وسط إذعان شركات وترقّب أخرى

العقوبات الأمريكية ضد إيران تدخل حيز التنفيذ

العقوبات الأمريكية ضد إيران تدخل حيز التنفيذ
الرئيس دونالد ترامب
  • 712
❊م. مرشدي ❊م. مرشدي

دخلت العقوبات الأمريكية على إيران أمس حيز التنفيذ، أرفقها الرئيس دونالد ترامب بإعذار باتجاه كل من يخالف قراره ويجرؤ على عقد صفقات تجارية أو استثمارية مع إيران، ضمن حزمة عقوبات وصفها بأقسى العقوبات التي تسلطها بلاده ضد إيران.

واستيقظ الإيرانيون أمس على وقع مفعول هذه العقوبات وسط مخاوف من آثارها المباشرة على واقعهم المعيشي، وهم الذين استبشروا خيرا قبل ثلاث سنوات، بغد أفضل بعد التوقيع على الاتفاق النووي، الذي سمح برفع العقوبات السابقة عن بلادهم.

لكن قرار الرئيس الأمريكي المفاجئ بالانسحاب من هذا الاتفاق بداية شهر ماي الماضي، بمثابة ضربة قاصمة لآمالهم خاصة بعد تدافع شركات دولية عملاقة على أبواب إيران؛ بهدف الحصول على صفقات تجارية ومشاريع الاستثمار في شتى القطاعات، ولكنها قررت أمس الانسحاب ثانية من السوق الإيرانية لتفادي إثارة غضب الرئيس الأمريكي متقلب الأطوار وصاحب مواقف مزاجية لا يمكن التكهن بتبعاتها.

ولم يجد الرئيس الإيراني حسن روحاني لتهدئة نفوس مواطنيه أمس، سوى القول إن العقوبات الجديدة تدخل ضمن حرب نفسية، تريد الإدارة الأمريكية شنها ضد بلاده لإثارة الفوضى في أوساط الشعب الإيراني، رافضا كل فكرة للتفاوض معها بهدف إعادة النظر في الاتفاق النووي لسنة 2015.

ويبدو أن رسائل الطمأنة التي بعث بها الرئيس روحاني لم تلق ذلك التجاوب المرجو من طرف شرائح واسعة داخل المجتمع الإيراني، في ظل التخاذل الذي ميز مواقف الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي، والتي تَأكد أمس أن وعودها بالوقوف إلى جانب إيران، لم تكن سوى مواقف ظرفية، ما لبث أن فضحتها قرارات الرئيس الأمريكي، وأكدت على محدودية هامش المناورة لديها لرفض حزمة العقوبات التي بقدر ما تمس الاقتصاد الإيراني فإنها ضربت أيضا الشركات الأوروبية العاملة في إيران.

وقد اكتفت الدول الأوروبية بالتنديد فقط بفرض الإدارة الأمريكية عقوباتها على إيران؛ ليس حبا في هذه الأخيرة، ولكن لأن كبرى شركاتها التي ظفرت بأكبر صفقات استثمارية في هذا البلد بعد رفع العقوبات عليه سنة 2015، ستدفع الثمن غاليا بسبب الوعيد الأمريكي بمعاقبتها في حال رفضت توقيف أنشطتها والانسحاب بشكل نهائي منه.

ولأن القاعدة العامة في النظام الرأسمالي تعتمد على مقولة إن «الرأسمال جبان» فإن شركة بثقل شركة ديملر الألمانية لصناعة السيارات الفاخرة والشاحنات، ارتأت التعامل مع التطورات الحاصلة بنظرة براغماتية، وقررت الانسحاب من إيران تماما كما فعلت نظيرتها الفرنسية «بيجو» وشركة «طوتال» النفطية، التي رأت من مصلحتها التضحية بمشاريعها لتفادي العقوبات الأمريكية، خاصة فكرة منعها من الاستثمار في قطاع النفط الأمريكي.

واتخذت شركة «ديملر» قرارها رغم بيان الاتحاد الأوروبي بحماية استثمارات شركاته في إيران؛ ضمن موقف أكد أن المتعاملين الأوربيين لا يثقون في ساسة بلدانهم، الذين لا يترددون في التضحية بمصالح شركاتهم متى رأوا منفعة سياسية في ذلك.

وتأكد أمس أن العملاق الألماني لصناعة السيارات أخذ تهديدات الرئيس ترامب بكثير من الجدية، بعد أن توعد كل من يقوم بإبرام صفقات مع إيران، بحرمانه من صفقات في الولايات المتحدة»، وهو مثال قد تحذو حذوه شركات أوروبية أخرى خلال الأيام القادمة؛ بما يعزز موقف الإدارة الأمريكية، ويقلص من هامش التحرك بالنسبة لإيران، التي قد تجد نفسها مرغمة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات؛ تماما كما ألح على ذلك الرئيس الأمريكي...

 

م. مرشدي