رغم أن إنجازه لم ينطلق بعد:

ميناء شرشال "يربك" موانئ المتوسط

ميناء شرشال "يربك" موانئ المتوسط
  • 3591
جميلة. أ جميلة. أ

يتزايد قلق بعض الموانئ الكبرى في الضفتين الشمالية والجنوبية لحوض المتوسط إزاء ميناء "شرشال" الذي سيكون أكبر ميناء في إفريقيا وبوابتها الرئيسية، خاصة وأن الحكومة حريصة على إطلاق عملية إنجاز الميناء خلال العام الجاري، بل وأوكلت عملية إنجازه لشركات صينية، ناهيك عن عملية تسييره التي عادت لأكبر مؤسسة في العالم، ممثلة في ميناء "شنغهاي"، الأمر الذي أربك موانئ متوسطية معروفة وأدخلها في سباق مع الزمن لتحصين زبائنها من العملاق الجزائري القادم. تقرر الشروع في إنجاز ميناء الجزائر وسط، خلال السنة الجارية 2016، وذلك بإلحاح من الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، التأكيد جاء على لسان وزير النقل السيد بوجمعة طلعي أمس، لدى إعلانه إعادة تنظيم قطاع النقل بإنشاء مجمعات خاصة، حيث أكد الوزير على أهمية المشروع الذي سيعيد للجزائر مكانتها وهيبتها في حوض المتوسط من خلال بسط سيطرتها على النشاط التجاري المينائي الذي تحكمه اليوم موانئ فرنسية وإسبانية هي اليوم متخوفة من "ميناء شرشال" المستقبلي الذي يعد تهديدا حقيقيا للموانئ الأوروبية خاصة إذا علمنا أن مهمة تسييره أوكلت لميناء شنغهاي العالمي المعروف بخبرته وشبكته المينائية العالمية.

وزير النقل السيد بوجمعة طلعي، جدد رغبة الحكومة القوية في الإسراع في إنجاز ميناء "الجزائر وسط" الذي تقرر تجسيده بمنطقة شرشال، مبرزا أن المشروع الذي سينطلق السنة الجارية من شأنه خلق قنوات مينائية استراتيجية للجزائر التي تعد البوابة الرئيسية لإفريقيا، ومنه استرجاع المكانة المينائية لبلادنا بحوض المتوسط التي سيطرت عليه أقطاب متعددة. تمويل المشروع لم يعد مطروحا، يقول الوزير الذي أكد أن ميناء "الجزائر وسط" سيكون الأكبر في البحر الأبيض المتوسط، ما يعني أن مردوديته ستكون كبيرة، وهو الأمر الذي سهل من عملية تمويله التي ستتم خارج التمويلات العمومية في الوقت الحالي، علما أن كلفة الميناء قدرت بـ3.3 ملايير دولار، وأوكلت عملية إنجازه لشركة مختلطة جزائرية ـ صينية وفق القاعدة 51 /49  من قانون الاستثمار. وتعترف السلطات المينائية لفالانسيا الإسبانية، بمخاوفها من ميناء "شرشال" الذي يشكل تهديدا لسيطرتها على نقل البضائع وريادتها في حوض المتوسط، وهو ما تطرقت إليه اليومية الإسبانية "فالنسيا بلازا" في عددها الصادر مطلع الشهر الجاري، مبرزة في مقال مفصل أن ميناء شرشال الذي سيتوفر على 23 رصيفا وطاقة سنوية لمعالجة 6.5 مليون حاوية و25.7 مليون طن من البضائع، سيشكل تهديدا مضاعفا لميناء "لفانت" الإسباني.

التهديد الذي تطرقت إليه الجريدة يخص تأثير ميناء "شرشال" على النقل البحري في حوض المتوسط وكذا مساعي موانئ إسبانيا إلى إيجاد تمويلات لتوسيع ميناء فالانس الذي كانت السلطات الإسبانية تنوي تكليف الصينيين به. وبما أن هذه الاخيرة ـ الصين - قد اندمجت في المشروع الجزائري الضخم، فإن المخاوف تحوم حول مدى استعدادها والتزامها بالمشاريع القديمة، وهو أمر غير مؤكد حسب المقال الذي حلل الراهن المينائي الحالي بمساعي الصين إلى بسط سيطرتها على الناحية الغربية لحوض المتوسط بإنجازها وتمويلها ميناء شرشال بعد أن ضمنت الجانب الشرقي للمتوسط بإنجازها ميناء بيارو اليوناني. مخاوف الموانئ الإسبانية من ميناء شرشال الكبير لها مبرراتها على اعتبار أن دخول هذا الميناء حيز الخدمة سيهدد لا محالة النقل الحالي بين ميناء فالانس وموانئ الجزائر، علما أن هذا الميناء الإسباني يعد حلقة وصل للعديد من البواخر المتجهة نحو الجزائر، بالاضافة إلى كون بلادنا هي أول شريك تجاري للميناء الذي سجل سنة 2015 مبادلات قدرت بـ5.31 طن من البضائع، مقابل 5.22 ملايين طن من البضائع التي تم تبادلها مع الصين و4.66 ملايين طن تم تبادلها مع إيطاليا خلال نفس الفترة. وخلال سنة 2014 تمكن ميناء فالانس من خلال مبادلاته التجارية مع الجزائر من الرفع من حجم تنقلاته بـ10 بالمائة.

المخاوف من ميناء شرشال لا تقتصر على الموانئ الإسبانية بل تعدته إلى موانئ فرنسية كما هو الحال بالنسبة لميناء مرسيليا الذي أوفد مؤخرا بعثة هامة حملت رسالة واضحة تؤكد أن الجزائر هي الزبون الأول والاستراتيجي للميناء بتنقلات فاقت 11 مليون طن من البضائع، وتبادلات ارتفعت بـ14 بالمائة مطلع 2015، وأكثر من 250 ألف مسافر سنويا..إدارة الميناء وفي آخر زيارة لها إلى الجزائر تحدثت صراحة عن مساعيها لاسترجاع زبائنها من الجزائريين من خلال تقديم عروض وامتيازات في شكل إغراءات لبعث الثقة لدى الزبون. للعلم، تسيير ميناء الجزائر وسط، الذي سيتخذ من مدينة شرشال الساحلية بولاية تيبازة موقعا له، ستوكل لاحقا لميناء شنغهاي العالمي والذي يشرف حاليا على إنجاز وتسيير أكبر ميناء في العالم، وهو ميناء شنغهاي بالصين، ولم يكن اختيار مؤسسة شنغهاي المينائية من قبيل الصدفة، إنما لاعتبارات استراتيجية تتماشى وأهمية المشروع الذي تعول عليه الجزائر والقارة لتحقيق نقلة نوعية في المبادلات التجارية بين قارات العالم الخمس، علما أن للمؤسسة علاقات وتحالفات مع موانئ آسيا وأمريكا، وهو ما سيفيد الجزائر بشكل كبير. ميناء الجزائر وسط سيتخذ من المنطقة الساحلية حمدانية  بشرشال موقعا له، وسيقام الميناء الجديد على مساحة تقدر بأكثر من 1.000 هكتار ويتوفر على منطقة لوجستية تبلغ 2.000 هكتار، كما سيكون بالميناء رصيف طوله 3.360 متر يتوفر على إمكانية لاستقبال الباخرات من الحجم الكبير. وعملت دراسة خاصة بموقع المشروع، قامت بها وزارة النقل على تخفيض آجال الإنجاز إلى 7 سنوات بدلا من 10 على أن يدخل الخدمة ابتداء من 2020.