الشعب الجزائري يستحضر الذكرى المزدوجة لـ20 أوت
مرجعية نضالية حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر
- 1518
تستحضر الذاكرة الوطنية، اليوم، محطة فارقة في مسيرة كفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي، ألا وهي الذكرى المزدوجة للهجوم على الشمال القسنطيني سنة 1955، الذي يوصف بالولادة التاريخية الثانية للثورة التحريرية، وانعقاد مؤتمر الصومام في 1956 الذي خط فلسفة الثورة وأرسى تنظيمها الهيكلي.فرغم مرور عقود من الزمن على هذين الحدثين، إلا أنهما يظلان أحد أهم المرجعيات النضالية التي يتم استذكارها عند الحديث عن الكفاح المرير الذي خاضه الشعب الجزائري، محطما بذلك أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
فالذكرى المزدوجة تحمل رمزية لازالت في صميم الأحداث، بل تعد استمرارية لبيان أول نوفمبر 1954، كونها سرعت الآفاق التي سطرها هذا الأخير والمتمثلة في استقلال البلاد، مما جعلها حقا انتفاضة حقيقية بكل المعايير.
وتظل هذه الهجومات واحدة من أهم الذكريات النضالية المجيدة في تاريخ الجزائر، فالأحداث العظيمة تنمو وتكبر قيمتها مع مرور الزمن، وتظل معانيها وقيمها خالدة في نفوس الشعوب، نظرا لما تستمده منها من زخم وصور خالدة تبث الثقة في النفوس، فضلا عن أن مراحل النضال والانتصار تعتبر صفحات خالدة، تفرض على الأجيال المعاصرة منحها العناية البالغة، من أجل تحقيق تواصل تاريخي وحضاري يربط الماضي بالحاضر، ويبني جسور تواصل وطيدة بين السلف والخلف.
فهذا الحدث التاريخي يعتبر من المحطات المفصلية التي مرت بها ثورة التحرير المجيدة، والحدث الأبرز الذي حقق الكثير من الإنجازات الكبيرة للثورة الجزائرية في عامها لأول، كما كانت له تأثيرات عميقة على مسار الثورة وتطورها وانعكست نتائجها على المستوى المغاربي والإقليمي.
قطع دابر ادعاءات فرنسا
وترتب عن هذا الحدث نتائج من الناحية العسكرية والسياسية سواء داخليا، بقطع الطريق أمام المتشككين والمترددين، وكذا ادعاءات فرنسا أن ما وقع بعد نوفمبر، هو عمل متمردين وقطاع طرق ولصوص، فجاءت هذه الأحداث لقطع دابر هذا الادعاء من ناحية، رغم أن ما كانت تعتبره وتسميه فرنسا تمردا، لم يولد في الأوراس فقط، بل هو واحد من عناصر قوة هذه الثورة التي ولدت ذات ليلة من أول نوفمبر 1954. وأعلن عنها بالعديد من الهجومات شملت جميع ربوع الجزائر.
وما يجعل من هجومات 20 أوت التي دامت ثلاثة أيام حدثا فريدا من نوعه، اعتمادها على رؤية واضحة لقيادة الثورة التي خططت لها بعناية متناهية، شملت تفاصيل دقيقة تتعلق بتوقيت الهجوم الذي تم في وضح النهار والمواقع المستهدفة. وهو ما مكن من تحقيق أهداف كبيرة بإمكانيات بسيطة وجد محدودة. كما سمحت هذه الهجومات التي كان مهندسها الشهيد زيغود يوسف بفك الضغوطات وكسر الحصار الذي فرضته السلطات الاستعمارية على الولاية التاريخية الأولى (الأوراس)، من خلال ضرب مواقع تابعة لجيش الاحتلال من مراكز الشرطة وثكنات العسكرية ومنشآت اقتصادية.
وكان لهذه الهجومات بعدا دوليا وصدى مدويا بالخارج، حيث تأكد الرأي العام بأن الأمر يتعلق بثورة شعبية عارمة فعلا وليس مجرد تمرد يقوده خارجون عن القانون مثلما كانت تروج له فرنسا. كما حملت أيضا بعدا مغاربيا حيث تم اختيار تاريخ 20 أوت لتزامنه مع ذكرى نفي ملك المغرب (محمد الخامس) إلى مدغشقر، مما شكل آنذاك تجسيدا للتضامن مع الأشقاء المغاربة وتأكيدا على وحدة العمل الثوري ضد المستعمر. وجاء انتقام السلطات الفرنسية عقب هذه الهجومات وحشيا، حيث شنت حملات توقيف و قمع واسعة استهدفت آلاف المدنيين الجزائريين مع القصف البري والجوي، الذي استهدف القرى والمداشر. وتبقى مجزرة الملعب البلدي بفيليب فيل (سكيكدة) شاهدة على بطش المستعمر.
وبالحديث عن الخلفيات التي سبقت هذه الهجومات فقد شكل ربيع 1955 مرحلة مخاض عسير وضع المنطقة في مفترق الطرق، مما جعل قيادة المنطقة تختار وتحسم وترمي بثقلها في ميزان التاريخ، دون أن يخيفها رد فعل العدو، كونها كانت محصنة بالقناعة الثورية.
وحرصت قيادة المنطقة على تحصين الثورة وحمايتها خاصة بعد عمليات الاعتقال وصعوبة الاتصال ومحاولة خنق الثورة في المهد من طرف القوات الاستعمارية، ومن هنا برزت عبقرية زيغود يوسف للإعداد لهذا الحدث.
فقد شرع زيغود يوسف في التفكير في الرد المناسب، من خلال إعطاء هذا الهجوم بعدا وطنيا ولمدة أسبوع، لكنه كان يدرك في الوقت ذاته ثقل مثل هذا القرار وما يترتب عنه، لاسيما أنه خلال تلك الفترة لم تكن فيها ظروف الثورة تسمح بعمل بهذا الحجم على المستوى الوطني.
لذلك قرر الشهيد البطل التركيز على المناطق التي يتولى مسؤوليتها، لكن بعمل مركز وتنظيم دقيق، حتى تكون الضربة موجعة وردا شافيا على محاولات ”سوستيل” لعزل الثورة عن الجماهير من ناحية، وبعث الثقة في نفوس المجاهدين وبث الرعب في نفوس المعمرين، فضلا عن تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
قضية موت أو حياة
لتحقيق كل هذه الأهداف مجتمعة، لم يكن الأمر يسيرا، وكان يتطلب تحضيرا دقيقا، لاسيما وأن عيون الفرنسيين لا تنام منذ نوفمبر، وزيغود بدوره كان يدرك ثقل المهمة التي كانت تشكل منعطفا بالنسبة للثورة ولا يريد المغامرة في الوقت ذاته. وهو ما عبر عنه بقوله ”اليوم، أصبحت القضية، قضية موت أو حياة”، مشيرا إلى أن مسؤولياته في هذا اليوم تتجاوز مسؤوليات يوم الفاتح نوفمبر، حيث كانت تنحصر في تحرير الوطن” ولكن، اليوم، وجب علينا، أن نختار بين إذاعة صوت كفاحنا ... أو نبرهن عن عجزنا في قيادة الشعب إلى الاستقلال”، يضيف الشهيد البطل.
كان زيغود يوسف يدرك فعلا ثقل المسؤولية، لذلك ورغم أن المبادرة كانت مبادرته، إلا أنه أراد أن يشرك من معه من الرفاق في اتخاذ القرارات، فالتقى بالرفاق في كدية داود بجبل الزمان في الثالث والعشرين من شهر جويلية. وكان من بين الحاضرين عبد الله بن طوبال، عمار بن عودة، صالح بوبنيدر وقدم أثناء اللقاء خطة عمل، تم فيها تحديد ضريبة الدم لإنقاذ الثورة، كما تم تحديد تاريخ 20 أوت 1955 وتوقيت منتصف النهار. ويبدو أن زيغود يوسف قدر الأشياء حق قدرها ودرس كل صغيرة وكبيرة، ولم يترك للصدفة شيئا، فإضافة إلى اختيار يوم السبت، باعتباره يوم عطلة يسرح فيه الجنود، كان يوم سوق أيضا في مدينة سكيكدة، مما يسهل تسلل جنود جيش التحرير إلى المدينة، مع اختيار منتصف النهار كونها فترة قيلولة وفترة انشغال الجنود الفرنسيين والشرطة والدرك بالخروج للغذاء، مما يعطي للانتفاضة دويا.
وبناء عليه تم بناء خطة الهجوم، إذ تقرر أن يدوم الهجوم ثلاثة أيام بدلا من سبعة، إذا كان الهجوم على المستوى الوطني كما كان ينوي زيغود يوسف، لهذا تقرر أن يكون الهجوم في اليوم الأول (20 أوت) على الأهداف المحددة في المدن المعنية، على أن يكون اليوم الثاني والثالث لنصب الكمائن في الطرقات لضرب قوات العدو، لأن مخططي هذه الانتفاضة توقعوا أن يجلب العدو قوات كبيرة، ليحمي المدن ويدعم بها مراكزه العسكرية.
المنعرج الحاسم..
وقد استهدفت في هذه الهجمات، المنشآت العسكرية والاقتصادية والموانىء والسكك الحديدية وطرق ووسائل الاتصال، وكذا مراكز الشرطة والدرك الوطني وضيع المعمرين. وكانت الأهداف المرسومة كبيرة وعظيمة فعلا، لكن الإمكانات كانت محدودة، فكان أول مشكل طرح هو مسألة توفير السلاح للمجاهدين والمتطوعين (المسبلين) الذين يفهم من المعاصرين، أن أعدادهم كانت كبيرة تفوق التوقعات. ومما زاد في صعوبة الحصول على الأسلحة أن السلطات الفرنسية كانت قد شددت رقابتها وكثفت عمليات التفتيش، بحثا عن الأسلحة لدى المواطنين.
وللتغلب على تلك الصعوبات تمت الاستعانة ببعض المواطنين، من ذوي الخبرة في صنع القنابل اليدوية والقنابل الحارقة، رغم القيود التي فرضها الفرنسيون حتى على بيع البنزين، كما تمت دراسة مراكز العدو بدقة (مواقع الثكنات، عدد القوات، والعتاد الحربي وحتى الجوانب الإستراتيجية للموقع..) تفاديا لكل مفاجأة، فكانت كل هذه التدابير والاحتياطات من ناحية، والإيمان بالقضية وراء نجاح الهجوم، فرغم بساطة وسائله، إلا أنها تمكنت من دك مواقع العدو، وضرب منشآته الحساسة وخلط خططه.
وعليه كان يوم 20 أوت يوما مشؤوما بالنسبة للقوات الاستعمارية، حيث تعرضت مراكز الدرك، محافظات الشرطة، الثكنات العسكرية، البلديات، والمحاكم لهجومات كاسحة في نفس التوقيت تقريبا، في العديد من المدن كما كانت له نتائج هامة داخليا وخارجيا، فعلى المستوى الداخلي أعطى دفعا للثورة بالتفاف الشعب حولها، لدرجة اعتبره بعض الباحثين الفرنسيين أول هجوم حقيقي يدخل الثورة مرحلتها النشيطة، بينما تقول باحثة أمريكية عنه: ”هو أول هجوم موسع وشامل، يكشف عن إعداد دقيق ووجود قوات نظامية هامة، إنه يمثل منعرجا لحرب التحرير”.
هجومات ذلك اليوم لم تفك الحصار عن الأوراس فحسب، وإنما دفع بالثورة إلى نقطة اللارجوع، واتسع نطاقها وحطم الحصار الإعلامي المفروض على الجزائر. في حين كان رد فعل فرنسا التي فقدت أعصابها وحشيا، إذ لم تعد تفرق بين المواطن والمجاهد، فيكفي أن نشير إلى مجزرة الملعب البلدي بسكيكدة ومشتة الزفزاف، مما يدل على الوحشية التي واجهت بها الأحداث، فضلا عن قصف الطيران للمداشر والقرى دون تمييز وإقامة المناطق المحرمة.
مؤتمر الصومام،، إرساء فلسفة الثورة وتنظيمها الهيكلي
أما مؤتمر الصومام فقد انعقد عام 1956 بقرية إيفري بالولاية التاريخية الثالثة، حيث اختيرت المنطقة نظرا لموقعها الإستراتيجي الأكثر أمنا، كما اختير تاريخ 20 أوت لكونه يصادف الذكرى الأولى لـهجوم الشمال القسنطيني، ودخول القضية الجزائرية إلى هيئة الأمم المتحدة في أكتوبر.
كما يعد انعقاد المؤتمر من القرارات الأولى التي تبنتها مجموعة الـ22 التاريخية حين تفجيرها للثورة، حيث كان من المفترض أن يلتقي القادة مجددا بعد عام من اندلاعها لتقييم نتائجها وتقدير الصعوبات وإعادة تنظيمها وترتيبها، غير أن هذا القرار لم ير النور في موعده بسبب الأحداث المؤلمة التي شهدها العام الأول من بداية الثورة، كاستشهاد بعض القادة مثل: باجي مختار وديدوش مراد، وسويداني بوجمعة واعتقال البعض الآخر كرابح بيطاط ومصطفى بن بولعيد ورحيل بوضياف إلى الخارج، فضلا عن الصعوبات التي لم تكن متوقعة كشراء الأسلحة وإدخالها إلى الجزائر.
وقد أرسى المؤتمر فلسفة الثورة وحدد هيكلتها التنظيمية، كما وضع الخطوط العريضة لمسار مواصلة الكفاح المسلح مع تدارك النقائص التي رافقت انطلاقه قبل 22 شهرا من ذلك التاريخ. كما شكل محركا لها من خلال تزويدها بالمؤسسات العسكرية والسياسية التي أمنت استمرار الشرارة.
وبخصوص رهان المؤتمر فكان يسعى إلى إضفاء النظام على منظمة جبهة التحرير الوطني وهيكلة مؤسسات الثورة كما أرسى قاعدة هامة لجبهة التحرير الوطني، حيث وسع من قاعدة الدعم سواء في داخل أو خارج الوطن، كما تميز بمحاولات توضيح هامة لأهداف الثورة والدولة الجزائرية وشكل منعرجا على قدر كبير من الأهمية في مسار الكفاح المسلح.
فبعد سنتين من اندلاع الكفاح المسلح كان لمهندسيه الوقت للتفكير والنقاش والتوقف عند ”الجوانب الغامضة” التي ظهرت في بيان أول نوفمبر، لاسيما ما تعلق بمفهوم إرساء الدولة الجزائرية التي تمت معالجته في أرضية الصومام، تحت تسمية النهضة مع كل ما تتضمنه من عصرنة وحداثة وانفتاح على العالم.
وعليه، كان هذا الحدث الأول من نوعه في تاريخ الثورة التحريرية، حيث جمع اللقاء بين أبرز نخبة الثورة التحريرية من قادة ومجاهدين من داخل وخارج الوطن. وكان الهدف من تنظيم المؤتمر هو تقييم الثورة بعد سنة من اندلاعها. وكانوا مقتنعين بأهمية العمل المنظم لنيل المراد حيث عملوا على بعض الترتيبات الجديدة في الجهازين العسكري والسياسي من أجل الوصول إلى أهم مسعى وهو استقلال الجزائر.
أما عن أهم النتائج المنبثقة عن المؤتمر، فكان إستراتيجية جديدة أرست قواعد وهيكلا تنظيميا محكما من أجل الوصول بالثورة إلى الهدف المنشود. فمن الناحية العسكرية تمت إعادة تقسيم المناطق العسكرية إلى ست مناطق عسكرية بعد أن كانت خمسة مع إدراج منطقة الجنوب ضمن التقسيم الثوري، مع البحث عن مصادر جديدة لتدعيم جيش التحرير الوطني بالذخيرة الحية. والأهم أنه تم تقييم ما تم تحقيقه من نتائج منذ اندلاع ثورة التحرير المجيدة من خلال تشخيص النقائص وتجاوز الأخطاء،أما على المستوى السياسي فقد تم إنشاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية ولجنة التنسيق العسكرية والسياسية.
توحيد النظام العسكري والسياسي
كان أن من أهم النتائج التي تمخض عنها هذا الاجتماع هي توحيد النظام العسكري والسياسي، حيث وضعت رتب عسكرية والعلامات التي ترمز لها، وضع خريطة جديدة للجزائر وفقا لظروف الحرب آنذاك وتحسين مستوى المبادرة والتعاون والتنسيق بين مختلف القوى المشاركة في الثورة في ذلك الوقت، في حين تقرر استبدال تسمية المنطقة باسم الولاية، والناحية بالمنطقة، والقسم بالناحية، إضافة إلى أحداث القسمة، ومنطقة العاصمة المستقلة، واتحاديات جبهة التحرير الوطني في فرنسا والمغرب وتونس. كما وضعت إستراتيجية للعمل المستقبلي للثورة والتي كانت تهدف إلى إضعاف الجيش الفرنسي، الإخلال بالوضع في فرنسا إلى أقصى الحدود اقتصاديا واجتماعيا ومؤازرة الشعب الجزائري في وجه البطش الاستعماري الفرنسي
وقد اتخذ المؤتمر قرارا بإقامة المجلس الوطني للثورة الجزائرية التي كانت تتكون من 34 عضوا ولجنة للتنسيق والعمل تضم خمسة أفراد. وتجدر الإشارة إلى أن الأولوية كانت قد أعطيت للجانب السياسي على الجانب العسكري في ذلك المؤتمر.
وكانت لكل هذه القرارات نتائج وردود فعل انعكست على مسيرة الثورة، إذ تمثلت هذه النتائج على المستوى الداخلي في تجنيد الشعب أكثر حول الثورة وامتثاله لأوامرها وتحدي القوات الاستعمارية بمختلف الوسائل، كالإضرابات والمظاهرات وتخريب اقتصاديات العدو وتحطيم معنوياته، كما ارتفعت الروح القتالية والمعنوية لدى المجاهدين وزاد إقبال المتطوعين على الانخراط في صفوف جيش التحرير الوطني طلبا للاستشهاد في سبيل الوطن.
وهكذا عمت العمليات العسكرية كل التراب الوطني وتعددت هجومات وحدات جيش التحرير الذي ارتفع عدده خلال هذه المرحلة إلى حوالي 20000 مجاهدا، بالإضافة إلى عدد مماثل من المسبلين والفدائيين مع 12 إلى 13 ألف قطعة من الأسلحة الحربية، من بينها قطع حديثة كالرشاشات ومدافع الهاون التي بدأت تدخل من الخارج ابتداء من سنة 1956، وهو ما مكن من تكوين الفصائل والكتائب في أواخر هذه السنة وأتاح فرصة خوض المعارك بتشكيلات منظمة كبدت العدو خسائر كبيرة، لم يكن يعلن عنها عادة وإنما كان رد فعله يتمثل في قتل المدنيين.
وعليه يتبين أن البعد الخاص بالحدثين يكتسي أهمية كبرى في مسار كفاح التحرير الوطني، فهما من فعل رجال أبطال من الحقبة الاستعمارية، كما تظل رمزية 20 أوت مستمرة في صنع الحدث حتى أنها هيمنت في بعض الأحيان على أحداث أخرى هامة وقعت في نفس الفترة على كامل التراب الوطني.