قمة أوباما - بوتين دامت أكثر من ساعة ونصف

اتفاق على محاربة "داعش" واختلاف حول مصير الأسد

اتفاق على محاربة "داعش" واختلاف حول مصير الأسد
  • القراءات: 899
شكلت القمة التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي باراك اوباما بمقر الأمم المتحدة اختراقا دبلوماسيا مهما في طريق إنهاء الأزمة السورية. ويمكن القول أن لقاء الرئيسين يعد أهم حدث يعرفه مسار هذه الحرب منذ اندلاعها قبل أربع سنوات من منطلق أن هذا التقارب قد يشكل بداية نهاية أزمة فشلت كل المبادرات والحلول المقترحة لاحتوائها. وهي القناعة التي تكرست بعد فشل المساعي الأممية في إنهاء ثورة شعبية تحولت الى حرب أهلية حقيقية بأطراف داخلية متعددة من حيث منطلقاتها الإيديولوجية وولاءاتها الإقليمية. ويجب النظر إلى الدورين الروسي والأمريكي في معادلة الحرب السورية من زاوية تأثير كل دولة على صيرورة هذه الحرب بحكم علاقاتهما المتميزة مع هذا الطرف أو ذاك. ورغم أن مصافحة الرئيسين كانت "جليدية" وفق كل التقارير الإعلامية على خلفية البرودة التي ميزت علاقات بلديهما منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، إلا أن بوتين واوباما اقتنعا بضرورة عقد قمة أصبحت أكثر من حتمية لإنهاء المعضلة السورية وقبلا مكرهين أن إقامة تعاون بينهما وحده الكفيل بوضع حد لها. 
ولكن ذلك لا يمنع من القول أن التباين في مواقف البلدين مازال قائما وكبيرا وخاصة حول كيفية إخراج سوريا من عنق زجاجة حرب أهلية حصدت 250 ألف شخص. ويكون مثل هذا الشعور هو الذي جعل اللقاء يدوم لأكثر من ساعة ونصف بعد أن تكون حساباتهما الإستراتيجية وسعي كل  منهما للمحافظة على مصالح بلاده قد فرضت نفسها على محادثات وصفت بـ"التاريخية" والتي عادة ما تدخل في سياق نظرية الأمن القومي للبلدين اللذين يعتبران أن منطقة الشرق الأوسط أو ما يعرف بالمياه الدافئة تبقى مجالا حيويا خسارة كل شبر فيه يعني انه سيذهب لصالح غريمه. 
والمفارقة أنه رغم طغيان هذه الحسابات إلا أن بوتين واوباما اقتنعا أن من مصلحتهما إخفاء سيف المواجهة وإنهاء التعامل بسياسة رفض الآخر لان ذلك سيؤدي حتما إلى خسارة متبادلة لا أحد منهما يريدها وقد وجدا في انعقاد أشغال الجمعية العامة الأممية فرصة لا يجب تضييعها لعقد القمة قبل فوات الأوان بعد أن التقيا في هدف تدمير تنظيم الدولة الإسلامية ووضعاه أولوية بسبب خطره المحدق على كل التوازنات في منطقة لا تعرف الاستقرار. وتلك هي القناعة التي جعلت الرئيس الروسي يؤكد أن العمل المشترك بين بلاده والولايات المتحدة يجب أن يتدعم بما يستدعي التفكير في وضع آليات مناسبة لتحقيق ذلك. ويبدو أن الجانبين بدا فعلا في وضع هذه الآليات إذا أخذنا بتصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بوجود محادثات تمت بين وزيري الدفاع في البلدين ووزيري الخارجية لتحقيق الهدف المشترك بالقضاء على تنظيم "داعش". 
وهو تقارب جعل روسيا تبدي استعدادها لشن ضربات جوية ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا والعراق في تحول يؤكد على دور متزايد لروسيا في المعادلة الشرق أوسطية التي أفرزتها رياح الربيع العربي التي بدت في البداية انها بحث عن الديمقراطية والحرية قبل أن تتحول الى حرب تدميرية. ولكن هذا التقارب قد يصطدم بتصور كل طرف للمستقبل السياسي للرئيس السوري بشار الأسد الذي تريد واشنطن أن ترهن بقاءه بمدة زمنية قبل رحيله النهائي بقناعة انه لم يعد صالحا لمرحلة ما بعد عودة الاستقرار ضمن مقاربة لا يقاسمها الرئيس الروسي الذي أكد بصريح العبارة انه يحترم الرئيسين أوباما وهولاند اللذين يصران  على ذهابه ولكنهما ليسا رعيتين سوريتين حتى يقررا مصير رئيس دولة مستقلة.
وهي رسالة قوية قد تدفع بالدول الغربية الى إعادة النظر في مواقفها إزاء هذه المسالة إن كانت تبحث فعلا عن تسوية سلمية للازمة السورية.