خروج مبكر من بطولة العالم لكرة اليد
أسوأ مشوار لـ"الخضر" وانتقادات واسعة للاتحادية
- 389
خيّب الفريق الوطني لكرة اليد متابعيه بخروجه المبكر من بطولة العالم لكرة اليد التي تحتضنها الدانمارك، بعد مشوار سلبي على طول الخط، يعكس الوجه الذي بلغته هذه الرياضة، وبالأخص المنتخب الوطني في الوقت الحالي، الذي كان ينتظر أن يظهر بوجه مشرف، على الأقل الفوز بمباراة واحدة.
عجز كامل أظهره السباعي الجزائري الذي كانت كل الأنظار مشدودة إلى ما يمكن أن يقدمه في هذه البطولة العالمية، إلا أنه خرج صفر اليدين دون تسجيل أي نقطة في ثلاث مباريات لعبها، الأولى كانت أمام صاحب اللقب المنتخب الدانماركي، حين انهزم بنتيجة ثقيلة 47 مقابل 22، ليأتي الدور على منتخب إيطاليا، الذي يعد مفاجأة هذه المجموعة التي لعبت فيها الجزائر، حين فاز على "الخضر" بنتيجة ثقيلة أخرى 32 مقابل 23، ليختم الفريق الوطني مشاركته السلبية في هذه الدورة العالمية في طبعتها 29، بانهزام آخر أمام تونس بفارق هدف واحد 26-25. وكان بإمكان رفقاء غضبان الفوز بهذه المباراة، والتأهل إلى الدور القادم، خصوصا أن ثلاث منتخبات تأهلت.
وتلقت شباك الفريق الوطني 105 هدف في ثلاث مباريات لعبها في مونديال الدانمارك، وسجل 70 هدفا فقط؛ ما يجعل فارق الأهداف بالنقصان (-35) هدفا، وهي حصيلة سيئة للغاية بالنظر إلى مستوى لاعبي الفريق الوطني، الذين يملك معظمهم التجربة الكبيرة في المنافسات الدولية، بأسماء كان ينتظر منها الكثير. غير أن المشكل على ما يبدو، ليس، فقط، في التشكيلة الوطنية. فقبل هذه الدورة العالمية انتقد المختصون في اللعبة كثيرا، التحضيرات التي أجراها السباعي الجزائري، والتي قُسمت على مرحلتين: الأولى في الجزائر بمركز التحضير بفوكة، والثانية في كرواتيا، لعب خلالها رفقاء بركوس ثلاث مباريات ودية، وهذا لم يكن كافيا ليتألق السباعي في البطولة العالمية.
ووُجهت انتقادات لاذعة عبر صفحات التواصل الاجتماعي على الأنترنت، للاتحادية الجزائرية لكرة اليد، وعلى رأسها الرئيسة كريمة طالب؛ حيث يرى المتتبعون أن الأخيرة لم تقدم أي شيء من أجل تطوير هذه اللعبة التي تحظى بشعبية معتبرة. وتأتي في المرتبة الثانية بعد كرة القدم، مؤكدين أن ما يحدث داخل أسوار الاتحادية، كان سببا لهذه "المهزلة"، كما تمت تسميتها، بخروج الفريق الوطني مبكرا من بطولة العالم، وتلقّيه أكبر هزيمة في تاريخه ضد منتخب الدانمارك، لينادي محبو لعبة كرة اليد في الجزائر، بضرورة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب؛ حتى تسترجع اليد الجزائرية مجدها السابق، وهي التي كانت مسيطرة على اللعبة في كامل قارة إفريقيا بسبعة ألقاب. وكان لها وزنها في البطولات العالمية رغم أنها لم تحقق فيها أشياء كثيرة؛ حيث اكتفت، فقط، بالمرتبة 13 في البطولة العالمية لسنة 2001.
❊ ط. ب
مباريات الفريق الوطني :
الدانمرك - الجزائر 47-22
إيطاليا - الجزائر 32-23
تونس – الجزائر 26-25
الترتيب ن ل الفارق
1. الدانمرك 4 2 + 36
--. إيطاليا 4 2 + 16
3. تونس 2 3 - 17
4. الجزائر 0 3 - 35
تقنيون ولاعبون سابقون في كرة اليد:
هذه هي أسباب "المهزلة"
عبّر تقنيو كرة اليد عن غضبهم من وضعية المنتخب الوطني، الذي ودّع مونديال 2025 مبكرا، ليسجل بذلك الإخفاق على طول الخط، مؤكدين أن المسؤولين عن الرياضة في الجزائر لا يعتبرون من الدروس السابقة؛ بدليل تكرار مثل هذه الحالات في كل مرة قبل المواعيد الكبيرة، والتي تكون تمهيدا للنتائج الهزيلة المتوقع تسجيلها في الموعد العالمي.
وتراوح غضب تقنيي اليد الجزائرية بين السخط والحسرة، من وضعية السباعي الجزائري الذي يعاني دائما من غياب الدعم المادي والشروط اللازمة للتحضير الجيد الذي يليق بمستوى الطموحات التي تُرفع في مثل هذه التظاهرات. كما عقدوا أوجه المقارنة والمقاربة بين الميزانيات الضخمة للأندية والرواتب الفلكية لنجوم الدوري الجزائري للمحترفين، والميزانيات الضعيفة والمنعدمة لاتحاد مثل الاتحاد الجزائري لكرة اليد.
نعيم بوقرة: سياسة "البريكولاج" وراء الإقصاء المبكر
ولتشخيص الوضع بدقة، أكد نعيم بوقرة رئيس النادي الرياضي لبلدية ميلة، أن النتيجة المسجلة لليد الجزائرية في مونديال 2025، كانت متوقعة بالنظر إلى الوضع الذي رافق المنتخب الوطني طيلة التحضيرات، لا سيما مشاكل التأشيرات التي سبقت سفرية كرواتيا الإعدادية، قبل التوجه إلى موطن المونديال، وهذا ما أثر سلبا على معنويات مسعود بركوس ورفاقه.
وواصل كلامه: "مهما تعددت الأسباب والمشاكل إلا أن المعضلة الجوهرية تتجلى في غياب سياسة عمل واضحة المعالم، تخص التكوين القاعدي بدءا من فئة الأصاغر، وصولا إلى صنف الأكابر. كما إن مهمة تأطير الشباب يجب أن توكل لأصحاب الخبرة والتجربة. وللأسف، اليد الجزائرية منذ سنوات تنتهج سياسة "البريكولاج " عندما يتعلق الأمر بمشاركاتها في منافسات من المستوى العالي؛ بمعنى يكون العمل مناسباتيا فقط".
وفي سياق متصل، قال نعيم بوقرة: " حان الوقت لتغيير الوضع، والنهوض بالفرع إلى أعلى مستوياته، وذلك بلمّ شمل أبناء أسرة اليد الجزائرية، التي طالما دأبت على تشريف الألوان الوطنية في المحافل الدولية؛ كتلك التألقات المسجلة في عهد المدرب الأسبق عبد العزيز درواز صاحب منطق اللعب 3-3-1".
وبخصوص تقييمه التقني لمباريات دور المجموعات، أفاد رئيس النادي الرياضي لبلدية ميلة لكرة اليد، بأن انهزام الجزائر أمام العملاق الدنماركي، نتيجة منطقية، ومتوقعة أمام منافس تُوج مؤخرا باللقب الأولمبي في دورة باريس 2024، ولكن الخسارة بفارق 25 إصابة (47- 22)، تطرح تساؤلات عن غياب دور كل لاعب فوق ميدان لا يتاح المشاركة فيه إلا بافتكاك إحدى المراتب الثالثة الأولى في البطولات القارية، منوها في الوقت نفسه، بأن المنتخبات الحاضرة في مونديال النرويج، والدانمارك وكرواتيا 2025، بدأت تحضيراتها منذ 5 سنوات على الأقل، وفق منهجية تدريبية تواكب تطور الفرع، وهذا ما تُرجم، فعليا، أمام منتخب "الطليان"، الذي ظهر بمستوى رفيع رغم أنه يملك سجلا متواضعا في عالم الكرة الصغيرة، إلا أنه رفع شعار تحقيق "المفاجأة" . وكان له ذلك عندما ألحق الهزيمة في مباراته الثانية أمام السباعي الجزائري بنتيجة (32-23)، ليضمن بذلك تأهله إلى الدور الرئيس.
أمام المباراة الثالثة التي جمعت الجزائر وتونس، فكانت على شكل داربي مغاربي، عرف ندية كبيرة لرغبة كل منتخب في العبور إلى الدور الثاني، لكن عامل الخبرة سار في اتجاه منتخب "نسور قرطاج" الذي حسم النتيجة لصالحة؛ بدليل إنهاء المباراة بفارق هدف واحد (26-25).
سفيان خلف الله: نتيجة "الخضر" منطقية وواقعية
نفس الانطباع لمسناه عند اللاعب الدولي السابق سفيان خلف الله، الذي رأى أن سفرية النتائج للسباعي الجزائري في خرجته العالمية السابع عشرة، موضوعية بالنظر إلى اللااستقرار الذي عاشه الفريق الوطني أثناء فترة التحضيرات للمونديال، هذا ما فجر موجة غضب من اللاعبين، وأبرزهم هشام داود الذي قال قبل التوجه إلى كرواتيا: "التحضيرات لكأس العالم ليست في المستوى. ولا يوجد أي طرف حاول الاستفسار عنا أو التساؤل عن الإمكانات التي وُضعت تحت تصرفنا". وواصل كلامه: "بهذا التصريح يستوجب على المسؤولين في القطاع، الوقوف على الأسباب الجوهرية وراء الوضعية الكارثية التي يعيشها المنتخب الوطني لفترات طويلة. وتُرجمت سلبا في مونديال الدانمارك 2025. على ما يبدو، حان الوقت لدق ناقوس الخطر في وقت أعطى السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تعليمة تتعلق بإعادة بعث نشاط الرياضات الجماعية بما فيها كرة اليد على مستوى المدارس والجامعات؛ لدرايته الشاملة أن هذه الفروع هي مصدر البهجة والفرجة والمتعة للأنصار بمختلف فئاتهم العمرية، ولكلا الجنسين الذكور والإناث".
كما أفاد خلف الله بأن استخلاص الدروس من التجارب السابقة أمر حتمي، ولا بد منه، "لكن تعامل الاتحادية مع كل إخفاق مسجل في أي تظاهرة رياضية، غير محترف، وغير عقلاني؛ حيث تقوم بتشخيص الوضع بالإحصاءات. والأرقام تسجل على الورق. وبعد مرور فترة المحاسبة والغضب تطوى هذه التقييمات، وتوضع في الدرج. وهكذا دوليك. أيعقل معالجة الأمور بمثل هذه الممارسات في وقت يسابق جيراننا الزمن لمواكبة تطور كرة اليد، الذي يسير بصورة متسارعة؟! بدليل تأهل كل من مصر وتونس وقطر إلى الدور الرئيسي".
كما شدد خلف الله على نقطة غياب التكوين القاعدي، الذي يعد عاملا أساسيا لبلوغ المستوى العالي؛ باعتباره الخزان الرئيس للمنتخبات الوطنية، وبالتالي على الاتحادية تبنّي استراتيجية كتلك المطبقة في الدول الرائدة في هذا التخصص، من خلال إبرام بروتوكولات تعاون معها؛ للاستفادة من خبراتها في مجال التكوين والإعداد، مع استثمار الخبرة المحلية، التي تتمتع بها للوصول إلى المبتغى المشترك، والمتمثل في الخروج باليد الجزائرية من غرفة الإنعاش.
أمين ساحلي: مشروع ميدالية ليس مناسباتيّاً
من جهته، تأسف الدولي السابق أمين ساحلي الذي يتولى حاليا تدريب نادي الأبيار للرجال، للإقصاء المبكر للمنتخب الوطني في المونديال التاسع والعشرين للكرة الصغيرة، الذي تستمر أطواره إلى غاية 2 فيفري القادم، معتبرا هذه النتيجة "مُرة وعقلانية" في أن واحد، بالنظر إلى الوضع الذي عاشه الفريق الوطني قبل انطلاق المغامرة المونديالية.
وأكد الدولي السابق أن التصريحات النارية التي أدلى بها لاعبو السباعي الجزائري قبل التوجه إلى محطة كرواتيا الإعدادية، حملت في نفوس أيوب عبدي ورفقائه شحنة معنوية سلبية، لم يتمكنوا من تجاوزها؛ بدليل الهزائم المتتالية التي تلقوها في المباريات الثالثة من دور المجموعات، مبرزا في الوقت نفسه أن مشكلة التأشيرات لاتزال تشكل عائقا للاتحادية في وقت الرقمنة والتكنولوجيا؛ "لا بد للاتحادية من أن تترفع عن مثل هذه المشاكل، وأن تحل الأمور بالرزانة والعقلانية. والأمور تبقى إدارية بعيدة عن اللاعبين". وتابع: "التحضيرات التي سبقت المونديال لم ترق إلى مستوى رهانات الحدث. وإذا أردنا فعلا تحقيق المفاجأة وصنع الفارق، يجب أن نشرع في التدريبات مبكرا؛ بمعنى خمس سنوات على الأقل؛ لضمان جاهزية تامة للاعبين في مثل هذه التظاهرات، وهذا هو المنطق الرياضي؛ فمشروع ميدالية مرهون بالدعم المالي، وخطة عمل على المستوى البعيد وليس مناسباتياً ".
ولم يتوان أمين ساحلي في رفع نداء النجدة إلى السطات العليا في البلاد، للنظر في وضعية اليد الجزائرية التي صنعت أفراح الجزائر في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، في عهد المايسترو عبد العزيز درواز، الذي كوّن جيلا ذهبيا يعد منقذا للفرع من خلال الاستعانة بخدماتهم، واستثمار كفاءاتهم من أجل النهوض بالرفع، وإلحاق السباعي الجزائري إلى مصاف الكبار".
ورغم كارثية النتائج وخيبة الأمل إلا أن ساحلي أشار إلى أن بعض عناصر المنتخب الوطني أبانوا عن مستواهم العالي، ليؤكدوا بذلك أحقية التحاقهم بفرق تنشط في مختلف البطولات الأوروبية والآسيوية؛ على غرار اللاعب أيوب عبدي، الذي اختير كأحسن لاعب في المباراة الختامية بدور المجموعات أمام المنتخب التونسي.
سلاحجي: الإقصاء يعكس الأزمة الكبيرة لليد الجزائرية
من جانبه، قال الحارس السابق للمنتخب الوطني لكرة اليد، عبد المالك سلاحجي، إن الإقصاء المبكر من بطولة العالم، يعكس الأزمة الكبيرة التي تعيشها الكرة الصغيرة في الجزائر، معبرا عن أسفه على النتائج المسجلة في بطولة العالم، وعلى الوضعية التي آلت إليها كرة اليد الجزائرية.
وقصف عبد المالك سلاحجي بالثقيل عبر حسابه على "فايسبوك" ؛ حيث قال: "كرة اليد الجزائرية الرياضة الأكثر تتويجا بـ 7 بطولات إفريقية، تعيش أزمة عميقة سببها سوء التسيير. الاتحادية أخفقت في وضع استراتيجية واضحة لتطوير اللعبة. أضف إلى ذلك التعامل بالمحسوبية وبقرارات عشوائية، وتهميش الكفاءات واللاعبين الدوليين الذين عندهم شهادات تدريب، وعدم الاهتمام بالمنتخبات الشبانية".
وبصم السباعي الجزائري لكرة اليد بقيادة المدرب فاروق دهيلي، على مشاركة مخيبة في بطولة العالم؛ حيث تكبّد ثلاث هزائم متتالية أمام كل من الدنمارك (47- 22)، و إيطاليا (32-23) وتونس (26-25).
❊ فـروجة. ن