مقتل 13 شخصا في فضّ اعتصام للمتظاهرين بالخرطوم
أزمة السودان في منعرج خطير
- 1129
أخذت القبضة الحديدية المستمرة منذ عدة أسابيع بين الحكام العسكريين الانتقاليين في السودان والمتظاهرين السلميين المطالبين بنقل السلطة للمدنيين منعرجا داميا، أمس، إثر سقوط ما لا يقل عن 13 قتيلا وعشرات الجرحى في عملية أمنية لفض اعتصام المحتجين بالعاصمة الخرطوم.
وشهدت ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم إطلاق نار واشتباكات بما أدى إلى سقوط قتلى ارتفع عددهم تباعا من خمسة إلى تسعة إلى 13 قتيلا مع إصابة نحو 116 آخرين حالة بعضهم وصفت بالخطيرة.
وفور تداول الأخبار عن سقوط قتلى في صفوف المتظاهرين سارع المجلس العسكري الانتقالي لنفي استعماله للقوة لفض الاعتصام، وقال المتحدث باسمه الفريق شمس الدين الكباشي أن «ما حدث كان عملا عسكريا استهدف منطقة معينة متاخمة لميدان الاعتصام مثلت بؤرة للفساد ومصدرا للانفلات الأمني». وأضاف «عندما بدأت القوات في تنظيف المنطقة المسماة كولمبيا فرّ بعض المنفلتين إلى داخل ميدان الاعتصام وهو ما أدى إلى توتر بداخله».
من جانبها أعلنت الشرطة في بيانات لها أنها «أفرغت ساحة الاعتصام من المعتصمين ولن تسمح بعودتهم».
ولكن المعارضة ممثلة في قوى الحرية والتغيير لم تقتنع بتبريرات المجلس العسكري واتهمت هذا الأخير وقوات الأمن بـ»محاولة تأزيم الموقف والالتفاف على الثورة» وردت بإعلانها عن وقف لكل اتصال سياسي مع المجلس العسكري ودعت إلى إضراب وعصيان مدني عام وغير محدود، ابتداء من نهار أمس، بهدف «إسقاط النظام».
وكان ألاف السودانيين يعتصمون أمام مقر قيادة الجيش للضغط على المجلس العسكري لتسريع عملية تسليم السلطة إلى المدنيين، غير أن الأمور انعكست أمس بـ 380 درجة بعدما كان ينتظر أن يعود الطرفان المتنازعان إلى طاولة الحوار للتفاوض حول سبل احتواء الخلافات القائمة بينهما بخصوص قيادة المرحلة الانتقالية وكيفية نقل السلطة إلى المدنيين، فإذا بالسودانيين يستيقظون على وقع اشتباكات دامية زادت في تأزيم وضع هو في الأصل معقد.
وتعد أحداث، أمس، الأكثر دموية في السودان منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية السلمية نهاية العام الماضي التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير شهر أفريل الماضي بمثابة سفارة إنذار على خطورة الوضع وبما يتطلب من الطرفين المتخاصمين التحلي بالتعقل والهدوء لتفادي مزيد من الانزلاقات الدامية قد تدخل هذا البلد العربي في متاهة لا يحمد عقباها.
وجاءت انزلاقات، أمس، بعدما كان المجلس العسكري قد اعتبر أن تسليم الحكم لحكومة مدنية في الوقت الحالي سيكون «فوضى» وهدّد بـ»حسم أي فوضى في البلاد بقوة القانون».
وعلى إثر هذه التطوّرات الخطيرة في السودان حثت السفارة الأمريكية في الخرطوم العسكريين على وقف ما وصفته بالعملية «غير مبررة» لفض المعتصمين وحملت المجلس العسكري الانتقالي مسؤولية ما حدث.
وبينما دعت مصر التي استقبلت مؤخرا رئيس المجلس العسكري «كل الأطراف السودانية إلى التحلي بالهدوء والتعقل والعودة إلى طاولة التفاوض»، طالب الاتحاد الإفريقي بإجراء تحقيق فوري في أحداث العنف في السودان حيث أدان موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي بشدة سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين. أما الاتحاد الأوروبي فقد دعا قيادات الجيش السوداني إلى نقل سريع للسلطة إلى قوى مدنية والسماح بالاحتجاج السلمي في البلاد.
وكانت الأمم المتحدة وعدة دول قد طالبت، مؤخرا، بضرورة التزام كافة الأطراف بالهدوء وضبط النفس والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار.
ودعا الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس المجلس العسكري وقادة الاحتجاجات في السودان إلى استئناف المحادثات بهدف التوصل سريعا إلى اتفاق لتسليم السلطة لحكومة يقودها مدنيون في أقرب وقت ممكن.
كما أهاب مؤتمر القمة الإسلامية في دورته الرابعة عشرة المنعقدة في مكة المكرم، نهاية الأسبوع الماضي، بجميع الأطراف السودانية مواصلة الحوار البناء من أجل الحفاظ على السلام والتماسك الاجتماعي في البلاد بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني في الانتقال السلمي للسلطة وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.