لتفادي كل انزلاق للمظاهرات الاحتجاجية في بلاده
العاهل الأردني ينهي مهام وزيره الأول بطريقة سلسة
- 501
عَيّن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس وزير الثقافة عمر الرزاز في منصب الوزير الأول، وكلفه بتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة الوزير الأول المستقيل هاني الملقي، الذي قرر الانسحاب في سياق موجة الاحتجاجات الشعبية المتواصلة ضده منذ أسبوع.
واضطر الوزير الأول هاني الملقي لتقديم استقالته تحت ضغط المظاهرات الاحتجاجية الرافضة قراراته الأخيرة، الرامية إلى رفع نسب الضريبة على الدخل، والزيادة في أسعار الوقود والكهرباء، وانعكاساتها المباشرة على القدرة الشرائية لشرائح واسعة في المجتمع الأردني.
وأكدت مصادر أردنية أن الملقي قدم استقالته بصفة رسمية للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي استدعاه صباح أمس إلى القصر الملكي لبحث الموقف حول تطورات القبضة بينه وبين آلاف المتظاهرين الأردنيين الذين طالبوه بالرحيل.
ويمكن القول إن الوزير الأول المستقيل يكون فهم جيدا خلفيات تصريحات الملك عبد الله الثاني أول أمس، عندما أكد أنه لا يجب أن يكون المواطن الضعيف في كل مرة ضحية كل سياسات اقتصادية في البلاد، واعتبر ذلك بمثابة دعوة ملكية «مهذبة» باتجاهه لتقديم استقالته.
ويستلم الوزير الأول الجديد مهامه وسط هامش مناورة محدود بالنظر إلى إصرار عامة الأردنيين على رفض الإصلاحات الاقتصادية، التي حاولت الحكومة الماضية تمريرها، وبين شح الخزينة العمومية وضغوط صندوق النقد الدولي، الذي يصر، من جهته، على حتمية القيام بإصلاحات هيكلية تكون تبعاتها قاصمة للقدرة الشرائية لشرائح واسعة في المجتمع الأردني، التي لم تعد تستطيع تحمّل أعباء إضافية لسياسات اقتصادية فشلت في إيجاد توازن بين اقتصاد متأثر بتبعات الأزمات الإقليمية، وبين شارع غير قادر على دفع المزيد من التضحيات.
وهو منطق جعل الوزير الأول المستقيل يقتنع هو الآخر، بأنه فشل في مهمته، وأنه لن يستطيع إقناع آلاف الأردنيين الذين خرجوا إلى شوارع مختلف مدن البلاد، للتعبير عن رفضهم سياسته الاجتماعية والمطالبة برحيله.
وشكّل استمرار هذه المسيرات الاحتجاجية نقطة لا رجوع فيها، اقتنع معها العاهل الأردني بضرورة التضحية بوزيره الأول، لنزع فتيل ثورة شعبية، بدأت تتفاقم من سهرة رمضانية إلى أخرى.
وشكلت هذه المظاهرات أول اصطدام للوزير الأول الراحل هاني الملقي مع المواطنين منذ تعيينه في منصبه شهر ماي من عام 2016، بعد أن انتهج سياسة اقتصادية صادمة، فرضتها شروط صندوق النقد الدولي، وتحمّل المواطن الأردني العادي تبعاتها المباشرة.
وكان قرار الحكومة فرض ضريبة على الدخل شملت حتى ذوي الأجور الزهيدة، بمثابة «القطرة التي أفاضت كأس» غضب الشارع الأردني، الذي لم يفوّت هذه المناسبة للتعبير عن رفضه تحمّل سياسات حكومية فاشلة، خاصة أن القرار جاء موازاة مع فرض زيادات في أسعار الوقود والكهرباء خلال شهر رمضان الفضيل، الذي عادة ما تعرف العائلات المسلمة فيه إنفاقا إضافيا.
ورغم أن المقلي تعهّد بعرض مشروع القانون لقراءة ثانية أمام نواب البرلمان في إشارة إلى إمكانية إدخال تعديلات طفيفة عليه، إلا أن ذلك لم يرق لأن يهدّئ من درجة الرفض لدى المتظاهرين، الذين طالبوه سهرة أول أمس، بالرحيل ضمن مطلب، يكون قد وصل إلى مسامع العاهل الأردني، الذي فضّل التضحية بوزيره الأول لإخماد موجة غضب أوسع.