكومته على موعد مع انتفاضة شعبية وروتايو في عين الإعصار
❊رفض إجراءات حكومة ماكرون تحت شعار "ميزانية بايرو.. كفى!"
❊خنيسة لـ"المساء": الزخم الشعبي سيتحوّل إلى صفعة سياسية ضد تيارات التفرقة الفرنسية
❊التصعيد الفرنسي ضد الجزائر يعكس هشاشة سياسية لا قوة دبلوماسية
تعيش باريس على وقع مخاوف من الحملة التي دعت إليها حركة "فلنشل كل شيء" عبر شبكات التواصل الاجتماعي من أجل المشاركة بقوة في الاحتجاجات التي ستنظم يوم 10 سبتمبر الداخل، والتي حظيت بتأييد كبير من قبل مختلف القوى السياسية في البلاد، من أجل الوقوف في وجه الإجراءات التقشفية التي تستهدف الجبهة الاجتماعية، وإفرازات السياسة المتهورة لليمين المتطرف في معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية لباريس مع عدة دول وعلى رأسها الجزائر .
قال الخبير في العلاقات الخارجية والجيوسياسية وعضو المرصد الوطني للمجتمع المدني مكلف بالجالية الوطنية باديس خنيسة، أنّ المظاهرات المقرّرة في 10 سبتمبر الداخل ستكون بمثابة اختبار سياسي للتيارات اليمينية المتطرفة في فرنسا، مضيفا في اتصال مع "المساء" أنّه كلما علت أصوات التضامن مع الشعوب المضطهدة وفي مقدمتها فلسطين، ثم المواقف الداعمة لسيادة الجزائر، كلما ازداد ارتباك الخطاب المتطرّف المبني على شيطنة الآخر.
وتوقع المحلل السياسي القيم بباريس، أن يحاول اليمين المتطرّف استغلال هذه الحركات لإثارة الرأي العام، غير أنه يرى أن تنامي الوعي الجمعي، خصوصا لدى الشباب الفرنسي من أصول مهاجرة، سيحوّل هذا الزخم الشعبي إلى صفعة سياسية ضد هذه التيارات التي تعيش على الخوف والتفرقة.
وعليه يرى السيد خنيسة أن مظاهرات 10 سبتمبر قد تتحوّل إلى محطة فارقة في كشف عجز الخطاب اليميني المتطرّف أمام الحقائق الميدانية وصوت الشارع.
من جهة أخرى، يرى محدثنا أن التصعيد الفرنسي ضد الجزائر يعكس في جوهره، ضيّق أفق سياسي وارتباك دبلوماسي أكثر منه موقفا مؤسسا على قواعد القانون الدولي أو الأعراف الدبلوماسية، مضيفا أن الجزائر، التي بنت علاقاتها الخارجية على مبدأ السيادة والمعاملة بالمثل، لن تتأثر بمثل هذه المناورات، بل تزداد قوةً في موقفها الثابت، مستشهدا في هذا السياق بتصريح للرئيس الراحل هواري بومدين "نحن لا نبيع استقلالنا بالعملات الصعبة"، مؤكدا أن الجزائر اليوم تجدّد هذا المبدأ بصرامة وهدوء استراتيجي.
وبعد أن أشار إلى أن التصعيد الفرنسي يعكس هشاشة سياسية لا قوة دبلوماسية لباريس، ذكر السيد خنيسة بتصريح سابق لرئيس الجمهورية أكد فيه بأن الجزائر لا ترهبها المواقف الانفعالية ولا تغيرها الضغوط الظرفية، في الوقت الذي يشدّد فيه على أن سياسة الجزائر الخارجية ثابتة على مبادئها، قائمة على السيادة الوطنية والندية في التعامل، وأن أي محاولة للمساس بهذه الثوابت ستواجه بالصرامة والوضوح، في حين أوضح أن الجزائر، بتاريخها ونضالها ورصيدها الأخلاقي، أثبتت أنها ليست طرفا يملى عليه، بل دولة تصنع المعادلات.
وبخصوص وضع الجالية الوطنية المقيمة في فرنسا، استشهد المحلل بموقف الرئيس تبون في عدة محطات، حين أوضح أن أبناء الجزائر في الخارج هم امتداد طبيعي لوطنهم، وأن الدولة ملتزمة بحمايتهم وصون كرامتهم أينما كانوا، حيث أكد رفضه لاستهدافهم أو المساس بصورتهم، باعتبارهم قوة ناعمة وواجهة مشرفة لبلدهم.
وأضاف السيد خنيسة أن الجالية الجزائرية بفرنسا، التي تمثل أكثر من 6 ملايين بين مواطن ومقيم، تشكّل جسرا بشريا وثقافيا واقتصاديا بين البلدين، مشيرا إلى أنه أمام هذا التصعيد، المطلوب هو رصّ الصفوف وتعزيز الوعي الحقوقي وتفادي الاستفزازات.
وأوضح أن الدولة الجزائرية أعلنت أكثر من مرة أنها تحمي أبناءها في الخارج، سواء عبر سفاراتها وقنصلياتها أو عبر آليات المتابعة القانونية والإنسانية، لكون الجالية ليست مجرد مهاجرين، بل هي قوة ناعمة وامتداد استراتيجي للجزائر في الضفة الأخرى للمتوسط.
وبالعودة إلى مظاهرات 10 سبتمبر، ينتظر أن تكون حكومة ماكرون على موعد متجدّد مع الغضب الشعبي الذي ينتظر أن يأخذ هذه المرة منحى جديدا من التصعيد، إزاء السياسة التي ينتهجها اليمين المتطرف، بعد أن سبقتها قبل أشهر مظاهرات للتنديد بخطاب الكراهية الذي يروّجه وزير الداخلية برونو روتايو والذي يهدّد النسيج الاجتماعي الفرنسي. ويبدو أن سيناريو السترات الصفراء لسنة 2018 سيعيد نفسه لكن هذه المرة بحلة جديدة وبتصعيد أكبر حيث ستركز مطالب المحتجين في سبتمبر القادم على رفض إجراءات حكومة ماكرون تحت شعار "ميزانية بايرو.. كفى!".
غير أنه يتوقع ألا تقتصر المطالب على رفض الميزانية، كون ذلك لا يعدو أن يكون مجرد النقطة التي أفاضت الكأس، حيث أن التركيز هذه المرة سيكون على إسقاط الحكومة التي لم تأخذ مطالب المحتجين في المظاهرات السابقة والتي شملت عدة مدن فرنسية على محمل الجد.