تعليمات الداخلية لا تُحترم

”مافيا” الشواطئ تفرض منطقها على المصطافين

”مافيا” الشواطئ تفرض منطقها على المصطافين
  • 1054

     ظاهرة احتكار الشواطئ من طرف المافيا تضاعفت هذه السنة؛ حيث لازالت تفاعلات مجانية الشواطئ في الجزائر محل تجاذب بين المواطنين من جهة والسلطات من جهة ثانية، بسبب الغموض الذي يكتنف طريقة تسييرها وتسيير مواقف السيارات، التي تحولت تذاكرها إلى إتاوة مفروضة على كل المصطافين.

استغل بعض المضاربين الذين اعتادوا استغلال الشواطئ خلال مواسم الاصطياف الماضية، الأوضاع  التي تمر بها البلاد، لبسط سيطرتهم عليها، وفرض منطقهم على المصطافين بعد إقرار السلطات العمومية مجانية الشواطئ.

تذكرة الباركينغ إتاوة حتمية بأسعار خيالية

أثناء جولتنا إلى شاطئ العقيد عباس وخلوفي 1 و2 بزرالدة غرب العاصمة، اصطدمنا بما يجري في تلك الشواطئ؛ من خرق لتعليمة الداخلية ووالي العاصمة في غياب الرقابة، حيث تتراوح تكلفة موقف السيارات بين 100 و200 دينار.

اختلاف التسعيرات وضع المواطن في حيرة من أمره، حيث يفرض عليك حارس المدخل المبلغ، ولا تملك خيارا آخر سوى الدفع.

غياب الرقابة فتح الشهية لحراس الشواطئ لاستغلالها من جديد، وفرض مبالغ تختلف من يوم لآخر حسب عدد المصطافين، ضاربين تعليمة والي العاصمة عرض الحائط.

اختلاط المياه القذرة بمياه البحر مشكل قائم

بعض الشواطئ غرب العاصمة كالبهجة، على سبيل المثال، جعلتنا نلاحظ استمرار ظاهرة إيكولوجية خطيرة، تتمثل في اختلاط المياه القذرة بمياه البحر، مما يشكل خطرا كبيرا على حياة المصطافين.

هذا المشكل لم يلق آذانا صاغية رغم المراسلات العديدة التي قام بها المتضررون، حيث أكد بعض الشباب أن الخطر يحدق بالمصطافين، وهناك العديد من الحالات التي تشتكي من ظهور بقع حمراء على الجلد. وأشار هؤلاء إلى أن المسؤولية تتحملها السلطات المعنية، التي تغض الطرف عن الكثير من الأشياء، ولا تبالي بنجاح موسم الاصطياف، بل، على العكس، استمر الوضع على حاله، مما تسبب في تراجع السياح الأجانب.

المافيا يفرضون منطقهم بكل الشواطئ

ونحن نتجول بأغلب الشواطئ لاحظنا فوضى كبيرة في التسيير، راح ضحيتها المواطن الذي يختار، بطبيعة الحال، المبلغ الأقل، في الوقت الذي كان ينتظر البعض تحقيق حلم مجانية الشواطئ بنسبة 100 بالمائة، حسبما أكد البعض، لكن الحلم يبقى مجرد حلم لن يرى النور على أرض الواقع.

لاحظنا مناظر الفوضى بشواطئ العاصمة رغم التعليمات الصارمة الصادرة عن الوالي، حيث يستحوذ الشباب على أغلب الشواطئ خارج الإطار القانوني. كما لاحظنا أنهم ينصّبون آلاف المظلات والطاولات على طول الشاطئ العائلي بزرالدة وشاطئي الأزرق والنخيل باسطاوالي، ملزمين بذلك المصطافين باستئجارها بسعر يتراوح بين 500 و800 دج، حسب المكان، وسادّين بذلك كل إطلالة على البحر عن العائلات، التي ترفض استئجار الطاولات، وهو ما يحول بينها وبين حراسة أبنائها.

أما بخصوص المراحيض العمومية والمرشات المجانية فإنها متوفرة بأسعار مختلفة، كما أن غياب المرافق على غرار المطاعم والمحلات والأكشاك، مسألة أخرى لمسناها في زيارتنا لغرب العاصمة. ونفس الصورة لاحظناها بشواطئ بلديتي الحمّامات وعين البنيان.كما أن غياب النظافة واختلاط مياه البحر بمياه الصرف الصحي مشكل طال شاطئي الصخرة الكبيرة والبهجة، مما يستدعي تدخّل السلطات المعنية في أقرب وقت.

شواطئ شرق العاصمة حدّث ولا حرج!

زيارتنا لشواطئ شرق العاصمة جعلتنا نكتشف أن أغلبها يفتقر للوسائل الضرورية التي يحتاجها المصطاف، على غرار شاطئ الجزائر الشاطئ؛ حيث طالب رجال الحماية المدنية الذين تحدثنا إليهم، بتدخل المعنيين لتوفير الأمن بالمنطقة ووسائل الإنقاذ التي تساعدهم على التدخل في حال تسجيل حوادث الغرق.

من جهة أخرى، طالب بعض السكان بتدخل مديرية السياحة ووالي العاصمة، من أجل إعادة النظر في مسألة تنظيم الشواطئ، التي سُمح باستغلال جزء منها من طرف المصطافين.

أغلب الشواطئ تفتقر لوسائل الراحة

خلال زيارتنا لمقاطعتي الدار البيضاء والرويبة وقفنا عند نقائص كثيرة بشواطىء عروس البحر 1 وإسطنبول ببرج الكيفان وشاطئ الجزائر ببرج البحري وتامنفوست بالمرسى وسركوف بعين طاية والقادوس بهراوة وشاطئ الرغاية البحري، والمتمثلة في غياب المراحيض والمرشات وغرف تبديل الملابس وانعدام الماء في الحنفيات.

ولا يجد المصطافون ـ وأغلبهم يقطنون بالأحياء المجاورة ـ مراحيض ولا غرفا لتغيير الملابس ولا مرشات، وحتى أعوان الحماية المدنية يجلسون، على غرار كل العائلات، تحت مظلة كبيرة، للوقاية من الشمس بسبب غياب محل ووسائل التدخل.

كل التعليمات ألغيت أمام مافيا البحر

رغم تعليمة وزارة الداخلية والجماعات المحلية التي تفيد بمجانية الشواطئ بالنسبة لجميع المصطافين، لاتزال بعضها تخضع لاحتكار بعض الأطراف، حيث تفرض مافيا الشواطئ وبطريقة تعسفية، قوانينها على المصطافين؛ من خلال فرض أسعار حسب هواهم في مواقف السيارات ومختلف الخدمات، وإجبار المواطنين عليها، مما ينغّص عليهم فرحة الاصطياف والاستجمام.

وتشهد العديد من الشواطئ بالمدن الساحلية، حسبما لاحظنا، خاصة تلك التي تعرف إقبالا كبيرا عليها من بداية موسم الاصطياف، تجاوزات في ما يتعلق بطريقة تسييرها رغم  تعليمة الوزارة؛ فمن يطيع الأوامر ويدفع مقابل الاستجمام مهما كان المبلغ، سيلقى الترحيب. أما من يحاول الرفض أو استعراض عضلاته للدفاع عن حقه في استغلال الشاطئ؛ باعتباره ملكا للجميع ومن حقه الاستمتاع والاستجمام بشكل مجاني، فسيلقى وابلا من الشتائم والطرد، وقد تصل الأمور إلى حد الضرب. 

المواطن مستاء

وفي هذا السياق، أبدى العديد من المصطافين استياءهم جراء هذه القيود المفروضة. ويوضح بعض الشباب الذين يشكلون مجموعات ويعملون على تسيير بعض الشواطئ في العاصمة، أن الاستمتاع بنسمات البحر العليلة وتحت أشعة الشمس الجميلة، لا يمكن أن يكون إلا بوجود أمن ومرافق يوفرونها بأسعار معقولة، حسبهم،  وبتسيير محكم لكل ما يجري فوق تلك المساحات المحددة من طرفهم، إلا أنهم يجهلون أن هذه الطريقة في إجبار المواطن على الدفع هي تعدّ صارخ على القانون، حيث قاموا بسن قوانينهم الخاصة بحجة التنظيم وتوفير الراحة والنظافة بدون أي اعتماد.

،، والحل؟

ورغم تعليمة وزارة الداخلية التي أمرت بسحب تسيير الشواطئ من الخواص ومنحت حرية التسيير للولاة، إلا أنه في ظل غياب قوانين ردعية على الخارقين للقانون، يشتكي المواطنون من تصرفات هذه العصابات، التي  باتت تفرض منطقها ككل موسم اصطياف في ظل الأوضاع الراهنة التي تعيشها البلاد.

ويجبَر المواطن المصطاف على دفع مبلغ ليس بالقليل لأجل ركن السيارة، كما يجبَر على كراء باراسول حتى وإن كان يحوز على واحد بمبلغ خيالي، وفي حال رفضه يُمنع من البقاء عند مقدمة الشاطئ، ويجبَر على الابتعاد عن المنطقة المحرمة، وحجز مكان في الوراء بعيد بأمتار عن البحر.

وأمام هذا الوضع طالب العديد من المواطنين المتوافدين على الشواطئ بالعاصمة وضواحيها وحتى بالمدن الساحلية الأخرى، السلطات المعنية وعلى رأسها وزارة الداخلية وكذا الولاة، بالتدخل ووضع حد لهذا الوضع الذي يتكرر كل سنة.