الفريق الوطني لكرة اليد
انكسار تلو انكسار
- 592
تمر المواسم الرياضية وتتشابه على كرة اليد الجزائرية، فمنتخبها الأول، الذي وضعت عليه آمالا كبيرة لإعادة البسمة لمحبي هذه الرياضة، أخفق من جديد على المستوى الدولي، حيث كانت مشاركته في البطولة العالمية التي تجري أطوارها ببولونيا مهزلة بكل المقاييس، بعد أن خسر كل المباريات التي لعبتها، تشكيلة الناخب الوطني غربي، والتي أبانت عن ضعف كبير على كل المستويات.
المتتبعون الذين كانوا يتمنون استفاقة "الخضر" في دورة بولونيا، خاب ظنهم وتيقنوا بصفة قطعية، أن الفريق الوطني لا يمكنه استرجاع هيبته، ما دام هذا الفرع في الجزائر يتكبد نتائج سوء التسيير، سواء على مستوى الهيئة الفدرالية، الرابطات الجهوية أو الأندية، بل أصبح لا أحد يتنبأ باسترجاع هيبة هذه الرياضة، التي كانت في وقت غير بعيد، مفخرة الرياضة الجزائرية على المستويين الوطني والدولي. للوقوف على مشاركة المنتخب الوطني في بطولة العالم، أجرت "المساء" حوارات مع أطراف معروفة في هذه الرياضة، والمتمثلة في رئيس الرابطة الجهوية لباتنة، مهدي اليماني، واللاعب الدولي في السبعينات مولود مخناش، ومدرب مولودية برج بوعريريج فؤاد عطية.
مولود مخناش (اللاعب الدولي السابق): نظام المنافسة وراء تقهقر كرة اليد الجزائرية
حمل اللاعب الدولي السابق في كرة اليد، مولود مخناش، مسؤولية تراجع مستوى هذه الرياضة إلى نظام المنافسة، المطبق منذ ثلاث مواسم في البطولة على كل مستوياتها. محدثنا، الذي كان ضمن الفريق الوطني للسبعينات، تحت قيادة المدرب "كوسطاش"، لم يجد تفسيرا للإجراء الذي اتخذته الاتحاديات المتعاقبة في السنوات الثلاثة الأخيرة، والقاضي برفع عدد الفرق في كل أطوار المنافسة، وتساءل: "هل من الطبيعي أن تشكل كرة اليد الجزائرية الاستثناء، عندما نتحدث عن نظام المنافسة المعمول به عبر العالم؟، وما هي الأسباب التي دفعت اتحادياتنا المتعاقبة إلى تشكيل القسم الممتاز بأربعين فريقا، والقسم الأول بتسعة وثلاثين فريقا؟ هل هذا القرار مبني على معطيات علمية، تمكن كرة اليد الجزائرية من رفع مستواها، أم تم اتخاذه من أجل حسابات ضيقة، ليست لها علاقة بتطور هذه الرياضة؟ شيء مؤسف جدا، عندما نرى اليوم، أن تطبيق هذا النوع من نظام المنافسة، لم يحدث نقلة نوعية على مستوى البطولة، بل أدى إلى وضع كارثي بكل المقاييس، ولم نعد نفهم ما الذي يريد أن يصل إليه المشرفون على الاتحادية، في بعض مباريات كرة اليد، أصبح الفارق بين الفريقين أربعين هدفا، لم يحدث هذا أبدا في المنافسة".
محدثنا، تأسف عن غياب نظام تنافسي ممنهج، يعطي الأولوية للبحث عن النوعية في تكوين اللاعبين، الذين يستحقون فعلا أن يكونوا ضمن صفوف المنتخبات الوطنية، مضيفا أنه يتابع بكل أسف ومرارة، مباريات البطولة التي قال عنها، إنه لم يعد فيها أي طعم، بل هي مملة إلى أبعد حد. كما أشار مولود مخناش، إلى أن لا أحد ينظر إلى مصلحة كرة اليد، عندما يتعلق الأمر بتحديد نوعية المنافسة"، اليوم، كل النوادي همها الوحيد إيصال فرقها إلى القسم الأول والقسم الممتاز، دون البحث عن الحصول على نجاعة التكوين، الذي يجب أن يبقى في أعلى اهتمامات مسيري النوادي، مسؤولية هذا الوضع الكارثي يتحمله الجميع، من أعلى مستوى إلى غاية الرابطات الجهوية والولائية، ليس هناك استثناء لما نتحدث عن غياب روح المسؤولية، عندما يتعين الأمر بتحديد المسؤوليات في شرح هذا الوضع".
أوضح مخناش، الذي قال أيضا، إن ما يحز في نفسه بشكل خاص، يكمن في أن كل المنتخبات التي نلعب ضدها في أعلى مستوى، أصبحت لا تعير لنا أي حساب، بعد أن كانت تخشى منتخباتنا الوطنية، وتابع "أنظروا فقط ماذا حدث لنا في البطولة العالمية الحالية، التي تجري أطوارها في بولونيا، حيث انهزمنا في المباريات الأربعة الأولى، واحدة منها أمام منتخب قطر، اليوم الجميع يتفرج بحسرة على وضعية كرة اليد في بلدنا، وقد طالت أزمتها إلى حد قطع اليأس من إيجاد مخرج لها، فقط أريد أن أقول للاتحادية الجديدة، إنه يتعين عليها إشراك اللاعبين الدوليين السابقين في سياسة استرجاع هبة هذه الرياضة، كونهم شاركوا في صنعها، ولهم تجربة طويلة يمكن الاستفادة منها".
فؤاد عطية (مدرب مولودية برج بوعريريج): تجديد الثقة في المدرب رابح غربي خطأ كبير
بالنسبة لمدرب مولودية باتنة، فؤاد عطية، ما وقع للفريق الوطني في البطولة العالمية لكرة اليد، هو تحصيل حاصل لمسار التحضيرات، التي طبعت استعدادات هذا الأخير لهذه المنافسة الدولية، محدثنا تأسف، حيث قال في هذا الموضوع: "كان الفريق الوطني ينجز تربصات طويلة المدى، تتخللها إجراء مباريات كثيرة مع منتخبات قوية، لكن للأسف الشديد، تراجعنا كثيرا في هذا الجانب، الذي له أهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في منافسة ذات مستوى عال، مثل البطولة العالمية.
التشكيلة الوطنية الحالية، شاركت في ستة مباريات فردية، اثنان في تونس مع فرق محلية، وأربع في المجر ضد فرق محلية والمنتخب المصري، فريقنا انتقل إلى بولونيا مهزوزا من الناحية البدنية، التي كانت أحد أسباب الانتكاسات التي سجلها في مباريات هذه البطولة، مسؤولية هذا الاخفاق، يتحملها أيضا المدرب الوطني غربي، الذي أبان بشكل واضح عن محدوديته في اللعب باستراتيجية واضحة المعالم، وفي إعداد خطة اللعب، أظن أن اتحاديتنا أخطأت لما جددت فيه الثقة، لا سيما أن هذا المدرب كان بدون فريق لما استدعته لأخذ مقاليد العارضة الفنية للفريق الوطني، كيف يتم الاستنجاد بمدرب بقي بعيدا عن ممارسة مهنته في هذه الرياضة؟ أي أنه لم يكن مطلع جيدا على مستوى بطولتنا، وقد عرف هذا المدرب نفس الاخفاق في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي قابلنا فيها منتخبات أجنبية".
محدثنا أعاب بشكل خاص على المدرب غربي، استدعاءه للاعبين لم يكن لهم استعداد بدني لخوض منافسة البطولة العالمية، مثل العناصر التي تنشط في أندية أجنبية، قال عنها فؤاد عطية بأن بطولاتها متوقفة، لقد بات من الواضح -قال محدثنا- "أن اتحاديتنا أخطأت لما جددت الثقة في هذا المدرب، بينما لدينا تقنيين قادرين على رفع الحدي، مثل بوشكريو، الذي أحدث ثورة في كرة اليد البحرينية، وإبراهيم بودرالي، الذي يدرب في قطر، وكمال عقاب، الذي بلغ مستوى كبيرا في مجال التدريب".
فؤاد عطية، تفادى تحميل الهيئة الفدرالية مسؤولية الاخفاق في بطولة العالم، لكنه لم يتوان في انتقاد اللجنة المديرة، التي أعدت انعقاد الجمعية الانتخابية، قائلا بأنها لم تعمل بالشكل الذي يسمح لكرة اليد الجزائرية بالخروج من النفق، الذي تتواجد فيه منذ سنوات، بالرغم، كما قال، من الثقة الكبيرة التي حصلت عليها من الوزارة، ولفترة زمنية طويلة عملت فيها. مهدي يماني (رئيس الرابطة الجهوية لباتنة):الاتحادية ليست مسؤولة عن نتائج "الخضر" في بطولة العالم
قال رئيس الرابطة الجهوية بباتنة، السيد يماني مهدي، إنه لا يمكن تحميل الاتحادية الجديدة النتائج السيئة، التي سجلها الفريق الوطني في البطولة العالمية التي تجري أطوارها ببولونيا، معتبرا أنها هيئة جديدة من حيث تركيبتها البشرية، ولم تنطلق بعد في برنامج عملها، الذي صادقت عليه الجمعية العامة الأخيرة لكرة اليد. وتابع: "ليس من حقنا أن نترك الاتحادية تتكبد مسؤولية ما يحدث للفريق الوطني في بطولة العالم، بل يجب أن نتقاسم هذه المسؤولية، بما فيها مسيري الأندية والمدربين واللاعبين، وإطارات الفرع وغيرهم من الأطراف، التي لها مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة في تسيير رياضة كرة اليد، يجب على الجميع التوجه إلى النقد البناء، لكي يقف كل واحد منا على أخطائه، ويعمل على إيجاد مخرج للمأزق، الذي تتواجد فيه هذه الرياضة".
يماني أرجع الفشل الذريع للمنتخب الوطني، في بولونيا، إلى نظام المنافسة، قائلا عن هذا الأخير: "اليوم وصلنا إلى وضع لا يطاق في مجال تنظيم المنافسة على مستوى كل أطوارها، وليس فقط القسم الممتاز والقسم الأول، بل حتى في البطولات الجهوية والولائية، البطولة تعيش فوضى عارمة، بسبب ارتفاع عدد الفرق المنتمية إلى المنافسة الواحدة، القسم الممتاز بلغ أربعين فريقا، ونفس الشيء بالنسبة للقسم الأول، فضلا عن أن المنافسة في القسم الممتاز كانت مبتورة من أربع مباريات في جولتها الأولى، فكيف تريدون أن يتم رفع مستوى المنافسة، ومعه مستوى اللاعبين الدوليين، الذين ينشطون في البطولة الوطنية؟".
عبر محدثنا عن أسفه العميق، لغياب متابعة مباشرة لمباريات المنتخب الوطني في الإعلام المرئي، وهذا يعني بالنسبة لمحدثنا، غياب اهتمام تام بفرع كرة اليد، بعد أن كان هذا الأخير في صدارة الرياضة الجزائرية، في الثمانينات والتسعينات.