في تقرير عنوانه "بتحس أنك مش بني آدم"
"العفو الدولية" تؤكد ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة
- 361
أكدت منظمة "العفو الدولية" في تقرير جديد أصدرته مؤخرا ووصف بـ"التاريخي"، أن بحوثها وجدت أدلةً وافيةً تثبت أن إسرائيل قد ارتكبت، ولا تزال، ترتكب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المنكوب.
ووثقت المنظمة الحقوقية، في تقريرها تحت عنوان "بتحس إنك مش بني آدم"، فتح إسرائيل أبواب الجحيم والدمار على الفلسطينيين في قطاع غزة، بصورة سافرة ومستمرة، مع الإفلات التام من العقاب، أثناء هجومها العسكري على القطاع في أعقاب الهجمات التي قادتها حركة المقاومة الاسلامية "حماس" على جنوب الكيان الصهيوني في السابع اكتوبر من العام الماضي.
وقالت الأمينة العامة للمنظمة، أنياس كالامار إن "تقرير العفو الدولية بوضوح أن إسرائيل ارتكبت أفعالا تحظرها اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بقصد خاص ومحدّد وهو تدمير الفلسطينيين في قطاع غزة". وتشمل هذه الأفعال، قتل الفلسطينيين في قطاع غزة وإلحاق أذى بدني أو نفسي بهم وإخضاعهم عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي، مضيفة أنه "على مدى شهور، ظلت إسرائيل تعامل الفلسطينيين وكأنهم فئة دون البشر لا يستحقون حقوقا إنسانية ولا كرامة وأظهرت أن قصدها هو تدميرهم المادي". وقالت إنه "يجب أن تكون نتائجنا الدامغة بمثابة صيحة تنبيه للمجتمع الدولي.. هذه إبادة جماعية ولا بد أن تتوقف الآن". كما شدّد كالامار على ضرورة أن تدرك الدول، التي تواصل توريد الأسلحة لإسرائيل في هذا الوقت، أنها تخل بالتزامها بمنع الإبادة الجماعية وأنها عرضة لأن تصبح متواطئة فيها.
وودعت جميع الدول التي تمتلك نفوذا على إسرائيل، وخاصة أهم الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، للتحرك الفوري. ولكن أيضًا الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من أجل إنهاء الفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين".
وتطرّق التقرير إلى التطهير العرقي والحصار القاسي الذي يفرضه جيش الاحتلال خلال الشهرين الأخيرين على شمال غزة، حيث يكابد السكان المحاصرون التجويع والتهجير القسري والإبادة وسط القصف المتواصل عليهم بلا هوادة والقيود الخانقة التي تحول دون وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للأرواح إليهم.
وفحصت "العفو الدولية" أفعال إسرائيل في قطاع غزة عن كثب وفي مجملها، آخذة بعين الاعتبار تكرارها وتزامن حدوثها، وكلا من آثارها الفورية وعواقبها التراكمية التي يعزز بعضها بعضا. وأخذت في الحسبان حجم وشدة الخسائر البشرية والتدمير على مر الزمن. كما حللت التصريحات العلنية الصادرة عن المسؤولين، وتبيَن لها أن الأفعال المحظورة كثيرا ما أعلن عنها أو طالب بها في المقام الأول مسؤولون رفيعو المستوى مسؤولون عن جهود الحرب.
ويعاين تقرير "أمنستي" بالتفصيل انتهاكات إسرائيل في قطاع غزة على مدى الأشهر التسعة الأخيرة التي انقضت بين 7 أكتوبر 2023 وأوائل جويلية 2024. وأجرت مقابلات مع 212 شخص، من بينهم ضحايا وشهود فلسطينيون وأفراد من السلطات المحلية في قطاع غزّة وعاملون في مجال الرعاية الصحية.
كما أجرت أبحاثا ميدانية وعكفت على تحليل مجموعة واسعة من الأدلة المرئية والرقمية، بما فيها صور الأقمار الصناعية. وحللت أيضا تصريحات كبار المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين والمسؤولين العسكريين والهيئات الرسمية الإسرائيلية وأطلعت السلطات الإسرائيلية على نتائجها مرات عديدة، ولكنها لم تتلق أي رد جوهري منها حتى وقت نشر التقرير.
وتطرق التقرير إلى نطاق وحجم لم يسبق لهما مثيل من الخسائر الفادحة في الأرواح وقد سجلت إلى غاية إعدادها هذا التقرير استشهاد 42 ألف فلسطيني، من بينهم أكثر من 13 ألف و300 طفل وإصابة ما لا يقل عن 97 ألف آخرين، مؤكدا أن كثيرا منهم سقطوا في هجمات مباشرة أو عشوائية متعمدة، أسفرت في كثير من الأحيان عن إبادة عائلات متعددة الأجيال بأكملها.
كما تحدث عن الدمار والخراب الهائلين الذي لم يسبق لهما مثيل في أي صراع في القرن 21 بشهادة خبراء أكدوا أن العدوان الصهيوني أتى على مدن بأكملها حتى سواها بالأرض ودمر المرافق الحيوية للبنية التحتية والأراضي الزراعية والمواقع الثقافية والدينية، محرقا الأخضر واليابس في قطاع غزة حتى أحال مناطق واسعة منه إلى أرض خراب غير صالحة للعيش.
وفرضت إسرائيل ظروفا معيشية في القطاع خلقت مزيجا من سوء التغذية والجوع والمرض وساقت الفلسطينيين إلى موت بطيء ومتعمّد. كذلك أخضعت المئات منهم للاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
وتعد بعض الأفعال التي شملها تحقيق منظمة العفو الدولية، عند النظر إليها بمعزل عن غيرها، انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان. ولكن إذا ما أُخذت بعين الاعتبار صورة الحملة العسكرية الإسرائيلية في مجملها، وما ترتب على سياسات إسرائيل وأفعالها من آثار تراكمية، فعندئذ يتجلى قصد الإبادة الجماعية باعتباره الاستنتاج المنطقي الوحيد.