خطاباته تدرجت وفقا للمطالب المعبّر عنها في الحراك الشعبي

قايد صالح يختار الولاء للوطن ودعم الشعب

قايد صالح يختار الولاء للوطن ودعم الشعب
نائب وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق قايد صالح
  • 1321
حنان/ح حنان/ح

عرف خطاب نائب وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق قايد صالح، تطورا تدريجيا منذ بدء الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي، حيث واكب مضمون خطاباته منذ الـ26 فيفري المنصرم، التطورات التي عرفتها الساحة السياسية على خلفية المطالب الشعبية، ورغم أن هذه الخطابات ركزت في بدايتها على أهمية الحفاظ على السّلم والأمن، إلا أنها اتجهت مع الوقت نحو تأكيد في كل مرة على قوة العلاقة بين الجيش والشعب وحرص الجيش على أداء دوره الدستوري، وصولا إلى حسم الأمر بالدعوة إلى التطبيق الفوري للمادة 102 من الدستور لإنهاء الأزمة.

بالعودة إلى خطابات الفريق قايد صالح، يظهر التركيز أولا على فضائل الأمن والسّلم الذي تنعم بها الجزائر، باعتبارها مكسبا لابد من الحفاظ عليه، حيث ذكر الفريق، خلال زيارته لتمنراست يوم 26 فيفري، بالحصيلة الأمنية المحققة بعد سنوات الجمر، مؤكدا مدى تماسك الشعب مع جيشه وترابطهما فكرا وعملا، في الوقت الذي تعهد فيه بضمان أحسن الظروف لإجراء الانتخابات الرئاسية مع تثمينه لرسالة رئيس الجمهورية التي وجهها للأمة بمناسبة الذكرى المزدوجة لـ24 فيفري.

وتدرج خطاب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بعد ذلك، ليحذر من التهديدات التي تحدق بالجزائر وممن ضلت بهم السبل وضلوا سواء السبيل، ورغم أن بعض الأوساط حاولت إسقاط هذه العبارات على الحراك الشعبي، إلا أن الواضح أن الفريق، كان يتحدث عن ظاهرة الإرهاب وليس الحراك.

والملاحظ أن كل خطابات الفريق قايد صالح، خلال الفترة الأولى من الحراك كانت تحرص على التذكير في كل مرة بأن كل المبادرات أو المجهودات المبذولة لتحسين أداء الجيش، تتم في ظل توجيهات فخامة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلّحة، وزير الدفاع الوطني، ومن أهم هذه المبادرات التي ذكر بها إعادة فتح مدارس أشبال الأمة ـ بقرار من الرئيس ـ التي ترسخ بقوة وبصفة ملموسة العلاقة بين الجيش وشعبه، من خلال فتح المجال أمام أبناء الشعب للحصول على تكوين عالي المستوى يسمح لهم بالوصول إلى مراتب عليا في الجيش.

لكن تسارع الأحداث لاسيما بعد المسيرات الشعبية الثانية في الفاتح مارس الفارط، والتي كانت أكثر حشدا للجماهير دفع الفريق إلى التطرق بصفة مباشرة لمسألة الحراك، محذّرا من تعريض الجزائر لـ«أخطار غير محسوبة العواقب، وكان ذلك خلال زيارة أداها للأكاديمية العسكرية بشرشال في 5 مارس 2019، حيث قال إن الشعب الجزائري الذي أفشل الإرهاب وأحبط مخططاته، مطالب اليوم أن يعرف كيف يكون حصنا منيعا لصد كل ما من شأنه تعريض الجزائر لأخطار غير محسوبة العواقب.

وفي افتتاحية عددها الأخير، ركزت مجلة الجيش الصادرة في 8 مارس الأخير، على تلاحم الجيش والشعب، مشيرة إلى أنهما ينتميان إلى وطن لا بديل عنه. وأضافت لسان حال الجيش الوطني الشعبي بأن ما حققه جيشنا على أصعدة عدة ووقوفه اللامشروط إلى جانب أمته في كل ما مرت به البلاد من محن وأزمات، أكد على مدى تماسك الشعب مع جيشه وتلاحمهما وترابط مصيرهما وتوحد رؤيتهما للمستقبل.

هذه الرؤية الموحدة نحو المستقبل جدد التأكيد عليها الفريق قايد صالح، في العاشر مارس الماضي، أي بعد المسيرة الثالثة للحراك بمناسبة اجتماع ترؤسه بالمدرسة الوطنية التحضيرية لدراسات مهندس بالرويبة، حين شدد على أن الجيش والشعب لديهما كل مقومات النظرة المستقبلية الواحدة لجزائر الغد، ليؤكد في اجتماع بالمدرسة العليا الحربية يوم 13 مارس المنصرم أن أمن الجزائر واستقرارها وسيادتها الوطنية ووحدتها الشعبية والترابية، هي أمانة غالية ونفيسة موضوعة في أعناق أفراد الجيش الوطني الشعبي.

ومن تندوف بتاريخ 18 مارس 2019، ظهر خطاب الأيادي الخارجية، حيث حذّر الفريق قايد صالح، الشعب الجزائري من أي وضع قد يستغل من قبل أطراف أجنبية لإلحاق الضرر بالبلاد، مؤكدا ثقته في حكمة الشعب، وتحدث لأول مرة عن المسيرات بشكل مباشر قائلا إن الشعب الجزائري أثبت اليوم في هذه الظروف الحالية حسا وطنيّا وحضاريا بالغ الرفعة ينم عن وعي شعبي عميق، أذهل الجميع في كافة أصقاع العالم، مجددا تعهده بأن يكون الجيش دوما وفقا لمهامه الحصن الحصين للشعب والوطن في جميع الظروف والأحوال.

الفريق قايد صالح، أبان عن موقفه الرسمي من تطورات الحراك الشعبي المطالب برحيل الرئيس ومحيطه، يوم 26 مارس الماضي خلال زيارة له إلى ورقلة، فهناك دعا لأول مرة وبوضوح إلى ضرورة حل الأزمة عبر تطبيق المادة 102 من الدستور، وشدد على أن الجيش سيتصدى لكل التحديات التي تواجه الجزائر بكل حزم وصرامة وفقا لمهامه الدستورية.

وجاء فصل الخطاب يوم 30 مارس الماضي، تاريخ ترؤس الفريق قايد صالح، لاجتماع بمقر أركان الجيش الوطني الشعبي، ضم قيادات الجيش جدد فيه التأكيد على أن حل الأزمة التي تمر بها الجزائر لا يمكن تصوره إلا بتفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور، وذلك لحماية البلاد من أي تطورات لاتحمد عقباها.

وكشف عن اجتماع عقد في نفس اليوم من طرف أشخاص معروفين وعد بالكشف عن هويتهم في الوقت المناسب، وكان هدفه ـ حسبه ـ شن حملة إعلامية شرسة في مختلف وسائل الإعلام، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي ضد الجيش الوطني الشعبي وإيهام الرأي العام بأن الشعب الجزائري يرفض تطبيق المادة 102 من الدستور.

وبلهجة شديدة قال الفريق، إن كل ما ينبثق عما وصفه بـ«الاجتماعات المشبوهة من اقتراحات لا تتماشى مع الشرعية الدستورية أو تمس بالجيش الوطني الشعبي الذي يعد خطا أحمر هي غير مقبولة بتاتا وسيتصدى لها الجيش الوطني الشعبي بكل الطرق القانونية، كما ندّد ببعض الأطراف ذوي النوايا السيئة التي تعمل على إعداد مخطط يهدف إلى ضرب مصداقية الجيش الوطني الشعبي.

ودقت ساعة الحسم في خطاب الفريق قايد صالح، يوم 2 أفريل الجاري، عبر اجتماع ثان مع قيادات الجيش طالب خلاله الفريق قايد صالح، بتفعيل مقترح الجيش القاضي بـ«التطبيق الفوري للحل الدستوري المتمثل في تفعيل المواد 7 و8 و102 ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية، مشددا بالقول إنه لا مجال للمزيد من تضييع الوقت وإنه يجب التطبيق الفوري للحل الدستوري المقترح.

وأكد بأن قرارنا واضح ولا رجعة فيه، إذ أننا نقف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة غير منقوصة، مضيفا بصفتي ابن الشعب وبناء على المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقي، فلا يمكنني إلا أن أنحاز إلى هذا الشعب الذي صبر طويلا وكابد المحن وحان الوقت أن يسترجع حقوقه الدستورية المشروعة وسيادته الكاملة، ليخلص إلى التأكيد أن مسعانا لإيجاد حل لهذه الأزمة ينبع حصرا من ولائنا للوطن وللوطن فحسب.