"حماس" تؤكد أن المعادلة واضحة:
"إطلاق الأسرى مقابل وقف الحرب"

- 292

حذّرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أمس، من أن كل يوم تأخير لوقف إطلاق النّار في قطاع غزّة يعني مزيدا من القتل للمدنيين العزّل من أبناء الشعب الفلسطيني ومصيرا مجهولا لأسرى الاحتلال الصهيوني.
قالت الحركة في بيان مقتضب بأن "المعادلة واضحة.. إطلاق الأسرى مقابل وقف الحرب.. العالم يقبلها ونتنياهو يرفضها" في إشارة إلى رئيس حكومة الاحتلال الذي يصر على الضغط العسكري كوسيلة لتحرير أسراه رغم أنه وعلى مدار عام ونصف كامل من حرب الإبادة لم يتمكن جيش الاحتلال من تحرير أسراه بالقوة العسكرية، بل على عكس تسبب في أكثر من مرة في مقتلهم في عمليات القصف الجنونية والهمجية التي تطال القطاع المنكوب.
كما أكدت أن تصاعد الدعوات داخل الكيان المحتل لوقف الحرب وتحرير الأسرى، يؤكد مسؤولية نتنياهو عن إدامة الحرب وعن معاناة أسراه والشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن دماء أطفال غزّة وأسرى الاحتلال ضحايا طموحات نتنياهو للبقاء في الحكم وللهروب من المحاكمة.
وعاد الحديث عن مفاوضات بالعاصمة القاهرة، من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النّار في قطاع غزّة الذي يعيش على وقع موجة ثانية من حرب إبادة عنيفة خلّفت سقوط آلاف الشهداء والجرحى، وفاقمت الوضع الإنساني المأسوي أكثر في غزّة المحاصرة حصارا مطبقا يحرم سكانها من الماء والغذاء والدواء وأدنى متطلبات الحياة.
بينما كشفت مصادر من "حماس" لـ"المساء" أمس، عن توجه وفد مفاوض عنها بقيادة القيادي خليل الحية، إلى القاهرة للشروع في جولة جديدة من المفاوضات على أمل التوصل مجددا إلى التهدئة، قال مصدر من الحركة لم يكشف عن هويته "أمل أن يحقق اللقاء تقدما حقيقيا للتوصل لاتفاق لوقف الحرب ووقف العدوان وانسحاب قوات الاحتلال الكامل من قطاع غزة".
واستأنف جيش الاحتلال في 18 مارس الماضي، عملياته العسكرية الدامية في قطاع غزّة وشن غارات مكثفة، منتهكا بذلك وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه شهر جانفي الماضي، واستمر لمدة شهرين بعد انتهاء الجولة الأولى من الصفقة وتنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي من بدء المرحلة الثانية من الاتفاق.
وكانت تقارير صحفية أشارت إلى أن مصر قدمت مؤخرا مقترحا جديدا لوقف العدوان الصهيوني الدامي على غزّة، تضمن طلاق سراح 8 إسرى اسرائيليين أحياء مقابل وقف إطلاق النار لمدة تتراوح بين 40 و50 يوما والإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، علاوة عن استئناف نقل المساعدات الإنسانية إلى غزّة وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى مواقعها قبل عودة الحرب في 17 مارس الماضي.
كما راحت وسائل إعلام عبرية تتحدث أمس، عن تقديم حكومة الاحتلال لعرض جديد في مفاوضات إطلاق النّار، في نفس الوقت الذي شددت فيه آلة الدمار الصهيونية من حربها على غزّة، حيث يستمر القصف الجوي والمدفعي بكثافة ووتيرة جد متسارعة وخطيرة تخلّف يوميا سقوط المزيد من الشهداء والجرحى والدمار والخراب.
وكعادته صعد جيش الاحتلال، أمس، من عدوانه على غزّة، حيث أعلن استيلاءه على منطقة هامة في جنوب غزّة ويهدد بتوسيع عملياته العسكرية، حيث أمر سكان مدينة خانيونس بإخلائها في عملية تهجير قسرية أخرى يتعرض لها سكان القطاع المنكوب الذين خانتهم كل الظروف من حولهم.
مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
تهجير السكان المدنيين في غزّة جريمة ضد الإنسانية
أكدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن تهجير السكان المدنيين في غزّة بشكل دائم يمثل انتهاكا جسيما لاتفاقية جنيف الرابعة، وجريمة ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي.
ذكرت المفوضية أن إصدار الكيان الصهيوني بشكل متصاعد "أوامر الإخلاء" أدى إلى نقل فلسطينيين في غزّة قسرا نحو مساحات تزداد تقلصا. وقالت المتحدثة باسمها رافينا شامداساني، إن "تهجير السكان المدنيين بشكل دائم داخل الأرض المحتلة يرقى إلى مستوى الترحيل القسري وهو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة وجريمة ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي". وتفيد التقارير بأن عشرات الآلاف من الفلسطينيين محاصرون في رفح، بما في ذلك منطقة تل السلطان من دون أي وسيلة للخروج منها أو الحصول على المساعدات الإنسانية.
من جانبه قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" إن الكيان الصهيوني أصدر أمري نزوح جديدين يغطيان مساحات شاسعة في شمال وجنوب غزة وتمتد هذه المناطق مجتمعة على مساحة تزيد عن 24 كيلومترا مربعا. وأضاف أن العديد من المرافق الطبية ومواقع التخزين التي تحتوي على إمدادات أساسية تقع ضمن مناطق النزوح المحددة حديثا، محذّرا من أن هذا قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على حياة الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى الرعاية.
ويواصل جيش الاحتلال الصهيوني عدوانه البري العسكري المصحوب بقصف عنيف ومكثف في "حي الشجاعية" شرق مدينة غزّة ومدينة رفح جنوب القطاع كما وجه آلة دماره أمس، على خانيونس التي امر سكانها بإخلائها. كما اقترف جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة جرائمه المنظمة بتعمده حرمان سكان غزّة من الحد الأدنى من المياه اللازمة للبقاء على قيد الحياة، عبر استهداف البنية التحتية المائية بشكل ممنهج ووقف خطوط الإمداد وتدمير محطات وآبار المياه، وقطع الكهرباء والوقود اللازم لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة، في بيان له أمس، أن الاحتلال عطّل عمداً خطي مياه "ميكروت" شرق مدينة غزّة وفي المحافظة الوسطى، واللذين يوفران أكثر من 35 ألف متر مكعب من المياه يومياً لأكثر من 700 ألف مواطن. وأوقف كذلك خط الكهرباء الذي يغذّي محطة تحلية المياه في منطقة دير البلح، مما أدى لتوقفها الكامل عن إنتاج المياه المحلاة، وعرض حياة نحو 800 ألف مواطن في محافظتي الوسطى وخانيونس لخطر العطش الشديد.
وفي سياق هذه السياسة الممنهجة قامت قوات الاحتلال بتدمير أكثر من 90 بالمئة من بنية قطاع المياه والصرف الصحي ومنع وصول الطواقم الفنية لإصلاح الأعطال واستهداف العاملين أثناء أداء مهامهم الإنسانية، وكذلك منع الاحتلال دخول الوقود اللازم لتشغيل الآبار ومحطات التحلية وسط استمرار انقطاع الكهرباء وقصف خزانات المياه ومحطات التحلية وآبار المياه بشكل متعمد، وتحويل المياه إلى سلاح حرب وجريمة قتل جماعي بطيء. وسجلت الطواقم والجهات الحكومية المختصة في قطاع غزة الى غاية الآن أكثر من 1,7 مليون حالة مرضية مرتبطة بالمياه، من بينها حالات إسهال والمرض المعوي الالتهابي الحاد الذي يطلق عليه "الزُّحار" والتهاب الكبد الوبائي أ، علاوة عن وفاة أكثر من 50 مواطنًا غالبيتهم أطفال بسبب الجفاف وسوء التغذية في ظل تقاعس دولي مخزٍ عن وقف هذه الجرائم المروعة.
وحذّر المكتب من كارثة إنسانية وبيئية كبرى باتت تتهدد قطاع غزّة المحاصر منذ 18 عاماً، والذي يتعرض للإبادة منذ أكثر من 550 يوماً بشكل متواصل، مؤكدا أن تعمد الاحتلال حرمان السكان من المياه يشكل جريمة حرب وفقًا لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وجريمة إبادة جماعية كما خلصت إليها تقارير لجنة التحقيق الدولية الأممية وانتهاكًا صارخًا للتدابير الاحترازية الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي دعت إلى ضمان وصول المياه والغذاء لسكان غزّة دون عوائق.
ووجه نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة بضرورة التحرك الفوري والفاعل لوقف جريمة التعطيش، وفرض دخول الوقود والمعدات وفرق الإصلاح للمرافق المائية. كما دعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكّرات اعتقال جديدة بحق قادة الاحتلال الذين يواصلون استخدام المياه كسلاح إبادة جماعية في قطاع غزّة، وعلى رأسهم وزير الحرب الإسرائيلي الحالي والسابق. ودعا المنظمات الحقوقية والإنسانية إلى تأكيد إعلان غزّة منطقة منكوبة بيئيًا والضغط لفتح المعابر فورًا وتأمين إمدادات المياه والصرف الصحي.