دعا إلى التطبيق الفوري للحل الدستوري
قايد صالح يتعهد بالوقوف مع الشعب إلى غاية تحقيق مطالبه كاملة
- 906
دعا نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح أمس، إلى التطبيق الفوري للحل الدستوري للأزرمة التي تمر بها البلاد والمتمثل في تفعيل المواد 7 و8 و102 ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية، حيث انتقد التماطل والتعنت والتحايل في تنفيذ هذا الحل الذي سبق له وأعلن عنه، مشددا من جانب آخر عن حرصه على تحقيق مطالب الشعب ومحاربة العصابة التي قال بأنها ”استولت بغير وجه حق على مقدرات الشعب الجزائري، وهي الآن بصدد الالتفاف على مطالبه المشروعة..”.
وخلال ترأسه مساء أمس، اجتماعا بمقر أركان الجيش الوطني الشعبي، ضم كل من قادة القوات وقادة النواحي العسكرية والأمين العام لوزارة الدفاع الوطني ورئيسا دائرتي أركان الجيش الوطني الشعبي، في إطار متابعة التطورات المرتبطة بالاقتراح الذي تقدم به الجيش الوطني الشعبي الرامي إلى تفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور، أكد الفريق قايد صالح، أنه تابع عن كثب تلك المسيرات السلمية التي خرج فيها الشعب الجزائري رافعا مطالب مشروعة، مشيدا بالسلوك الحضاري والمستوى الراقي للوعي والنضج الذي أبانه الشعب الجزائري طيلة هذه المسيرات.
وإذ عبر الفريق بالمناسبة عن تأييده التام لمطالب الشعب وتطلعاته المشروعة، انطلاقا من قناعته النابعة من تمسكه بالشرعية الدستورية ”وأن الشعب هو المصدر الوحيد والأوحد للسلطة”، ذكر بمختلف مساعي الجيش الوطني الشعبي لإيجاد حل للأزمة منذ بداية المسيرات، حيث أكد بتاريخ 18 مارس الفارط بالقطاع العمليات جنوب تندوف بالناحية العسكرية الثالثة، على ضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة في أقرب الآجال وأن هناك حل، بل حلول لهذه المعضلة، شريطة أن تندرج في الإطار الدستوري”، وأضاف في هذا الصدد أنه أمام عدم الاستجابة لهذا المسعى ونظرا لإدراكه العميق بحساسية الوضع، تطرق مرة أخرى إلى الموضوع في مداخلته بالقطاع العمليات جنوب - شرق جانت بالناحية العسكرية الرابعة، بتاريخ 26 مارس المنصرم، حيث أكد حينها على ”ضرورة إيجاد حل للخروج من الأزمة حالا” وقدم اقتراح تفعيل المادة 102 من الدستوري كحل يندرج حصرا في الإطار الدستوري، الذي يعد الضمانة الوحيدة للحفاظ على وضع سياسي مستقر.
وكانت المحطة الأخيرة الذي ذكر بها رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، هي الاجتماع الذي انعقد بمقر أركان الجيش الوطني الشعبي بتاريخ 30 مارس الفارط، حيث أكد هذه المرة على ضرورة تفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور وأنه لا يمكن تصور أي حل آخر خارج نطاق الدستور.
وردا على هذه المساعي ـ يضيف السيد الفريق ـ بارك الشعب الجزائري هذه المساعي وثمن حرص الجيش الوطني الشعبي على إيجاد حل دستوري للأزمة في أقرب الآجال، حيث قال في هذا الخصوص ”ولقد استحسن الشعب الجزائري ورحب بهذا المسعى الذي رأى فيه بادرة خير وأمل للخروج من الأزمة”، مشيرا إلى أن هذه المبادرة، قدمها الجيش الوطني الشعبي انطلاقا من إحساسه بالمسؤولية التاريخية تجاه الشعب والوطن، قبل أن يضيف ”لكن مع الأسف الشديد قوبل هذا المسعى بالتماطل والتعنت، بل والتحايل من قبل أشخاص يعملون على إطالة عمر الأزمة وتعقيدها والذين لا يهمهم سوى الحفاظ على مصالحهم الشخصية الضيقة غير مكترثين بمصالح الشعب وبمصير البلاد”.
وأوضح الفريق قايد صالح، أن المساعي المبذولة من قبل الجيش الوطني الشعبي منذ بداية الأزمة وانحيازه الكلي إلى المطالب الشعبية، ”تؤكد أن طموحه الوحيد هو السهر على الحفاظ على النهج الدستوري للدولة وضمان أمن واستقرار البلاد وحماية الشعب من العصابة التي استولت بغير وجه حق على مقدرات الشعب الجزائري، وهي الآن بصدد الالتفاف على مطالبه المشروعة من خلال اعتماد مخططات مشبوهة ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد والدفع بها نحو الوقوع في فخ الفراغ الدستوري”.
وبخصوص عمليات النهب التي عاشتها البلاد وتبذير مقدراتها الاقتصادية والمالية، فقد تساءل السيد الفريق ”كيف تمكنت هذه العصابة من تكوين ثروات طائلة، بطرق غير شرعية وفي وقت قصير دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة”، قبل أن يضيف بأن هذه العصابة تحاول هذه الأيام تهريب هذه الأموال المنهوبة والفرار إلى الخارج، منبها في هذا الإطار إلى أن قرارات المتابعات القضائية المتخذة ضدها، صدرت عن العدالة من خلال النيابة العامة التي تحركت استجابة لمطالب شعبية ملحة، ”حيث تم اتخاذ تدابير احترازية تتمثل في منع بعض الأشخاص من السفر، إلى حين التحقيق معهم. كما قامت الهيئات المخولة لوزارة النقل بتفعيل إجراءات منع إقلاع وهبوط طائرات خاصة تابعة لرجال أعمال في مختلف مطارات البلاد، طبقا للإجراءات القانونية السارية المفعول.
وبخصوص البيان الصادر نهار أمس، والمنسوب إلى رئيس الجمهورية، أكد الفريق قايد صالح ”وفي الوقت الذي كان الشعب الجزائري ينتظر بفارغ الصبر الاستجابة لمطالبه المشروعة، صدر يوم الفاتح من أفريل بيان منسوب لرئيس الجمهورية، لكنه في الحقيقة صدر عن جهات غير دستورية وغير مخولة، يتحدث عن اتخاذ قرارات هامة تخص المرحلة الانتقالية. وفي هذا الصدد، بالذات نؤكد أن أي قرار يتخذ خارج الإطار الدستوري مرفوض جملة وتفصيلا”.
كما تطرق السيد الفريق إلى ”الاجتماعات المشبوهة التي تعقد في الخفاء من أجل التآمر على مطالب الشعب وتبني حلول مزعومة خارج نطاق الدستور من أجل عرقلة مساعي الجيش الوطني الشعبي ومقترحاته لحل الأزمة وبالتالي تأزيم الوضع أكثر فأكثر”، قائلا بأن ”كل هذا تم بتنسيق الجهات غير الدستورية، إلا أن بعض هذه الأطراف خرجت تحاول عبثا، نفي تواجدها في هذه الاجتماعات ومغالطة الرأي العام رغم وجود أدلة قطعية تثبت هذه الوقائع المغرضة”.
وبخصوص الجهود المضنية والحثيثة التي بذلها ويبذلها الجيش الوطني الشعبي من أجل بناء جيش قوي وعصري ومحترف، أكد السيد الفريق ”لقد تناسى البعض أن الجيش الوطني الشعبي قدم في سبيل الوطن تضحيات جسام وقوافل من شهداء الواجب في محاربته للإرهاب الهمجي، طيلة عشرية من الزمان وتمكن خلالها بعون الله تعالى وبمساعدة هذا الشعب الأبي من القضاء على هذه الآفة وتجنيب بلادنا من شرورها ولا يزال يبذل في سبيل وطنه كل ما بوسعه ليظل شامخا وآمنا، فهو المرابط ليل نهار في مختلف مناطق التراب الوطني وعلى تخوم حدودنا المديدة، متصديا لكافة الآفات من إرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات والجريمة المنظمة بكافة أشكالها.
وأكد رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي أن كل هذا تحقق ”بفضل الإستراتيجية السديدة والصائبة المتبناة من قبل القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي والمكيفة باستمرار حسب تطور الوضع. هذه الإستراتيجية التي أتت بثمارها من خلال إرساء موجبات الأمن والاستقرار على كامل التراب الوطني”.
واعتبر أن هذه الإنجازات لم تكن وليدة الصدفة، بل تحققت بفضل جهود الرجال وتضحياتهم الجسام، ”حيث عكفنا منذ سنوات على بناء جيش قوي عصري ومحترف متراص الصفوف، جاهز لأداء مهامه في كل الظروف والأحوال، يتحلى أفراده المتشبعون بالروح الوطنية الجياشة بالانضباط المثالي، ليظل الجيش الوطني الشعبي العمود الفقري للدولة وسند الشعب في المحن والملمات”، موضحا بأن هذا الأمر أزعج بعض الأطراف التي تعمل على استهداف الجيش من خلال محاولة المساس بسمعته وتلاحم صفوفه وانسجام مكوناته، بغرض تحقيق مخططاتهم الدنيئة”. وشدد الفريق على أن ”هذه المخططات سيتصدى لها الجيش الوطني الشعبي، الذي يعتبر خطا أحمر بكل صرامة وحزم وبكل الطرق القانونية”.
وتابع الفريق قايد صالح يقول ”هذه المكاسب الغالية والثمينة التي يتعين الحفاظ عليها في كل الظروف والأحوال، لاسيما في ظل الوضع المتردي الذي تشهده منطقتنا الإقليمية، ومن هذا المنطلق بالذات، فإننا لم ولن نسمح بأي حال من الأحوال بهدم هذه المكاسب التي هي في الحقيقة مكاسب الشعب الجزائري”.
وجدد الفريق مواقفه السابقة المتعلقة بانحيازه للشعب بصفته مجاهدا ويتحمل مسؤولياته التاريخية، حيث قال في هذا الصدد ”ولقد أكدت في العديد من المرات على أنني بصفتي مجاهد كافحت بالأمس المستعمر الغاشم وعايشت معاناة الشعب في تلك الفترة العصيبة، لا يمكنني السكوت عمّا يحاك ضد هذا الشعب من مؤامرات ودسائس دنيئة من طرف عصابة امتهنت الغش والتدليس والخداع”، قبل أن يضيف
«ومن أجل ذلك، فأنا في صفه وإلى جانبه في السراء والضراء كما كنت بالأمس وأتعهد أمام الله والوطن والشعب أنني لن أدخر جهدا في سبيل ذلك مهما كلفني الأمر”.
في الأخير، جدد السيد الفريق تمسكه بضرورة تفعيل مقترح الجيش الوطني الشعبي دون تأخير، حيث قال ”لذلك فنحن نرى أنه لا مجال للمزيد من تضييع الوقت وأنه يجب التطبيق الفوري للحل الدستوري المقترح المتمثل في تفعيل المواد 7 و8 و102، ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية”، مشددا على أن ”قرارنا واضح ولا رجعة فيه، إذ أننا نقف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة غير منقوصة”. وأضاف في هذا الشأن ”وبصفتي ابن الشعب وبناء على المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقي، فلا يمكنني إلا أن أنحاز إلى هذا الشعب الذي صبر طويلا وكابد المحن وحان الوقت أن يسترجع حقوقه الدستورية المشروعة وسيادته الكاملة”.
وأكد الفريق قايد صالح أن ”مسعانا لإيجاد حل لهذه الأزمة ينبع حصرا من ولائنا للوطن وللوطن فحسب، لأننا على يقين تام بقدرة الشعب الجزائري لما له من مقومات تاريخية وحضارية وطاقات بشرية متشبعة بحب الوطن على تجاوز الأزمات مهما كانت حدتها، ولأننا كذلك نؤمن يقينا أن الأشخاص مهما طال الأمد فمصيرها إلى الزوال أما الوطن فهو باق إلى الأبد”.