أثبتت فعاليتها في المعركة المفتوحة ضد الوباء

هكذا نجحت الاستراتيجية الوقائية الاستباقية في محاصرة كورونا

هكذا نجحت الاستراتيجية الوقائية الاستباقية في محاصرة كورونا
  • 564
 م. ب/و. أ م. ب/و. أ

الرئيس: أزمة كوفيد فرصة لمراجعة المنظومة الصحية من الأساس

تبنت السلطات العمومية استراتيجية وقائية للتصدي لتفشي فيروس كورونا، أثبتت فعاليتها في عدة مراحل قطعها الوباء، بالرغم من ظهور من حين لآخر، نقائص حالت دون تطبيق الإجراءات الاحترازية بالكامل.

مع ظهور الحالة الأولى بالجزائر للرعية الايطالية العاملة بحاسي مسعود في 25 فيفري 2020 ثم حالات مؤكدة لـ16 شخصا من عائلة واحدة بالبليدة أصيبوا بالفيروس خلال وليمة عائلية، أمر الرئيس تبون باعتماد إجراءات استباقية لمنع تفشي الوباء، شملت خصوصا، تفعيل نظام الرصد والمراقبة الخاصة بتفشي الأوبئة ومرافقته بنظام صحي وقائي لحماية المجتمع والاستعداد للتدخل السريع عند الحاجة. ووضعت وزارة الصحة ميكانزامات ميدانية قصد تسيير فعّال ومنسق للأزمة من الناحية القانونية والمؤسساتية. ونظرا للوضعية الوبائية، أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في 12 مارس 2020 باتخاذ إجراءات استعجالية احترازية سبقت بها الجزائر دول متقدمة، حيث تم غلق المدارس والجامعات ورياض الأطفال ومؤسسات التعليم والتكوين المهنيين وقاعات الرياضة والحفلات وتعليق النقل بجميع وسائله البرية والجوية والبحرية، تفاديا للانتشار الواسع للوباء وعدم التحكم في الوضع. ناهيك عن إجلاء عبر رحلات خاصة للطلبة الجزائريين بالصين باعتبار هذا البلد البؤرة الأولى للوباء.

وكانت أولوية الأولويات التي اتخذتها وزارة الصحة، إعداد بروتوكول علاجي وتنظيم سلسلة العلاج وتوفير وسائل الكشف عن الفيروس إلى جانب وضع نظام مراقبة فعّال وتقديم المعلومات اللازمة والوافية حوله واتخاذ إجراءات لكبح الوباء. كما سعت الوزارة الوصية إلى تعزيز قدرات مهنيي القطاع من خلال تنظيم عدة دورات تكوينية عن طريق التحاضر المرئي عن بعد، حول الوباء وتوفير كل وسائل الوقاية الفردية لفائدة كل أسلاكها. أما من الناحية القانونية، فقد سارعت الوزارة إلى وضع نظام متابعة للوضعية الوبائية داخل وخارج الوطن، حيث أعدت أزيد من 60 أمرية وتعليمة تشرح من خلالها كل الإجراءات والسلوكات التي يجب اتباعها لمواجهة الوباء وتنظيم مختلف النشاطات مع مرافقة مهنيي القطاع في الميدان. ومن الناحية المؤسساتية والتنظيمية، تم تنصيب خلية أزمة تم تعويضها في نهاية مارس 2020 بتطبيق ميكانيزمات أخرى ميدانية على المستوى المركزي ثم الولائي وبكل مؤسسة صحية.

كما نصبت السلطات العمومية لجنة علمية يترأسها وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات البروفيسور عبد الرحمان بن بوزيد تتكون من عدة خلايا، حيث تسهر الأولى على تنظيم تنقل المرضى وتسيير عدد الأسرة، وتتولى الثانية متابعة الوضعية الوبائية وبث الإعلام الصحي، فيما تعمل اللجنة الثالثة على متابعة توفير مخزون وسائل الوقاية والكشف والعلاج. وتعتبر الخلية الثالثة الأهم، حيث تسهر على التصريح بالحالات التي تخضع للكشف عن طريق تقنية بي.سي.ار بمختلف المخابر التي تعمل تحت المخبر المرجعي لمعهد باستور وتسجيل الوفيات وإعداد التقارير اليومية حول الوباء بكل ولاية وكذا تطوّر الوضعية الوبائية الجهوية والعالمية. كما سهرت اللجنة المذكورة على متابعة نقاط إجلاء المواطنين العالقين بالخارج وأماكن إقامتهم إلى جانب إرسال نتائج بي .سي.أر لمختلف مديريات الصحة ومتابعة الوضعية الوبائية وتقديم النتائج اليومية التي يعلن عنها الناطق الرسمي للجنة العلمية.

إعادة النظر في منظومة صحية مختلة

بالرغم من كل المجهودات المبذولة لمواجهة الجائحة وفق الإمكانيات الممنوحة والمساعدات التي تلقتها المنظومة الصحية خلال هذا الظرف من جميع النواحي، فقد وجدت نفسها غير مستعدة لمواجهة هذا النوع من الأوبئة بسبب اختلالات كانت تعاني منها في التنظيم والموارد البشرية التكوين والعلاج.

وأكد رئيس الجمهورية، في إحدى تدخلاته حول الوضعية الصحية للبلاد، أن أزمة كورونا فرصة لمراجعة المنظومة الصحية من الأساس وفي أدق تفاصيلها من خلال بناء منظومة عصرية تريح المواطن وتضمن له العلاج اللائق. ومن بين ما قام به المشرفون على القطاع لاستدراك النقائص، لاسيما المتعلقة بالكشف والتشخيص بتقنية بي .سي.ار التي كان يقوم بها مخبر واحد فقط (معهد باستور بسيدي فرج) في بداية ظهور الوباء، تم فتح المجال لنحو 60 مخبرا بمختلف مناطق الوطن من بينها 25 مخبرا تابعا للقطاع الخاص، ما سهل إجراء هذه الكشوفات التي بلغت بالمخابر المعتمدة 2000 تحليل يوميا بالرغم من تكلفة أسعارها. وبخصوص الوسائل الوقائية، فقد عززت الوزارة قدراتها من كمامات وألبسة وقفازات بعضها تم استيرادها وأخرى تبرعت بها دول صديقة وأبناء الجالية والمجتمع المدني والمؤسسات الوطنية العمومية والخاصة وبعضها الآخر تم تطوير إنتاجه محليا. من ناحية قدرات الاستيعاب بالأسرة بمختلف المؤسسات الاستشفائية، جندت الوزارة خلال الفترات التي شهدت ارتفاعا في الحالات، 20 ألف سرير على المستوى الوطني مع التركيز على الولايات التي سجلت اكتظاظا وارتفاعا في نسبة الإصابة مع تعزيز مصالح الإنعاش بأجهزة التنفس. وفيما يتعلق بالعلاج، فقد رفعت السلطات العمومية من قدرة إنتاج كل الأدوية الموجهة للمصابين خاصة مادة الهيدروكسي كلوروكين التي تم الحرص على اقتناء المادة الأولية لإنتاجها من الهند بالرغم من تعليق الرحلات الجوية من وإلى الجزائر.

ومع الإعلان عن استئناف النشاطات بعد رفع الحجر الصحي، سهرت اللجنة العلمية على وضع بروتوكولات صحية ملائمة لكل قطاع لتشجيع العودة إلى العمل في ظروف مواتية. وحماية لمستخدمي مهني الصحة، أمر الرئيس تبون باستصدار قانون يدعم الحماية لهؤلاء. وقد صدر هذا القانون بعد المصادقة عليه بالجريدة الرسمية في 4 أوت 2020 محددا العقوبات المفروضة على كل من يقوم بتخريب ممتلكات المؤسسات الصحية والاعتداءات اللفظية والجسدية على مهنيي القطاع أو التقاط ونشر صور وفيديوهات على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي تمس أو تلحق أضرارا بالمهنة. أما فيما يتعلق بمخطط الاتصال الخاص بالجائحة، فقد أعدت الوزارة برنامجا توعويا واسعا من خلال إطلاقها منذ الوهلة الأولى لتفشي الوباء رقما أخضر لتلقي مكالمات المواطنين للاستفسار حول الفيروس (3030) على المستوى المركزي تم توسيعه بالولايات. كما أعدت ومضات إشهارية تم بثها عبر كل القنوات التلفزيونية والإذاعية لشرح السلوكات الواجب اتباعها للحماية من الفيروس، تم تكييفها مع تطوّر الوضعية الوبائية.